وصايا الحبيب :: اقسام دعوية :: ۩╝◄الملتقي العام►╚۩ :: ركن الموضوعات العامة والمتنوعة

شاطر
 رسائل ابتلاء من جزيرة الارض I_icon_minitimeالثلاثاء 19 فبراير 2013, 17:06
المشاركة رقم: #1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المدير العام
الرتبه:
المدير العام
الصورة الرمزية
اسأل الله ان يحفظك

البيانات
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 1836
تاريخ التسجيل : 29/11/2009
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: رسائل ابتلاء من جزيرة الارض


رسائل ابتلاء من جزيرة الارض


الرسالة الاولى
رسالة الابتلاء

أيها المسكين الذي يشتكي البلاء اسأل نفسك هل أكلت اليوم وأين نمت البارحة, وهل حمدت ربك الذي أحياك بعدما آماتك البارحة وكانت روحك معلقة لأمره فلا تعلم هل سيرسلها أم سيمسكها؟
وهاهو أرسلها فماذا كان شكرك له, أن تخرج لتشتكي الخالق لمن خلق وبأنه يجوعك ويعاقبك ويهملك, فماذا نفعوك يا مسكين وماذا كافؤك وهم أفقر منك وتقول انك تعرف الله, فكيف تعرفه وأنت رحت تشتكيه لخلقه وهو الذي أطعمك واواك البارحة وأعطاك فرصة جديدة في هذا اليوم لتتوب إليه وتحمده وتشكره وتغتنم هذا اليوم لعله يكون أخر أيام عملك لأخرتك فينفعك لان الأعمال بخواتيمها, فماذا كانت ختمتك يوم أمس وبماذا ستختم اليوم؟.

يا مسكين لا ترى سوى الحاضر وهو أمس للغد وقد يأتي الغد من دونك ولا تجد حتى من يذكرك, فأين بصيرتك من الأمس الذي كنت فيه تبذر خير الله الذي رزقك لأجل معلوم, ألا تعلم إن الأرزاق تقسم بقدر, ألا تقرأ قوله الله يرزق من يشاء ويقدر, فماذا فعلت بهذا القدر وأنت تتكلم عن الحكمة يا مسكين, أما علمت أن الأرزاق تقسم إلى آجالها فان أنفقتها قبل انتهاء اجلها وتريد بعدها أن يعطوك, أم تريد أن يقرضوك وهم لم ينسوك يوما واحدا من الخير وألا لتركوك لتموت جوعا أنت وأمثالك الذي يسرفون مال العام في شهر والأسبوع في يوم ويجلسون بعدها يبكون ويسالون الله بجهل لماذا تحرمنا.
سبحان الله في حكمته وتقديره فهل تعلمت من سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات, فماذا لو أفنيتها في عام واحد لكانت سبعتك أسباع فما عليك إلا أن تنتظر ذاك العام الذي فيه يغاث الناس وفيه يعصرون وتقول يا مسكين انك من أهل القرآن فهل وقفت عند هذه الآيات من قبل وتدبرت الحكمة التي بها, وهل مررت بأية تقول (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون), فماذا تريد أن تطوع السماء لرغباتك أو تعتقد أن هناك ملائكة بكوا وهبوا كلما سمعوا صوت بكائك, أفلا تقرأ قول الله فما بكت عليهم السماء, وهل تظن إن من السهولة بان تصل الإجابة كلما دعوت, ولكن اعلم إن من رحمة الله انه لا يضيع دعاء عبد من عباده ولكن يأجله إلى قدر معلوم فان استوفى حقه أجابك, وان تأخر عليك بالإجابة فتعلم أسباب التأخير, فهم يدرسون كتبك وبالحكمة ينظرون متى يكون وقت الفرج خير لك.


يا مسكين تبكي الفقر وأنت ضعيف النفس وفقير العلم فهذا اللسان الذي انطقه الله كان أولى أن تشغله بالذكر والشكر بدل الشكوى والهلع والبكاء على الدنيا, فكيف لو أبكمك ولم تملك أن تنطق اسمه, فكيف لو اخذ سمعك وبصرك وأصبحت اسوأ ممن قال فيهم صم بكم عمي فهم لا يفقهون.
ما عرفت نعمت البصر ولا عرفت إن اللسان للذكر والشكر وليس للثرثرة وكثرة الكلام عن نفسك, أنسيت قول ربك: قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا
سبحان الله يعرفون نعمة الله وينكرونها وتكون يوما حجة عليهم ويسالون الله لماذا حشرتنا عمي وصم وبكم في يوم قال فيه ربنا عز وجل هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون.

تقول انك تعرف الله ومؤمن بأنه ربك وخالقك وتشتكي الفقر والذل فكيف لمؤمن أن لا يعلم إن الابتلاء رحمة من الله وانه كان اشد الناس بلاءا الأنبياء عليهم صلوات الله, فهل سالت نفسك لماذا يبتليهم وهم المصطفين الأخيار من خلقه وإنهم من وقع عليهم اشرف وأعظم ما في الحياة أن يكونوا رسل ربهم لخلقه ويبلغوا رسالته فأي شهادة بعد شهادة الله, الم تقرأ في سير الأنبياء وابتلاءاتهم التي ابتلاهم بها ربهم, فإذا قلت انك تعرفهم وتعرف قصصهم فماذا استفدت من دروس ابتلاء الأنبياء, وماذا تسمي ابتلائهم عقابا أم اختبارا أم محبة, أليس الأنبياء قدوتنا ورسلنا الذين آمنا بهم, ولماذا لا يكون ابتلائهم عبرة لنا, فان كنت تعيش على منهاج النبوة ومثلك الأعلى نبيك محمد صلى الله عليه وسلم فلماذا لا يكون مثلك أيضا في الابتلاء والصبر.


ام تعتقد أن ابتلائك ظلم وفي غير مكانه, فماذا يريد الله منك غير الخير لنفسك, وهل ابتلائك ينفع الله أم ما يمنعه عنك يزيد في خزائنه شيء أم ما سيعطيك سينقص من خزائنه شيء, إذا كانت الدنيا كما ذكر في الحديث الشريف لا تساوي عند الله مثل جناح بعوضة فلماذا يمنعها عنك وعن باقي خلقه, فماذا تزيده أنت أو تنقصه, سبحانه فهو الغني عنك وعني وعن عباده أجمعين.
فهل عرفت أنواع وأسباب الابتلاء وهل سالت نفسك لماذا يمنع الله عنك, وهل سالت نفسك ماذا قدمت ليعطيك, وهل قمت بكل واجباتك لدفع البلاء عنك, فماذا لو أراد الله وهو الفعال لما يريد أن يختبر إيمانك بهذا الابتلاء وأنت تقول عن نفسك انك مؤمن.
ماذا لو أراد ربك أن يكفر عنك ولم يجد لك صدقة واحدة ولا زكاة عندما كنت تنعم بخيره وتبذر ما أكرمك به, ماذا ترد عليه لو قال لك انك قد أكلت الحق المعلوم الذي فرضه لعباده في مالك وآثرت به نفسك يوم أعطاك, وتقول انك مؤمن فهل المؤمن لا يخرج حق الله المعلوم فيما رزقه, (وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) وهل أنت حقيقة تملك القدرة لو عاد وفتح عليك باب الخير أن تخرج هذا الحق المعلوم وعن محبة دون أن تمن على عباده, أليس هو القائل: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا), فهل ستطعم على حبه وتخرج زكاتك وصدقاتك بدون أكراه وتبتغي بها وجهه الكريم؟
وهل كنت تعيش في حي الأغنياء وليس فيه فقراء إلا أنت ولم تقابل مساكين ولا محتاجين ولا أيتام, آما علمت أن الله سبحانه وتعالى عدل في قسمته فكما جعل فقراء في حي من الأحياء أو قرية, جعل فيها أغنياء أيضا وجعل رزق الفقراء في ذلك الحي أو تلك القرية عندهم ليتكافلوا بينهم, وان بهم تكسب الحسنات بالصدقة والزكاة وقضاء حوائج المحتاجين, فان منعوها منع الله عنهم الغيث والمطر وابتلاهم بأشد مما ابتلى به الفقراء فكان غناهم وبال وحجة عليهم.

