الناس في صلة الرحم على ثلاث مراتب:

1- واصل، وهو الذي يصل من قطعه، ويعطي من منعه.

2- مكافئ: وهو الذي يعطي من يعطيه، ويصل من يصله.

3- قاطع: وهو الذي لا يصِل ولا يوصَل، ولا يعطِي ولا يُعطَى. وأشد منه، من يصله غيره وهو يقاطعه، ويعطيه وهو يمنعه، ويحسن إليه وهو يسيء إليه، ويحلم عنه وهو يجهل عليه. وكما تقع المكافأة بالصلة من الجانبين كذلك تقع المقاطعة من الجانبين، ومن بدأ بالقطيعة فهو القاطع، ومن بدأ بالصلة بعد القطيعة فهو الواصل، فإن جوزي سمي من جازاه مكافئًا.[1]

قال القاضي عياض[2]: " ولا خلاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة، وقطيعتها معصية كبيرة، ولك[3]ن الصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام. ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب، ولو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعًا، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له لا يسمى واصلاً ".

وينبغي للعاقل أن يبادر إلى صلة ذي الرحم الكاشح، وأن يدفع ما عنده من الضغينة والبغضاء، بالإحسان والإغضاء، وأن يقتل شيطان حقده وحسده، بسهام بره وإحسانه، وتفقده، كما قال تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت 34].

وعن حكيم بن حزام ـ رضي الله عنه ـ أن رجلاً سأل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الصدقات أيها أفضل؟ قال: " على ذي الرحم الكاشح "[4]

والكاشح: هو الذي يضمر عداوته في كشحه وهو خصره، والمعنى: أن أفضل الصدقة على ذي الرحم القاطع الذي يضمر العداوة في باطنه.[5]

وكما ذكرت آنفًا فإن مقابلة الإحسان بالإحسان مكافأة ومجازاة، والصلة الحقيقية هي أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك.

يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قَطَعت رحمه وصلها"[6].

وجاء إليه رجل فقال: "يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تُسِفُّهم المَلّ، ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دمت على ذلك"[7].

والمل: هو الرماد الحار، وتسفهم: أي تطعمهم، ومعناه أنك بالإحسان إليهم تذلهم وتخزيهم وتحقرهم في أنفسهم لكثرة إحسانك إليهم وقبيح فعلهم معك، فهم من الخزي والحقارة عند أنفسهم كمن يأكل الرماد الحار.

وقيل: إن المراد هو تشبيه ما يلحقهم من الإثم والعذاب بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم.[8]

وعن عقبة بن عامر الجهني قال: قال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " يا عقبة، ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة ؟: تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك "[9].

ومقابلة الإساءة بالإحسان، والقطيعة بالصلة، والجحود بالجود، والظلم بالعفو، منزلة رفيعة، ومقام جليل القدر، لا يوفق له ويقوى عليه إلا أولوا الحلم والعقل، والكرم والفضل، {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت 35].

ومن الصور المشرقة في هذا الباب: قول المقنع الكندي[10]:

وإن الذي بيني وبين بني أبي *** وبين بني عمّي لمختلفٌ جدّا

إذا أكلوا لحمي وفرتُ لحومهم *** وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا

وإن ضيّعوا غيبي حفظتُ غيوبهم *** وإن همْ هَوُوا غَيِّي هَوِيتُ لهم رشدا

وليسوا إلى نَصْري سراعًا وإن همُ *** دعوني إلى نصرٍ أتيتُهُمُ شدا

ولا أحمل الحقد القديم عليهمُ *** وليس رئيسُ القوم من يحمل الحقدا

لهم جلُّ مالي إن تتابع لي غنىً *** وإن قل مالي لم أكلِّفْهمُ رفدا



--------------------------------------------------------------------------------


[1] انظر: فتح الباري 10/424.


[2] شرح النووي على صحيح مسلم: 16/112.


[3]


[4] رواه أحمد: 15355، والطبراني في المعجم الكبير: 3126، وقال الهيثمي في الترغيب والترهيب 2/17: وإسناد أحمد حسن.

