وصايا الحبيب :: اقسام دعوية :: ۩╝◄ الملتقي الاسلامي العام ►╚۩ :: موسوعة القيم والاخلاق

شاطر
الخيروالشر I_icon_minitimeالإثنين 10 ديسمبر 2012, 19:03
المشاركة رقم: #1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مجلس إدارة المنتدي
الرتبه:
مجلس إدارة المنتدي
الصورة الرمزية
قطرة ندى

البيانات
الخيروالشر Jb12915568671
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 2037
تاريخ التسجيل : 19/05/2011
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: الخيروالشر


الخيروالشر




تأملت الأرض و من عليها بعين فكري فرأيت خرابها أكثر من عمرانها .
ثم نظرت في المعمور منها فوجدت الكفار مستولين على أكثره و وجدت أهل الإسلام في الأرض قليلا بالإضافة إلى الكفار .
ثم تأملت المسلمين فرأيت المكاسب قد شغلت جمهورهم عن الرازق و أعرضت بهم عن العلم الدال عليه .
فالسلطان مشغول بالأمر و النهي و اللذات العارضة له و مياه أغراضه جارية لا شكر لها .
و لا يتلقاه أحد بموعظة بل بالمدحة التي تقوي عنده هوى النفس .
و إنما ينبغي أن تقاوم الأمراض بأضدادها .
كما قال عمر بن المهاجر : قال لي عمر بن عبد العزيز : [ إذا رأيتني قد حدت عن الحق فخذ بثيابي و هزني و قل : مالك يا عمر ؟ ] .
و قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : [ رحم الله من أهدى إلينا عيوبنا ] .
فأحوج الخلق إلى النصائح و المواعظ السلطان .
و أما جنوده فجمهورهم في سكر الهوى و زينة الدنيا و قد انضاف إلى ذلك الجهل
و عدم العلم فلا يؤلمهم ذنب و لا ينزعجون من لبس حرير أو شرب خمر حتى
ربما قال بعضهم : [ إيش يعمل الجندي أيلبس القطن ؟ ] .
ثم أخذهم للأشياء من غير وجهها فالظلم معهم كالطبع .
و أرباب البوادي قد غمرهم الجهل و كذلك أهل القرى ما أكثر تقلبهم في الأنجاس و تهوينهم لأمر الصلوات و ربما صلت المرأة منهن قاعدة .
ثم نظرت في التجار فرأيتهم قد غلب عليهم الحرص حتى لا يرون سوى وجوه الكسب
كيف كانت و صار الربا في معاملتهم فاشيا فلا يبالي أحدهم من أي تحصل له
الدنيا ؟ .
و هم في باب الزكاة مفرطون و لا يستوحشون من تركها إلا من عصم الله .
ثم نظرت في أرباب المعاش فوجدت الغش في معاملاتهم عاما و التطفيف و البخس و هم مع هذا مغمورون بالجهل .
و رأيت عامة من له ولد يشغله ببعض هذه الأشغال طلبا للكسب قبل أن يعرف ما يجب عليه و ما يتأدب به .
ثم نظرت في أحوال النساء فرأيتهن قليلات الدين عظيمات الجهل ما عندهم من الآخرة خبر إلا من عصم الله .
فقلت : واعجبا فمن بقي لخدمة الله الخيروالشر D و معرفته ؟ .
فنظرت فإذا العلماء و المتعلمون و العباد و المتزهدون فتأملت العباد و
المتزهدين فرأيت جمهورهم يتعبد بغير علم و يأنس إلى تعظيمه و تقبيل يده و
كثرة أتباعه حتى إن أحدهم لو اضطر إلى أن يشتري حاجة من السوق لم يفعل لئلا
ينكسر جاهه .
ثم تترقى بهم رتبة الناموس إلى ألا يعودوا مريضا و لا يشهدوا جنازة إلا أن
يكون عظيم القدر عندهم و لا يتزاورون بل ربما ضن بعضهم على بعض بلقاء فقد
صارت النواميس كلأوثان يعبدونها و لا يعلمون .
و فيهم من يقدم على الفتوى و هو جاهل لئلا يخل بناموس التصدر ثم يعيبون
العلماء لحرصهم على الدنيا و لا يعلمون أن المذموم من الدنيا ما هم فيه إلا
تناول المباحات .
ثم تأملت العلماء المتعلمين فرأيت القليل من المتعلمين عليه أمارة النجابة
لأن أمارة النجابة طلب العلم للعمل به و جمهورهم يطلب منه ما يصيره شبكة
للكسب إما ليأخذ به قضاء مكان أو ليصير به قاضي بلد أو قدر ما يتميز به عن
عن أبناء جنسه لم يكتفي .
ثم تأملت العلماء فرأيت أكثرهم يتلاعب به الهوى و يستخدمه فهو يؤثر ما يصده
العلم عنه و يقبل على ما ينهاه و لا يكاد يجد ذوق معاملة الله سبحانه و
إنما همته أن يحدث و حسب .
إلا أن الله لا يخلي الأرض من قائم له بالحجة جامع بين العلم و العمل غارف
بحقوق الله تعالى خائف منه فذلك قطب الدنيا و متى مات أخلف الله عوضه .
و ربما لم يمت حتى يرى من يصلح للنيابة عنه في كل نائبة .
و مثل هذا لا تخلو الأرض منه فهو بمقام النبي في الأمة .
و هذا الذي أصفه يكون قائما بالأصول حافظا للحدود و ربما قل علمه أو قلت معاملته .
فأما الكاملون في جميع الأدوات فيندر وجودهم فيكون في الزمان البعيد منهم واحد .
و لقد سبرت السلف كلهم فأردت أن أستخرج منهم من جمع بين العلم حتى صار من
المجتهدين و بين العمل حتى صار قدوة للعابدين فلم أر أكثر من ثلاثة : أولهم
الحسن البصري و ثانيهم سفيان الثوري و ثالثهم أحمد بن حنبل .
و قد أفردت لأخبار كل واحد منهم كتابا و ما أنكر على من ربعهم بسعيد بن المسيب .
و إن كان في السلف سادات إلا أن أكثرهم غلب عليه فن فنقص من الآخر فمنهم من
غلب عليه العلم و منهم من غلب عليه العمل و كل هؤلاء كان هؤلاء كان له
الحظ الوافر من العلم و النصيب الأوفى من المعاملة و المعرفة .
و لا يأس من و جود من يحذو حذوهم و إن كان الفضل بالسبق لهم فقد أطلع الله الخيروالشر D الخضر على ما خفى من موسى عليهما السلام .
فخزائن الله مملوءة و عطاؤه لا يقتصر على شخص .
و قد حكي لي عن ابن عقيل أنه كان يقول عن نفسه : [ أنا عملت في قارب ثم كسر ] .
و هذا غلط فمن أين له ؟ فكم معجب بنفسه كشف له من غيره ما عاد يحقر نفسه على ذلك و كم من متأخر سبق متقدما و قد قيل : .
( إن الليالي و الأيام حاملة ... و ليس يعلم غير الله ما تلد )

الامام ابن الجوزي



الموضوع الأصلي : الخيروالشر // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: قطرة ندى


توقيع : قطرة ندى








مواضيع ذات صلة


الخيروالشر Collapse_theadتعليمات المشاركة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة




Powered by wsaya
Copyright © 2015 wsaya,