ام أنت ممن يقولوا ( أنطعم من لو يشاء الله أطعمه) فان فعلت تشبهت بالكافرين لان هذا قولهم في المساكين والمحتاجين فافتخروا بأموالهم وحللوها أنها لهم خالصة وانه ليس للفقراء فيها نصيب, وزعموا بجهلهم وكفرهم أن فقر الفقراء عقاب من الله لهم ولذلك لم يشاء الله أن يطعمهم كما زعموا, ونسوا قول الله( فأما من بخل واستغنى) فان الله غني عنهم وعن العالمين وان من لم يتقدم لكسب هذه الحسنة بالصدقة على الفقراء, أوجد الله لها بابا أخر لمن يستحقها, فان خولك يوما نعمة فاحرص على حق الفقراء والمساكين وذوي القربى واليتامى وابن السبيل والمبتلون من عباد الله فتفرج كربتهم وتعينهم على قضاء حوائجهم.

فاسأل نفسك يا مسكين هل لك كتاب زكاة وصدقة, أم لا تعرف أن لكل عمل كتاب وأولها كتاب الصلاة الذي يجمع جميع صلواتك المفروضة والواجبة والنافلة وبها مذكور صلواتك ولكل يوم وليلة من أيامك التي عشتها بعد أن وضع قلمك وانفتح كتابك وراحت تكتب رسلك المرافقة لك حتى يوم موتك وانقطاع عملك إلا من ثلاثة كما ذكر عليه الصلاة والسلام: (صدقة جارية, وعلم ينتفع به, وولد صالح يدعوا له بعد الممات), فهم يكتبون لك وفي كتابك صلواتك بوضؤها وشروطها ووقتها وهل صلاها منفردا أو في جماعة.
وسنعود للتفصيل في كتاب الصلاة ولكن بعد إتمام الحديث عن كتاب الزكاة إن شاء الله.

فاسأل نفسك وإقراء كتاب زكاتك وما كتبت فيه وقدمت لنفسك, فان كان كتابك فقيرا تكون أنت الذي أفقرت نفسك لان الله قبل أن يرزقك ويأمر بتغيير أحوالك ينظر في كتبك ومنها كتاب زكاتك, أولا تعلم يا مسكين أن الصدقة لا تنقص من مال فكيف نقص مالك وتلاشى, وان كنت مريضا تشتكي المرض والسقم فلماذا لم تكن الصدقة لك دواء اليوم, أما علمت قول رسولك عليه الصلاة والسلام داووا مرضاكم بالصدقة, وان كنت تشتكي الفقر فكيف يفقرك الله وأنت تؤدي واجبك وتخرج زكاتك والله لا ينقض عهدا ولا يخلف وعدا, فان كنت أديت زكاتك بحق, فاعلم أن ابتلائك من نوع أخر وقد يكون القصور في كتاب صلاتك أو صومك أو حجك أو مما أراد الله بك فهو الفعال لما يريد.

أن لم يكن ابتلائك محبة أو تكفير ذنوب أو اختبار إيمان أو إتمام لما نقص من عملك, فانظر إن كان هناك دعوة مرفوعة ضدك في السماء, مثل دعوة مظلوم له حق عليك لم تؤده أو تسببت في أذاه, وحينها عليك أن تبحث في كتاب معاملاتك الذي مكتوب فيه عملك المرتبط بمعاملاتك مع خلق الله وأولهم والديك, لان من شروط التوبة النصوح إن كان هناك حق لأحد من خلق الله فعليك أن ترده, فان لم يكن مالا بل كان شيئا معنويا فعليك أن تصحح خطأك بان تنصفه وتستميحه وتسال الله أن يحللك من الظلم الذي ظلمته.
واعلم أن أصعب دعوة على الإنسان هي دعوة والديه عليه أو احد منهم, فانظر إن كنت قد أحسنت إليهم أو قصرت بحقهم وأسال نفسك هل أكلوا بعدك أم قبلك, أو ناموا بعدك أم قبلك وهم الذين قضوا عمرا يأكلون بعدك وينامون بعد نومك.
هل كسيتهم خير مما كسوك وأطعمتهم خيرا مما أطعموك, اسأل نفسك يا مسكين فقد تكون من الذين يدخلون بيوتهم سرا حتى لا يعلم والديه ما احضر لزوجته وأولاده, ويأكل في الليل سرا حتى لا يسمعونه وفي اليوم الثاني يرمي بالفضلات بعيدا.
إياك أن تكون منهم فهؤلاء هم الأشقياء أهل الفقر والعيش النكد وليس لهم إلا ما أكلوا وافنوا, فكن لوالديك خير مما كانوا وخفف عليهم حتى وان ثقلوا الحمل عليك فهم تجارتك مع الله, واذكر كم كنت ثقيلا عليهم فكانوا يفرحون لفرحك ويبكون لبكائك, فلا تشعرهم بضعفهم وضعف عودهم وقلة حيلتهم فهم بركة أراد الله بها أن تكسب الحسنات الثقال, فعاملهم بأفضل مما تتمنى أن يعاملوك به أبنائك عندما تتفرق يوما أسنانك وينحني عودك ويقصر نظرك ويشيب راسك وتمشي على ثلاثة بعد أن كنت تمشي على اثنين.

اياك ان ترفع صوتك فوق صوتهم فان احسنت اليهم احسن الله اليك واحسنت معها لنفسك وان اسات لهم فانما تسئ على نفسك والله لا يظلم احدا.
اما ان اكرمتهم فابشر بخير ودعوة تصحبك العمر كله تكون حماية لك ورحمة عند ربك.

وثان دعوة بعد دعاء الوالدين هي دعوة المظلوم, واعلم يا مسكين انك ان ظلمت احدا من خلق الله لقدرة قدرك الله اياها ان الله هو خصمك, وسياخذ حق هذا المظلوم منك في الدنيا قبل الاخرة, فلا يغرنك المنصب ولا القوة ولا الجاه فكلها لا تساوي شيئا ان لم تكن في رضى الله واديت حق الله عليك فيما ابتلاك به وخولك من نعمة فكان حقا ان تشكر الله على هذه النعمة انك توليت مكانة تقيم بها العدل والحق في الارض, اما اذا اتخذتها سندا ورحت تظلم عباد الله وخلقه فاعلم ان سندك ضعيف وقدرتك ستزول وابتلائك سيحل من حيث لا تدري فاذا انت يوما ودعوة المظلوم بين عينيك ترتجي ربك ان يرحمك في صحتك او في احب ابنائك او في امانة لم تصنها واليوم يقيمون محكمتك.
اياك ودعوة المظلوم واكل الحقوق والعبث في قانون الله العدل الذي وضعه لعباده فلا يبغي احدا على احد بغير حق, فقلد اوصانا المولي عز وجل في الظلم كما جاء على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام: يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا.
صدق الله رب العدل والحق, وخاب كل جبار عنيد اعتز بقوته وراح يعيث في الارض فسادا وان الله لناصر عبده المظلوم فهو القائل لانصرنك ولو بعد حين.
فما اصعب هذا القول رغم انه سندا وبشرى وحماية للمظلوم وتعهد من الله برد المظالم واعادة الحقوق حين يقول ولو بعد حين, ما اصعبها لان الوقت الذي يختاره الله احكم الحاكمين لا نعلم معناه وهو وحده سبحانه يعلم لماذا بعد حين, فمن كرمه انه لا ينزل العقاب اثناء الدعاء ولو كان لرأينا كيف يسقط الناس صرعا في الطرقات ولرأينا شهبا تسقط من السماء على بيوت اناس ظالمين فتحرقها.
الا انها رحمة الله الذي يعطي الظالم فرصة للعودة والتوبة ورد المظالم فان لم يفعل عاقبه بحكمته وما اصعبها لو اراد الله ان يعاقب ظالما بان زاده قوة وجبروت وهذا ما لا نفهمه فهو الذي يمد للكافرين مدا حتى يحسبون انهم على حق فهل هم يمكرون بالله وهو خالقهم.
اما ان اراد بهذا الانسان رحمة لخير وامل يراه الله في هذا العبد انزل الابتلاء به وعجله له لياخذ للمظلوم حقه ويعترف بذنبه, فكم هم الذين انقلبت عليهم الدنيا في ساعات وضاقت عليهم الدنيا بما رحبت لانهم لم يفهموا رسائل الله لهم المليئة بالاحسان والتذكير فوقع القول عليهم بالابتلاء ومن لم يات الله بملاطفات الاحسان سيق اليه مكبلا بسلاسل الابتلاء.

