بحثت عنها فلم أجدها الإنسان يبحث دائماً في الدنيا عن وهم اسمه
( السعادة )
لأنها انتظار محال لأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قال لأدم وزوجه وهما في الجنة: فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى [طه: 117] فالحياة شقاء وعناء والله تعالى يقول: لقد خلقنا الإنسان في كبد البلد(4) أي في عنت فضلاً عن ذلك فالله تعالى قد جعل الابتلاء والاختبار والامتحان هي الحكمة من خلق الإنسان في هذه الحياة كما قال تعالى: إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ الإنسان(2) وقال: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [الملك: 2] والآيات التي تتحدث عن حقيقة الحياة وأنها ابتلاء وفتنة وجهاد كثيرة وقد أخبر النبي – صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: إن الأنبياء أشد الناس ابتلاء ولو كان في الدنيا سعادة لكانت لهم
فالناس تبحث عن السعادة وهي وهم ممتنع في الحياة الدنيا فهي كذلك تبحث عنها في غير مظانها فتبحث عنها في اللهو واللعب أو المال والغنى أو الجاه أو السلطة ولو سألت اللاهي وهو يستمع إلى الملاهي والمعازف والغناء لماذا تفعل هذا يقول لك : لكي أستريح وابتعد عن هموم الدنيا وأنس المشاكل ولو سألت صاحب المال والثروة وهو ينكد ويشقى ويتعب ويلهث لماذا كل هذا لقال لك من أجل أستريح وأنعم ولو سألت صاحب الجاه والسلطة وهو يحرص ويلهث ويقلق لماذا هذا لقال من أجل أستريح واسود وحينما تصارح هؤلاء هل وجدتم الراحة والسعادة يكون الجواب لا وصدق النبي ـ صلى الله عليه وسلم : إذا يقول: «من عاش أمناً في سربه معافاً في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها» ومن يلاحظ الشقاء والتعاسة التي يعيشها المغنون والفنانون ويلاحظ القلق والحزن والهم الذي يعيشه الأثرياء فضلاً عن الأمراض التي تغزوهم ويلاحظ الخوف والقلق والذي يعيشه المسئولون يعرف أنهم اخطأوا مرتين مرة في البحث عن السعادة في الدنيا والثانية هي البحث عنها في غير مظانها
الطمأنينة هي جنة الدنيا التي من لم يدخلها لن يدخل جنة الأخرة
الطمأنينة تنعش الإنسان المسلم لأنه يعرف أنه في رحلة إلى الله وأن طريق هذه الرحلة محفوف بالمكاره كما قال النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم حفت الجنة بالمكارة وحفت النار بالشهوات وأن ما يصيبه من شر وخير إنما هو ابتلاء واختبار ليعرف الصادق من الكاذب والخبيث من الطيب وإن كل شيء قد قدر عليه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه وما أصابه لم يكن ليخطئه