قلت: وله شاهد من حديث أبي أيوب الأنصاري، رواه أحمد: 23577، وشاهد آخر من حديث أم كلثوم بنت عقبة، رواه البيهقي في السنن الكبرى: 13002، وابن خزيمة: 2386، والحاكم: 1475، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وله شاهد بإسناد صحيح.


[5] الترغيب والترهيب 2/17.


[6] رواه البخاري: 5645.


[7] رواه مسلم: 2558.


[8] انظر شرح النووي على صحيح مسلم: 16/115.


[9] رواه أحمد 4/148، 158، والطبراني في المعجم الكبير: 739، والحاكم: 7285. وذكره المنذري في الترغيب والترهيب 3/232، وقال: رواه أحمد والحاكم، ورواة أحد إسنادي أحمد ثقات.

وحسنه الأرناؤوط في تحقيقه لجامع العلوم والحكم 1/458.


[10] بهجة المجالس 2/485.

وإن الذي بيني وبين بني أبي *** وبين بني عمّي لمختلفٌ جدّا

إذا أكلوا لحمي وفرتُ لحومهم *** وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا

وإن ضيّعوا غيبي حفظتُ غيوبهم *** وإن همْ هَوُوا غَيِّي هَوِيتُ لهم رشدا

وليسوا إلى نَصْري سراعًا وإن همُ *** دعوني إلى نصرٍ أتيتُهُمُ شدا

ولا أحمل الحقد القديم عليهمُ *** وليس رئيسُ القوم من يحمل الحقدا

لهم جلُّ مالي إن تتابع لي غنىً *** وإن قل مالي لم أكلِّفْهمُ رفدا

لماذا لاتشجع الام ابنها او بنتها على زياره خالتها او عمتها او تعطيه هديه او شىء من الفاكهه وغيره وتحفزه على ان يزور اقاربه
لماذا لاتعطيه الجرعه الايمانيه بالصله برحمه لماذا تثار المشاكل او الخلافات التى بينها وبين رحمها
لماذا لاتحبب الام ابنائها لزياره الارحام فى المناسبات والاعياد كل هذذ اسئله لم اجد لها حلول ولماذا لاتبدأ بنفسها مع ابنائها
واخير سائلا الله العظيم ان يجعلك ممن يقال لهم فى الجنه سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين

الله عليك اخي الكريم الشيخ عبد الباسط

اايدك الراى
تصرفات الكبار للاسف هي التي تجعل الابناء بعيدين عن زويهم
حتى الشباب الجيل الجديد من اولادنا اصبحوا لا يعرفون الواجبات العائلية

تطلب منهم يقوموا بالواجب وان فعلوا يكون على مضض

افتكر احنا السبب في ده

لان دائما بنذكر امامهم عمك فلان عمل وعمتك فلانة قالت

يجعل الابناء يبتعدون في مشاعرهم
وبالتالي تنقطع صلة الارحام
وتقريبا لا نتقابل الا في عزاء او الظروف الصعبه دا ان اتقبلنا

كنت زمان وانا صغيرة ارى اهلي في الاعياد يصحون مبكرا
بعد صلاة العيد يقومون الرجال بالزيارات والتهنئة بالعيد لبيوت العم والخال والاهل والجيران
لا يقفل الباب منذ صلاة الفجر
كل من يمر على بابنا يسلم ويهنى

الرجال بملابسهم وجلبابهم الابيض الجميل ووجوههم التي تشع بالطيبة والبهجه
مما يجعل الاطفال الصغار يجرون عليهم بحب ولهفة عمو فلان ....
ونساء البيت يسرعون بالترحيب وتقديم التحية
اين هذا الان؟؟؟؟؟
مع العلم الناس ظروفها اصبحت افضل بكتير
ولا احد يحتاج احد
الا ان النفوس اختلفت
وصلة الرحم اصبحت اسهل شيء نستغنى عنه وببساطه

وكل واحد شايف نفسه ما محتاج اخوه او اخته
رحمتك يارب
طيب نعيب على اولادنا ؟ احنا السبب لما وصلنا له


اخي الكريم الشيخ عبد الباسط
اسعدني مرور حضرتك جداااا
ووصلنى احساسك بالالم لما وصل له حال المسلمين
لانى اشعر بنفس الشيء
لك مني كل الاحترام والتقدير والدعوات
لك بالصحة والعافية والستر في الدنيا والاخرة ويرزقك راحة البال