فاياك يا مسكين ودعوة المظلوم فانها مصيبة كبرى لا يقدم عليها الا جاهل والجاهل كما عرفنا هو عدو لنفسه فلا يعلم مع من وقع وتحدى, فان نامت عين الظالم طويلا فعين الله لا تنام وساهرة مع عين المظلوم, فالله سبحانه وتعالى هو دفاع المظلوم ووكيله, فمن يجرء على تحدي الله العزيز الجبار ويعتدي على احد من خلقه دون وجه حق ويظلمه الا انسان جاهل لا يعرف المقامات.

فبادر الى رد الحقوق لاصحابها وكن قوي عليها واسال الله ان يحللك منها ومما سببت لهم بسبب منعك لحقهم الذي كان لهم وانت غيرت كميته او افنيته او اجلت دفعه او سلبته منهم بشاهد زور, وانظر لو كنت قد اوقعت بمحتاج ليشهد زورا لتاكل حق اخوانك او عمالك او جارك كيف ستتحلل منها, لانه لا فرق بينك وبين شاهد الزور فانت الذي احضرته واشهدته زورا فانتم في الكبيرة والحرام سواء.
فان اكلت حق احد من خلق الله واستعملت شاهد زور فانت اخرجته عن دينه وقبل ان يشهد محتاجا واصبح صاحب كبيرة من الكبائر فكبيرته اولا في صحيفتك والثانية والله لا اعلم كم ستبتلى ليحللك الله من جمع هاتين الكبيرتين معا.
وتشتكي الفقر يا مسكين فوالله ان الفقر نعمة من الله ان كانت ستكفر عنك ذنوبا قد جمعتها وقد حان سدادها, فانظر كتاب اعمالك الذي قال فيه رب الحق والعدل: (اقراء كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا- الاسراء), وكما قال عليه الصلاة والسلام: (حاسبوا انفسكم قبل ان يحاسبكم الله).

حاسب نفسك وانظر ماذا فعلت ولا تتهم ربك بالظلم تقول يارب ماذا فعلت حتى تفعل بي كذا وكذا وتبتليني, بل احمد الله انه ابتلاك لانه يريد بك خير ويريد ايضا ان ينقذك من نفسك الامارة بالسؤ وطوعتك لما يغضب الله.
وعامل الله بأدب المؤمن الصالح الصابر المحتسب واحرس في خطابك ودعائك فلا تتفوه بكلمات تزيد ربك غضبا عليك, وارتقي بخطابك من مستوى العامة الجهلة الذين لا يعرفون ربهم بل يعبدونه على حرف فان اصابتهم مصيبة ضجوا وهالوا على الله التهم وذلك من عميق جهلهم وانحطاط نفوسهم فهم عباد منفعة ومصالح لا يعبدون الله الا على الرزق الكثير والصحة فان ابتلاهم انكروا كل خير وانقلبوا على ربهم. افهم يحكمون.

واعلم ان امر المؤمن كله خير اذا مسته سراء شكر واذا مسته ضراء صبر, فهل انت مؤمن واين انت من هذا الحديث الذي يعطينا صفة من صفات المؤمنين فهل انت من الذين يصبرون عند الضراء, فان صبرت فزت بصفة من صفات المؤمنين وكان صبرك اجرا كبيرا, وان لم تصبر فقد خسرت صفة كبيرة قد تفقدك معها باقي الصفات وهذا يعني انك قد تفقد ايمانك, فماذا ينفع الانسان ان فقد ايمانه من اجل متاع دنيوي زائل, فماذا سيقولون عنك في السماء, سيقولون انظر الى هذا كفر بربه واضاع ايمانه من اجل متاع زائل, فمن صبر له الصبر والاجر ومن صخب وضجر فما له الا الضجر. وتذكر قول نبي عليه الصلاة والسلام: (عجبت لامر المؤمن اذا اصابته سراء شكر واذا اصابته ضراء شكر).

وبعد كل هذا يا مسكين تقول انك مؤمن وانت تعامل الله بصفات الكافرين الرافضين لعدل الله وما بقى احدا الا اشتكيت له ماذا فعل بك ربك, لان المشتكي للخلق انما يشتكي ربه لخلقه.

لعلك بعد هذا المشوار في انواع الابتلاء تعرفت على سبب ابتلائك وعلمت اين كان قصورك, فلقد ذكرنا المحبة ومنها كان ابتلاء الرسل والانبياء, وحق الله المعلوم فيما رزقنا من زكاة وصدقة وقضاء حاجة, وذكرنا دعوة الوالدين, وذكرنا دعوة المظلوم, وذكرنا اختبار الايمان (احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون 2 -العنكبوت).

فتعرف على نفسك جيدا وراجع كتبك كتابا كتابا هذا ان كنت على استعداد لقبول الحق, اما ان كنت عنيدا مراوغا ماكرا فلن ينفعك مكرك يا مسكين شيئا وستبقى مغموس في الابتلاء واكبرها انك مبتلى بالكبر, واعلم ان الله لا يحب المتكبرين.

وهذا باب لوحده فهو باب ام المعاصي والذنوب, فمن تكبر على الحق تكبر على الله وظن انه ماكر لدرجة انه سيمكر بالله, فان ما زلت على عندك وهمك كبريائك وكرامتك فاذهب واعبد المسميات الفارغة, فان قبول الحق شرفا عظيما وقوة يكتسبها الانسان يصبح بها عدلا مقيما للحق متصف بصفات ربه الحق العدل احكم الحاكمين, فاسال نفسك لماذا يسمي الله ربنا وخالقنا وهو الغني عنا نفسه بهذا الاسم العدل, بل هو الذي سمى نفسه العدل والحق فهي صفات جليلة حميدة وكريمة, وانت ان اصبحت عادلا تقبل الحق فهل هذا انقاص من شأنك ومقامك واي مقام يا مسكين وانت ينتظرك الدوود والظلمات, الا تريد ان يكون قبرك روضة من رياض الجنة ويغمره نور الحق ام تريده حفرة من حفر النار فلا يغمره الا الظلام والظلم والتكبر على الله وعباده.

وتقول يا مسكين انك مؤمن وكنت تصلي فاي صلاة كانت وما زلت عليها, صلاة العلماء ام صلاة العابدين الذين لا يعلمون ماذا قالوا في صلاتهم ولم تخشع نفوسهم لحضرة ربهم ولم تحضر قلوبهم بل كانوا غائبين سارحين في هموم الدنيا وطبخوا واكلوا وباعوا واشتروا في صلاتهم.
هل تدري كم ركعة صليت واي سورة في كل ركعة قرأت, ام كم من الوقت قضيت فلا ركعت ولا سجدت بل نقرت وسلمت وها انت تهم في الوقوف وتقول انك صليت.
هل صليت في جماعة وانتظرت الصلاة بعد الصلاة ام كتبت اسمك في وادي ويل الذي تشتهر به جهنم اعد للذين هم عن صلاتهم ساهون, وتقول انك صليت فهل اتصلت بربك وهل زادك هذا الاتصال اليومي به من خلال هذه القناة التى اختارها لخير الاتصال به شيئا, ام قمت ببعض الحركات وتحسب انك يا مسكين صليت.
ان اردت ان تعرف انك صليت فاعرض صلاتك على ربك وعلى نبيك الكريم, فالله يقول( ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) فهل نهتك صلاتك عن الفحشاء والمنكر, هذا هو اختبار الصلاة لمعرفة انها مقبولة ام لا انها ان كانت خالصة لله بلا رياء ولا نفاق وكانت بخشوع وحضور قلب وتقدير مقام للمصلى له وهو الله وكانت كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام صلوا كما رأيتموني اصلي فانها لابد ان تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر فاذا نهتك اذا هي شهادة تقول ان صلاتك مقبولة.
وهل هناك اكرم من ان تقبل صلاتك وترضي ربك وتنفع نفسك وتقول بعدها يا مسكين انك صليت.

فان قلت انك صليت وصمت وزكيت وحجيت واديت واجباتك واكرمت والديك ولم تظلم احدا من خلق الله وتاتي بعدها لتسال لماذا يبتليك الله؟ يكون الجواب انك لا صليت ولا صمت ولا زكيت ولا حجيت ولم تكرم والديك وانك ما زلت تظلم خلق الله, لان من يفعل الاعمال التي ذكرناها بافضل ما يجب ان تعمل يرزق الحكمة والحكمة هي ام العلوم والخير فلا يشتكي ربه ولا يذكر ذلك لخلقه بل هو يحمل اجوبته في قلبه ولا يفضح نفسه, بل هو حكيم يعرف ان الايمان باب كبير لا يدخل منه احد بمجموعة من الحركات والاعمال الصغيرة.
وتقول انك مؤمن فكيف لا يعلم المؤمن اسباب الابتلاء ولا يجد في قلبه الجواب, وكما ذكرنا في حق الله علينا في نعمه التي انعم بها علينا ومنها النطق واللسان فاسال نفسك ماذا كانت زكاة لسانك ونطقك اليوم من الذكر والشكر للرب الذي انطقك وما زلت تقول يا مسكين جهلا انك مؤمن, وانت لا تعلم ان علينا زكاة يومية عن كل نعمة انعم الله بها علينا فاسال نفسك فيما استخدمت نعم الله عليك اليوم, وماذا كانت زكات نظرك اليوم وزكاة سمعك هل زكيت السمع بسماع الاغاني والموسيقى ام بالقرآن وذكر الرحمن وتقول يا مسكين جهلا انك مؤمن, فهل زكيت بصرك بالنظر للمحرمات وقدميك للسير للمحرمات ولسانك بالثرثرة وكثرة الكلام والشكوى للناس ان الله يظلمك ويبتليك وانت لم تفعل شيئا.

راجع كتبك يا مسكين وحاسب نفسك وتعلم ما هو الايمان والحق بنفسك قبل فوات الاوان ولا تجعل الدنيا اكبر همك ولا مبلغ علمك, وتذكر نعم الله عليك واعمل لشكره على كل نعمة ولا تنسبها لنفسك ولا لغيرك بل خالصة لله وحده حتى لا تشرك بربك احدا بجهلك وقله علمك وتخلص من حولك الى حوله ومن ضعفك الى قوته ومن جهلك الى علمه ومن بخلك الى كرمه.

ولا تنسى ان دينك الاسلام وانك مسلما ولا تملك في ذلك لا حولامنك ولا قوة فكم هم الذين حرموا هذه النعمة وهم يملكون كنوز الارض فماتوا فقراء ورحلوا بكفرهم وشركهم, وانت مسلم تشتكي الله لخلقه وتقول انك مؤمن وانت تعلم ان الايمان درجة تتلوا الاسلام وتسبق الاحسان, فهل توقفت عند الاسلام وعرفت قيمة هذه النعمة قبل ان تتفوه بما لا تعلم وتقول انك مؤمن.
اسال نفسك يا مسكين هل اسلمت لله من بعد كفر وشرك ام ولدت مسلما في بيت مسلم, هل بحثت ونقبت وولدت في بيت كتابي او مجوسي وتوصلت بعد جهد وتوفيق من الله للاسلام فدخلت فيه؟
هل تعلم كم عليك من الواجبات لتبلغ عن ربك وعن نبيك لانك ولدت مسلما يتكلم بلغة القرآن وجعلت من بين امة جعلها الله وسطا لتكون شاهدة على الناس فبماذا ستشهد يا مسكين وانت لم تعرف دينك ولا واجباتك وتقول يا مسكين انك مسلم مؤمن.
ام انت ممن لا يعرف من الاسلام الا لعن الكفار والتكبر عليهم, فهل سالت نفسك كم كافر اسلم على يديك وكم مسلم ضال عاد واهتدى على يديك, فان كنت من المستهلكين الذين لا يعرفون معنى الاسلام ولا معنى ان تكون مسلما, اذا فابكي على نفسك فوق بكائك على فقرك وابقى هناك اشتكي الله للناس على ما ابتلاك ودعك من تكرار انك مسلم مؤمن, وابحث عن باق المبتلون امثالك فكل يحمل همه الكبير, هذا يشتكي الفقر وهذا الهم والحزن وذاك الوسواس والشك واكتبوا مظالمكم تشتكون فيها ربكم على ما ابتلاكم وقدموها للناس لعلهم ينصفوكم.

وبعد هذه الرحلة في عميق مفهوم الابتلاء ما هو فهمك للايمان يا مسكين ان تعيش حياة دنيوية مرغدا ومرفها وبهذا يكون الله يحبك وقبل ايمانك, وفي الاخرة تنتظرك القصور والحور العين فهل هذا هو معنى الايمان بالنسبة لك, يا مسكين هل عرفت مؤمنا غير مبتلى ولا مصاب, وهل تظن ان الخير الوفير والصحة والعافية من صفات المؤمنين, اعلم يا مسكين ان من عاش مرغدا ولم يشتكي الفقر والمرض مشكوك في ايمانه لانه ان قال لك انه من الشاكرين المحسنين والقائمين بدين الله وان هذا العيش الرغد الذي يعيشه من حلال الله وبما يؤديه من حقوق لله, متروك لامر الله ليرى ايمانه في الفقر والسقم وقد يبتلى في اي ساعة يشاء الله ليرى ايمانه وصبره واحتسابه في الشدة.

فخذ الموازين بالقسط كما وضعها الله عدلا واصلح عيوب دينك وايمانك, فان فعلت كان خيرا لنفسك فليس هناك نعمة افضل من الايمان وعبادة الله على بصيرة, عبادة المؤمنين الذين يقبلون الشر كما يقبلون الخير والشدة كما في الرخاء فهذه معرفه الله الحق في ان نعرفه في الرخاء ليعرفنا في الشدة, واعلم ان لكل اجل كتاب وما ان تكون قد وفيت الحساب ووصلتك رسالة الابتلاء وفهمت معناها واستقمت تكون حينها علمت معنى ابتلائك فكان خير جزاء لك بان كفر الله عنك وعلمك وفتح عينيك على قصورك ومظالمك.
تكون حينها قد خطوت خطوة جديدة باتجاه ربك وتقدمت بها مرتبه اعلى مما كنت عليه وازددت علما ينفعك, وحسن معها ادارتك وتعلمت الحقوق والواجبات التي عليك في كل ما انعم الله عليك به فلا تغفل عن باقي النعم بنقصان واحدة منها, ولا منكرا لها جميعها بنقصان واحدة منها.
فان فعلت وصلت واحسنت لنفسك وخجلت من جهلك يوم كنت تشتكي الله لخلقه وان الله لا يريد بك الا الخير, ومن الخير انه ابتلاك لتنعم بما وصلت اليه وتقراء رسالة الابتلاء الذي كنت فيه, فتقراءها بعيون الحق فيفرح قلبك وتهدء سريرتك وتزول غمتك وهذه اول علامات الفرج.



الموضوع الأصلي : رسائل ابتلاء من جزيرة الارض // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: اسأل الله ان يحفظك


توقيع : اسأل الله ان يحفظك





 رسائل ابتلاء من جزيرة الارض I_icon_minitimeالثلاثاء 19 فبراير 2013, 17:09
المشاركة رقم: #2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المدير العام
الرتبه:
المدير العام
الصورة الرمزية
اسأل الله ان يحفظك

البيانات
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 1836
تاريخ التسجيل : 29/11/2009
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: رد: رسائل ابتلاء من جزيرة الارض


رسائل ابتلاء من جزيرة الارض


الرسالة الثانية

يا مسكين تدعي الايمان وانت لم يكتمل حتى اسلامك فايها يسبق في الترتيب الاسلام ام الايمان, وهل يدخل الناس الى الجامعة قبل المدرسة, فابقى في مدرستك حتى تكمل علمك وحينها تنال شرف الدراسة في الجامعة, فالايمان جامعة تجمع اركان الايمان كلها وانت ما زلت بعيدا عنها تشتكي الفقر والمرض لغير الذي ابتلاك, بل تشتكيه لهم فاي جامعة تقبلك لتعطيك شهادة الايمان, ومن هو شيخك ومعلمك ان كنت لا تعرف شيئا عن نبيك, بل ويذكرونه في حضورك ولا تصلي عليه صلوات ربي عليه, والله يقول: (ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلم تسليما) , اين قلبك الذي هو محل الايمان فكيف غاب عنك ذكره والصلاة عليه, وهذا يعطس امامك فلا تشمته فاي مسلم انت, وتدخل غافلا بيت الخلاء بيمينك وتاكل بشمالك ولا ترى طول اظافرك فماذا يعني لك الايمان وانت لم تاتي بالف الاسلام ولا بائها فاين انت من باقي حروفها.

لا شيخ لك ولا معلما فهل لك وردا يوميا وهل سمعت باذكار الصباح والمساء اما تعلم يا مسكين ان الله لا يعبئ بنا لولا دعائنا فماذ دعوت الله وهل توقفت عن الدعاء لانك استعجلته ولم يستجاب دعائك, وهل تعتقد ان ما قالوا لك انه دعاء مستجاب يصنع المعجزات وينزل البركات بعد ان تدع به, يا مسكين لو كان كذلك لدعوا به الاعداء وازداد به الاغنياء, الا انه لا يستجاب الا للصالحين العابدين الذي قدموا لهذا اليوم, فعبادة الله لا تبنى على الدعاء بل على ان يقوم المسلم المؤمن بواجباته فلا ياكل الا من الحلال, وهل سمعت بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابي الجليل سعد بن ابي وقاص حين ساله يا رسول الله ادع لي ان اكون مستجاب الدعوة فقال له: يا سعد اطب مأكلك, فهل اطبت مأكلك وهل غاب عنك هذا الحديث لرسول الهدى عليه الصلاة والسلام: ان الرجل ماكله حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام ويرفع يديه الى السماء فانى يستجاب له, وتقول يا مسكين انك مسلم.

تقول انك مؤمن وانت اذا تكلم الجهلة الخائضون خضت معهم فافتيت بغير علم ان هذا حلالا وهذا حراما لتقول انك تعلم وانت لا تعلم انك تلقي الكلمات لا تبالي لها بالا فتكون قد وضعت قدميك في النار, فان كنا قد امرنا ان نمر باللغو كراما فكيف تهين نفسك لتجلس ولتخوض فيما ليس لك به علم, وما هذا الا لقلة فهمك وضعف اسلامك فلا تتكلم عن الايمان, ليس لك شيخا تقدتدي به ولا عالما تنتفع من علمه وتخدمه او تتابع وصاياه, ام انت من الذين يتكلمون في اهل العلم فيهيلون عليهم التهم وانهم يعسرون ولا ييسرون وتقول انها مثاليات لا تصلح لك ولجيلك, فان فعلت فقد انكرت نبيك عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام رضوان الله عليهم وممن تبعهم باحسان الى يوم الدين الذين نقلوا لنا العلوم والا فكيف وصلت الينا.

يا مسكين لا انت من اهل الدنيا ولا من اهل الاخرة حيران بين اصحابك اصحاب الدنيا وبين اهل الحق الذين اوصانا ربنا فيهم فقال: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطلع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا- 28 الكهف), نعم انهم امرهم فرطا لانهم اتبعوا هواهم فاغفل الله قلوبهم عن ذكره, ومن اغفل الله قلبوهم عن ذكره فلقد اعد لهم نارا احاط بهم سرادقها وان استغاثوا اغيثوا بماء يشوي الوجوه بئس الشراب وسائت مرتفقا, فاي رفقة واي خلان اخترت لاخرتك الا تعلم ان المرء يحشر على دين خليله, فعليك ان تختار بين الكفر والايمان وذاك قوله: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وهذا دليل انه لا اختيار ولا يمكن الجمع بينها فاما ايمانا صادقا, واما كفرا بواحا ومن تركها معلقة فانما يمكر بنفسه ولا يظلم ربك احدا, وتقول يا مسكين انك تعرف الايمان وقد اسلمت ولست بحاجة لاحد ان يعلمك فاعرض نفسك على هذه الايات وصنف نفسك من اي حزب انت من بينها, واعرضها على كتاب ربك الذي خلقك فسواك فعدلك واقراء الجواب بنفسك قبل ان تتكبر على العلم والعلماء, واعترف ان دينك هش وبه خلط فلا تشتكي الابتلاء وانت ما زلت تدرس في الصفوف الاولى وتعاود كل صف سنوات ولم تنهي دراستك بعد فلا تقل انك دخلت الجامعة لان الجامعة ليس فيها مقاعد فارغة لفقراء العلم, وبابها مكتوب عليه ممنوع دخول الجهلاء, وتقول انك مؤمن.

اقبل على الله بقلبك وحاول ان تقدره شئ من قدره لاننا ما قدرنا الله حق قدره ولا عبدناه حق عبادته ولولا رحمته لكانت اعمالنا كسراب بقيعة يحسبه الضمئان ماءا, فشمر للعمل والحق ما فاتك من عمرك الذي ستسال عنه فيما قضيته وعن بدنك فيما اعملته, افي طاعة الله ام في معصيته, وما زلت تبكي على الدنيا الفانية وعلى متاعها الزائل, فماذا افرق اكل الامس عن اليوم اما علمت ان الطعام هو لاعانه البدن على طاعة الله وليس للسمنه والتخمة, اسال نفسك كم يزيد وزنك عن حقك واعلم ان ما زاد في وزنك كان طعام غيرك فاين تذهب به وكيف ستقابل به ربك وانت بهذه الدهون, وانظر الى من برزت عظامهم من الجوع والفقر واعلم ان ما زاد في وزنك كان اولى ان تنقذ به حياتهم فهم مخلوقات الله, فلا عجب ان اكلت بدون اسم الله وهل تعرف ماذا تعني ان تسم الله وتاكل بيمينك وتاكل مما يليك واذا فرغت قلت الحمدلله الذي اطعمني اياه من غير لا حول مني ولا قوة, وهل تعلم انه ما اكل بدون اسم الله كان ميتة كما الذبيحة تذبح على غير اسم الله فلا تقول انك نسيت فالذي يعلم فضل ربه عليه يذكره عند اكرامه بهذه النعمة التي حرم منها الكثير, وتقول انك مؤمن مسلم فكيف تاكل بدون ذكر اسم الله, فمن ذكر شكر وحمد ربه على هذه النعمة, تاكل من امام الناس وتقول انك مسلم وتاكل بشمالك فهل تعلم ان الشيطان ياكل بشماله, يا مسكين وتقول انك مسلم, فاي مسلم ينسى شكر الله على النعمة ولا يتخلص من حوله الى حول الله ومن ضعفة الى قوة الله فلا يمدح نفسه ولا يذكر ما اطعم وما قدم بل ينسب الفضل فيها الى ربه, ام انك من اهل ولائم الشر وضيوفك هم الاغنياء فاذا بهم شرا عليك, اما علمت يا مسكين ان خير الولائم ما دعي لها الفقراء وشر الولائم ما دعي لها الاغنياء فهل تريد رزق الله لتزيد به سمنة الاغنياء, وتترك احباب الله الفقراء يتضورون جوعا لانهم لا ينفعونك في الدنيا وينزلون من مستواك الاجتماعي, وتقول انك مؤمن فاي مؤمن لا يدخل بيته الا الاغنياء.
وتقول انك مسلم فاي حكمة تعلمت من رمضان ونحن نتساوى في الجوع فقراء واغنياء فلا تشفع للاغنياء اموالهم فكان الصيام خير وسيلة ليجربوا الجوع فيفهموا حال الفقراء ويخرجوا زكاتهم, ويصوموا ويرحموا ابدانهم والسنتهم.

فهل اتعبك الحديث عن الفقراء وموائدهم المباركة وحقهم المعلوم في مال الاغنياء فلا عجب ان افقرتك موائد الاغنياء وافتخارك بمن حضرها فهل نفعوك يا مسكين بعد خسرانك لمالك, فهل تظنهم يذكرونك او يعينونك وانت اليوم ليس من ثوبهم, اما علمت انهم يجتمعون اليوم في بيت مسكين مثلك وغدا يتركونه عظما فيصير من ثوبك, هذا حال اهل الدنيا يا من تدعي الايمان ولا تعلم ان البشر ان خرجوا عن قانون ربهم وضعوا قانونهم وصنفوا انفسهم بناءا على ارقام حساباتهم وجاههم وشهادتهم, ولا يعلمون ان اكرم الناس عند الله اتقاهم فهل من يبذر ما رزقه الله على الاغنياء تقي, بل هو شقي من اسرف رزق الله وقال مالي وهو ليس له من ماله الا ما انفقه في سبيل الله, وان سالت الله ان يرزقك فاساله ان يعطيك معه القدرة على الانفاق في سبيله, واساله ان لا تنفقه على ما يغضبه من المحرمات, فكم هم الذين كرماء في الحرام وبخلاء في الحلال بل تجد ان احدهم عنده القدرة ان ينفق في ليلة واحدة ما يطعم مئة عائلة فقيرة ولا يقوى على ان يعطي درهما واحدا لفقير, فهل تريد ان تكون منهم يا مسكين.

لقد عرفت يوما قوما همهم العثور على الكنز, افنوا عمرا في البحث عنه وكل له خرائطه وادواته ويتداولون بينهم حكايات الكنوز ومن وجدها وكيف تغيرت احوالهم, بل يدعون ان لكل كنز حراس وهم يتفاخرون انهم يعرفون اسمائهم وكيف يصرفونهم, وكانوا يدعوني لاشاركهم البحث علي انال نصيبا من كنوزهم, وكنت اقول يا ليت قومي يعلمون اين هو الكنز, لقد مر عمرا وهم يبحثون عنه وكنت قد رحلت الى المهجر لاسعى وعدت اليهم فوجدتهم كما تركتهم ما زالوا يبحثون, فقلت انهم يبحثون عن كنز الفقر الذي يسرق العمر بحثا عن متاع الدنيا الزائل, وتركوا اكبر الكنوز التي تغني في الدنيا والاخرة كتاب الله كنز الكنوز الذي هجروه اقواما فهجرهم الله وهجرهم معه الخير فما نالوا الا ما اكلوا وشربوا وحلموا, احلام مشروعة لاهل الفقر فالبيوت التي لا يتلى فيها القرآن بيوت فقيرة حتى لو كانت جدرانها من ذهب وفضة, يا مسكين وتقول انك مؤمن فهل انت منهم تبحث عن الكنز في المخلفات وتبكي على الدنيا الفانية التي ستهلكك كما اهكلت امم من قبلك عاشوا ايامهم فرحا ولهوا بما نالوا منها من النفايات الفانية, اقراء تاريخ الجبابرة والملوك الذين اهلكهم الله فالقرآن خير شاهدا على نهايتهم.
يا ربي ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا.
فاين انت من كنز المثاني السبع والكرسي والبقرة ويس وباقي مجوهرات الكنز العظيمة, اين انت منه يوم نزل الي السماء الدنيا من اللوح المحفوظ, اين انت من الليلة المباركة التي انزل فيها ليلة القدر فكانت عبادتها خير من الف شهر, (انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منزلين), واستمع يا مسكين مع اول من استمع للقرآن حين انزل على الارض فاشرقت بنور ربها فكانوا الجن من اول المستمعين لهذا الكنز العظيم الذي انزل الى الارض لينقذ اهلها من الجهل والضلال ويعطيهم مفاتيح الخير والرحمة والنعيم الدائم فكان سببا لهم في الدنيا لينعموا بنعيم الله ويدخلون في ولايته وحمايته, فكان لهم خير معيل وشفاء لما في الصدور.
قل اوحي الى انه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرآنا عجبا
اما زلت تبحث عن الكنز يا مسكين بين النفايات فاين انت يوم يرفع القرآن من الارض فلا يبقى حينها الا الفقر والجهل والضلال فتكون الساعة على ابوابها وقد اكتملت اشراطها, فاقراء بقلبك وتدبر قوله افلا يتدبرون القرآن
ولا تهجر هذا الكنز العظيم فيهجرك الخير, واجعل لنفسك نصيبا منه في كل يوم وليلة فذاك ما غنمت وادخرت لنفسك افلا تعلم انه ياتي يوم القيام شفيعا لاصحابه فهل انت من اصحابه الذين سيقال لهم اقراء وارتقي.
اسال نفسك يا مسكين كم في قلبك منه وكم تعلم من احكامه ام انت ممن لا يملؤن قلوبهم الا من علم الدنيا الزائل ومن النكات الغبية التي يتداولها الجهلاء فلا يضحكون الا على الفقراء والاغبياء امثالهم.

اذا احببت شاعرا حفظت اشعاره, وان كنت من اهل المعازف والطرب حفظت الحانهم فكنت منهم وليس من اهل القرآن, فاؤلائك هم من تغنوا بالقرآن, الا تعلم يا مسكين ان هناك حديث للحبيب عليه الصلاة والسلام يقول: ليس منا من لم يتغنى بالقرآن, وانت تدندن وتغني لشيطانك لتطربه كلمات البشر فماذا لومت وكان اخر كلامك ما كان على لسانك يا مسكين الا تعلم قوله من كان اخر كلامه لا اله الا الله دخل الجنة, وتقول انك مؤمن فمن اولى بان نتغنى بكلامه رب الشعراء ام الشعراء المخلوقين والذين يقولون ما لا يفعلون وفي كل وادي يهيمون.

وتقول يا مسكين انك تحب الله حقا وانت تردد الحان الشياطين وكلام الشعراء على حساب كلامه, اما علمت قول الله ان الله لا يحب الا من اتبع نبيه وذاك قوله: (قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ورسوله), فليس المسالة ان تحب الله بل ان يحبك الله ورسوله فماذا فعلت لنفسك ليحبوك هل انت اتبعت نبيك.

الا تعلم ان القرآن نور, وتنور به القبور وتكسب به الاجور فيكون لهم يوم القيام نورا فهو القائل( نورهم يسعى بين ايديهم) فيا حسن حظهم من جاؤا امام الخلائق ونورهم يسعى بين ايديهم يوم يكون ظلاما دامسا على اهل المعصية, ويا حسرة على من حرم هذا النور وهو ما زال على قيد الحياة وذاك قوله (ولا يستوى الاحياء ولا الاموات) فاحيا بنور ربك واغتنم ما فاتك قبل ان تكون مع الاموات ويغلق كتابك وتندم على فقر افعالك.
فاقراء كتابك وانظر الى فقر اعمالك قبل ان تسال ربك بجهلك لماذا لا تعطيني, فهو الذي يسال ولا يسال واساله بقوله واما السائل فلا تنهر لعله يرحم ضعفك ان وقفت عند بابه مع المتسولين المتذللين الذين خلعوا ثوب الكبر ووقفوا هناك على باب ملك الملوك يدعونه لعلمهم انه لا يرزق غيره ولا يعز ولا يذل غيره, واحسن سؤالك ولا تكن الدنيا اكبر همك بل اساله العفو والعافية والمغفرة, اساله الاخرة قبل الدنيا وان يجعل قلبك معلق بالاخرة واساله الجنة وما قرب اليها من قول وعمل واستعذ به من النار وما قرب اليها من قول وعمل, وارتقي في سؤالك واقدم بلباس الذل فهو عز لك ان تكون قد ادركت ان الله ينظر الى قلبك قبل عملك وسؤالك, فان وجد في نفسك شئ من الكبر اعطاك لانه كره سماع صوتك, وان منعك فاعلم لانه احب ان يسمع صوتك وارادك ان تكون مع الجموع الباكين المتذليين القائمين ليلهم راجين رحمة ربهم, لا يرفعون رؤوسهم وعيونهم ساجدين لعظمته فقد حضرت قلوبك وخشعت نفوسهم ونالوا ما لم يناله الصابرين, فقد عرف كل منهم مكانه من باب الرحمن ويعلمون في كل ليلة ان مكانهم ينتظرهم وملا ئكة الله يذكرونهم فطوبا لهم ما نالوا من كرم الكريم فاين انت يا مسكين منهم.

تقول انك مؤمن وانت تعمل عمل اهل الكتاب الذين منهم من ان تامنه بقنطار لا يؤده اليك الا ما زلت عليه قائما, فهل هذا رد المعروف لمن فرج كربتك وقضى حاجتك في ان يسترد حقه بالتقسيط المذل او بالمحاكم, الا تعلم انك ان فعلت قتلت المعروف في الارض فانمنع بين الناس الاجر واهملت حوائج الناس, الا تعلم ان لله اناس اختارهم لقضاء حوائج الناس وانت تبحث عنهم لتقتل الخير فيهم, فهل هذا جزاء الاحسان وهل هذا الذي تفعله من صفات المؤمنين الذين هم لاماناتهم ولعهدهم راعون, تخون الامانة وتنقض العهد وتقول انك مؤمن فهل هذا ردك لربك ان يسر لك عبد من عباده ليقضي حاجتك بعد بكائك وضيق حالك واليوم تبكي على بابه بواسع سؤالك ولا تنظر لسواد كتابك وقبح اعمالك, يا مسكين انهم يقولون عنك في السماء انك ليس لك عهدا وما عهدوا منك الا كثر سؤالك وتظلمك بان السماء لا تستجيب دعائك.

رد الحقوق لاصحابها واكرمهم مثل ما اكرمك الخالق واعط الاجير اجره قبل ان يجف عرقه وليس دمعه ودمه ويموت احد ابنائه فويل لك ان ظلمت اجيرك, فما جزائك الا ان تصبح اجيرا عند ظالم مثلك فيفعل بك مثل ما فعلت باجيرك لتعلم ان الظالمين يسلطون على بعض, فاحرص ان لا تكون منهم فتغم ولا ينفع يومها اعتذارك, فبادر بالخير واقبل عليه كيوم اقبلت عليك السماء فاعطتك فسخرت لك اهل الخير والمعروف لتعلم قدرهم وتحيي عملهم وتكون منهم فلا تنكل بهم فيندمون على حسن اعمالهم.

يا مسكين تشتكي الفقر وتقول انك مسلم, فاي مسلم يجلس ملعونا ويبات ملعونا ودمه مغرق بأم الخبائث اربعين فوق اربعين يوم وليلة ولم ينظف دمك منها وانت كالمهرج لا رادع لك فان عرضوا عليك كاسا منها حسبته هينا وهو عند الله عظيم, فكيف قدرت المخلوق على الخالق لتجامل اهل المنكر ويقولوا انك صديق جميل, فاي صديق ينام اربعين يوما وليلة ولا تقبل له صلاة وقد لا تقبل ابدا فكم مرة كررت خبيث صنعتك وشربتها حتى الثمالة فاصبحت مهرجا تضحك على نفسك ويضحك عليك غيرك وتمدح كبيرهم الذي علمهم السكر فاين انت من قوله: (وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد), اما علمت يا مسكين انك لو مت سكران فستجتمع عليك سكرات الموت وسكرات الدنيا الحمراء التي سكرتها من اجل ان يقضوا لك حاجتك, وتاتي اليوم بعريض دعائك وتقول ما للسماء لم تستجب دعائك ولم تعبئ بطول انتظارك.

وتقول يا مسكين انك مسلم وما سلموا اهلك ولا حتى جيرانك من لسانك, فاي مسلم انت لا يعبئ برقيب ولا بعتيد فاصبح لسانه كسيف من حديد ويغمسه كل صباح ومساء في الصديد, صديد اهل النار فما بعده من صديد, فامسك عليك لسانك فان صنته صانك فكلك عورات وللناس السن فاستر ما ستر الله عليك وان فضحك فذاك لطول لسانك, وتقول انك مؤمن فهل امن الجار بوائقك وشهدوا اهل الحي على طيب افعالك, وهل شهدوا لك بحسن اسلامك واعتيادك المساجد وحسن سلامك, واجمع ما لك وما عليك قبل ان يجمعوها لك وان كانت مثقال حبة من خردل اتى بها اللطيف الخبير, وعش كأن اربعينك قد اوشكت وانهم قد جهزوا مرقدك, واتعض بما جائك في هذه الرسالة رسالة الابتلاء فان اخذت بها جائك بامر الله الفرج وان لم تتعض فما وصلتك رسالتك.



الموضوع الأصلي : رسائل ابتلاء من جزيرة الارض // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: اسأل الله ان يحفظك


توقيع : اسأل الله ان يحفظك





 رسائل ابتلاء من جزيرة الارض I_icon_minitimeالثلاثاء 19 فبراير 2013, 17:15
المشاركة رقم: #3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المدير العام
الرتبه:
المدير العام
الصورة الرمزية
اسأل الله ان يحفظك

البيانات
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 1836
تاريخ التسجيل : 29/11/2009
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: رد: رسائل ابتلاء من جزيرة الارض


رسائل ابتلاء من جزيرة الارض


الرسالة الثالثة

يا مسكين اما زلت تنتظر الفرج, فأن لم يحصل فهذا يعني ان رسالتك لم تصلك, فالرسائل لا تقراء بالعيون بل بالقلوب المكسورة لخالقها لانها لا تعلم ماذا سيفعل بها, فاسال من خرجوا من الدنيا ماذا حملوا معهم غير اعمالهم, فقد هلك عنهم سلطانهم, وما اغنى عنهم مالهم وانت ما زلت تقف على الابواب تشتكي الفقر وتقول انك مسلم, فهل قطعت عهدا او نذرت نذرا ان يكون مال الله لله, فتكون خير من يتفقد عباده ولا ينسى من الفضل احبابه, اما علمت ان لله احباب لو اكرمتهم اكرمك وان قطعتهم قطعك ولم تغن عنه شيئا, اما علمت قوله اذا رأيت مبتلى بعاهة ان تقول (الحمدلله الذي عافانا مما ابتلاك به وفضلنا على كثير من خلقه تفضيلا).
فهل علمت من الذي ابتلاهم وما الحكمة في ذلك, انه هو الذي بيده ان يبتليك ويبتليني وكل خلقه اجمعين ولكنه فضلك لعلمه فهل كنت بقدر هذا التفضيل, فهل تعلم ان من اسباب ابتلائهم انه اراد ان يختبرنا كيف سنعاملهم فهم احبابه الذين افاقوا على هذا الابتلاء ورضوا به وانتظروا منا ان نقوم على رعايتهم فلا نشعرهم بضعفهم وعجزهم ولا نشتكي طلبهم لنا واحتياجهم, الا تعلم انا سنسأل عنهم يوم نلاقي ربنا, اما علمت ان باكرامهم ياتي الفرج, اما علمت ان اسباب الرزق جائت في هذا الحديث: (لولا شيوخ ركع واطفال رضع وبهائم رتع لما انزل الغيث علينا), فهل افقت يا من تشتكي الفقر على نعمة الصحة التي انت فيها ام ما زلت تبحر في عميق بحر جهلك كمركب بلا جهة ولا ربان, فليكن ربك ربانك والقرآن دليلك وبرهانك ومحمد عليه الصلاة والسلام نبيك ورسولك ومعلمك, واقراء الدروس والعبر في كل عمل وأثر, ولا تدع الاشياء تمر من امام حياتك بلا تدبر ولا تفكر, واقراء رسالة الله العزيز الوهاب في الشر كما هي في الخير ففي كل رسالة علم وخبر, ففي كل ابتلاء رسالة وكل شئ عنده بحكمة وقدر, وكما جعل في كل حلال منفعة ايضا جعل في كل حرام شرا وضرر, فمن جاء بالحلال لم ينتظر طويلا على الابواب وفهم رسالات ربه باسرع ما يكون المسلم الكيس الفطن الحذر, ومن طال وقوفه على الابواب فما عرف طريق الحلال او ربما قد خالطه بشئ من الحرام فلينتظر, ومن رضي بالانتظار فليتسلح بالصبر.

قد يطول انتظارك ولكنك ستصل يوم تكره نفسك الحرام كما تكره الميتة ورائحتها, وتكون وقتها قد تلقيت اول رسائلك ووصلت حيث مفادها, فتكون خير ثروة لك وحينها فقط سترى الحياة بعين الحق فلا تقبل باقل من الحلال, فالمؤمن نفسه عفيفة لا تقبل على المعصية كما تقبل الحيوانات المسعورة على الجيفة, بل يسال الله ان يكفيه بحلاله عن حرامه فلا يحتاج معها ليغلق نوافذه ولا العيش متخفيا كاللص يخاف الناس ويستحي منهم ولا يستحي من الله واين المفر.
يا مسكين الا تعلم ان كره المعاصي من صفات المؤمنين وتقول انك مؤمن, فأي مؤمن انت ولا تعرف شيئا عن حديث النفس, فالمؤمن له رادع يردعه وحين تعرض عليه المعصية يدور صراع كبير بداخله, اقطابه الخير والشر فيسمع حديثا في نفسه بين الحق والباطل ويكون الخوف من الله هو رادعه, وانت ان عرضت عليك المعصية هل هناك اعظم من ان يكون الله عونك فيعصمك ويكتبها لك حسنة بعد ان كانت سيئة, فأعظم الله في نفسك.

يا مسكين تتكلم كثيرا عن البحر وانت لا تجيد السباحة وتقول انك تعرف ما يوجد على الضفة الاخرى من البحر, وتصفه للناس من بطون الكتب ولم تتعلم السباحة بعد ولم تجهز مركبك فكيف ستعبره هل بالاحلام ام بالتفكير والنظر, وتقول لهم ان شاطئ الضفة الاخرى ليس فيه برد ولا حر, ولا موت ولا حزن وتردد للناس قوله ان فيها مالا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر, اتصف لهم جنة الخلد فكيف ينالها من اضاع الليل سهرا وسمر ونام قبل صلاة الفجر واشرقت شمسه فاضاع صلاة الضحى بدخول صلاة الظهر, وتقول انك تعرف البحر يا مسكين وانت لم تذكر لهم مرة واحدة حر سقر.

اكتب بها ما ساتطعت, واكتب لمن يعرف قدرها ان استطعت, وافتح بها تفتح لك ابوابا على غير اهلها اقفلت, فان ابصرت ما كتبت تكون قد وصلت وافلحت, كم نصادف اناس في طريقنا ونجتمع معهم في محيطنا فلا تكن نسخة منهم وانت تملك اسما ولك كتابا فاكتب فيه ان فهمت, وكن حيث لا ينتظروك ولا تسمع لما يمدحوك, واهرب من ضيق وكرهم وفقر ما عندهم وارحل بعيدا عنهم قبل ان يسلبوك حريتك ففضائهم ضيق وعلمهم فقير وتيقن انهم لن ينفعوك.
واعلم ان من لم يناله الحظ والشرف ليكون مع المقربين فهو مع العامة, وتقول يا مسكين انك تعرف الله وانت ما زلت منهم فاين انت من المقربون, الا تعلم ان للملك مقربون وعلى موائده ينعمون, ولله الاسماء الحسنى فكم تعرف منها ام لا تعرف من الاسماء الا الشعراء والمغنون الذين يضللون الناس ويبكونكهم وبالوهم يتغنون, فخذ قلمك واكتب ما دام المداد وتوقف ان بدت لك العقد, وحرر فكرك منها واستمد بمدادا يفك العقد, فهي في فكرك فتحرر منها قبل انتهاء الامد, فلكل اجل كتاب فاغتنم كل نفس في الذكر ولا تعد, ودع العد لهم فهم الذين يحسبون ولا يخطؤون وهم عبادا لله الذين لا يعصونه ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون.

اسال من سبقوك ان كان يستجيبون فهم من سكنت مساكنهم ولم تتعض باخبارهم فهم الذين ظلموا انفسهم فليتهم ينطقون يا زائرا وغدا تصبح معهم فماذا اعددت ليوم تحدث اخبارها, هي امنا التي ولدتنا وستشهد علينا ماذا فعلنا فلا يغرنك كثر زوارها, وتزود بالتقوى غريبا ما اضاع العمر يبكي على حجارها, ونوربيتك بالقيام يوم الخلائق تنام فوحشة الطريق وقله الزاد لها اذكارها, واكرم الزائرين في ليلها فان تنفس الصبح صاح الديك اين عمارها,
فان نامت عينك ولم ينم قلبك فقد اتتك اسرارها.

واحذر ممن ربهم لا يعبدون, ومن لا يعبد ربه يعبد نفسه وهم كثر عبدة للدنيا وللدينار والدرهم, واحذر ان يغروك وان اردت ان تعرفهم فعليك ان تعرف ما يتكلمون, فهم قوم للكلام يعشقون لانهم لانفسهم يعشقون, تتبع ما يقولون والى ما يرمون فسترى كيف يقدمون انفسهم, وانظر الى سندهم وبماذا يستشهدون, واقراء ما يقولون فستجد في عميق قولهم انهم يثرثرون وفي انفسهم يتعبدون والكل يقول انا وانا دون ان يعلمون, واقراء في لحن قولهم نفاقهم وزيفهم ولكل لحن فما افقر سلعتهم وما يبيعون, فلا تكن معم فهم الذين ياكلون خيره ويشكرون انفسهم ويمدحون غيره, فدعهم للكبر الذي في صدورهم فليت الجهل لهم مرتبة ولكن لا يستحقون.

يا مسكين تتكلم عن الحبيب عليه الصلاة والسلام وانت لا تعرفه, فهل تعرف ملكا جلس على التراب وجالس الفقراء, وحمل حاجه اهله, وخصف نعله, ورقع ثوبه, وكنس بيته, وحلب شاته, وقرب الطعام لضيفه, وتناوب ركوب الراحلة مع رفيقه, وجلس حيثما انتهى به المجلس, ولما رآه رجل ارتجف من هيبته فقال: ( هوّن عليك فانما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد في هذه البطحاء) فهذه قطرات من فيض تواضعه صلى الله عليه وسلم...
وهل رأيت غنيا يداعب الاطفال ويواسي المستضعفين ويعطف على المساكين ويصل رحمه فهل تريد ان تتبعهم وتسلك دربهم وتبحر بعيدا عمن وصفه ربه وانك لعى خلق عظيم.

واعلم ان من خاف الله خاف منه كل شئ ومن لم يخافه خاف من كل شئ, والخوف درجات فبشدة خوفك من الله ترتقي ومن سال الامن والامان عند الله امنه من كل شئ ومن ابتغاه عند غيره زرع في قلبه الخوف من كل شئ ومن ابتغى العزة عند الله فقد البسه ثوب العز ومن ابتغاه عند غيره البسه ثوب الذل, ومن هان الله عليه اهانه كل شئ.

هذا العالم غريب كغربة المسلمين بين الامم فطوبا لمن كان منهم واغتنم.

نخاف من السمتقبل وكأننا نصنعه ونضع مخاوفنا بناءا على قواعد الدنيا ونظرياتها ونفتقر الى معرفة الله وعلاقته بالمستقبل وبقدرنا لاننا لا نعرف قدر الله حق قدره, وننظر الى الله انه مصدر الطاقة الذي نستمد منه الامل والاحساس بالامان ونلجئ اليه عندما تشتد علينا الصعاب ونعود لنثق بقدراتنا ونعود لنقع ونفشل ونكرر العمل لنعود الى الله ليعيننا وكل هذا دليل على اننا لم نزل في اول الطريق وقد نبقى العمر في اول الطريق وقد ندرك اننا مجرد مسلمون ونحاول ان نكون مميزون ببعض الاختلاف عن الغير.
عيلنا ان نفهم ان الخوف من اي شئ هو سر وسبب ليقربنا الى الله ليقوي ضعفنا في هذا الشئ, ودليل على افتقارنا الى الله وعدم كمالنا, ولان من عظيم رحمته انه ترك اغلب احتياجتنا بيده لنبقى فقيرين اليه ولا نذهب بعيدا عن باب عونه, ولانه من عظيم حكمته انه يعلم اننا لو اعطينا اغلب حوائجنا لكنا ابتعدنا عنه ووثقنا بانفسنا وقدراتنا.
كم هو رحيم بنا رغم غناه عنا وعن دعائنا وقربنا منه, ولكن هيهات ان نعبد الله على هذا المفهوم وان ننظر الى عميق حكمته ورحمته وكيف انه يريد بنا خيرا حتى عندما يكون الخوف هو الانفع لنا او ان يكون الخير انفع لنا فهو الحكيم العليم بخلقه وبسر وضعف كل عبد من عباده, فهذا لا يعرف الله الا بالخوف وهذا بالكرم وهذا بالمرض وذاك بالفقر, انه احكم الحاكيمن الذي يعرف فروقنا وخصائصنا كل على حده وما يلائم كل منا, فلو اغنى الفقير لترك عبادة الله واستغنى عنه ولو افقر الغني لكفر بربه ولو اشفى المريض لما عاد يدعوا الله, فيدع الجميع معلقين بالرجاء فيشفي المريض حين يدرك رحمة الله عليه, ويغني الفقير حين يعلم ان الغنى لن يكون وبال عليه, ويكرم الغني حين يعلم حق الفقراء عليه, ويفقره ان لم يفعل او يزيده فلا يعود اليه, وبهذا يعلم كل انسان ان لله حكمة في منع عنه او ابتلاه فيخاف الغني حينها من الفقر والسليم من المرض والفقير من ان يبقى فقيرا, فان وصل الى حيث اراد الله امنه من كل ما يخاف وذاك يعني ان هذا العبد عرف قدر الله وقدرته وان كل شئ بيده فازال الخوف من قلبه لانه استبدله بالتوكل والاخذ بالاسباب ودخل في ولايته.
وبهذا نفهم ان كل ما ينقصنا سر وعلامة ضعف بنا وفي مفهوم علاقتنا بالله وعدم ادراكنا لقدراته, فالسعي لا يعني الا البحث عن الاسباب اسباب الحياة والعيش, ولكن ان وضعنا ثقتنا في هذا السعي مثل الوظيفة او الشهادة او المال اوكلنا الله لما وثقنا به وربما زادنا ليبعدنا وجعل معه الخوف اكبر في قلوبنا فلا نامن لو ملكنا ما ملكنا ولا تطمئن قلوبنا مهما وصلنا.
المؤمن يعلم ان عبادة الله لا تبنى على الخوف وحده ولا على الطمع بزيادة بل على حق الله علينا كما هو حقنا عليه, بانه ربنا الموجود في حياتنا ومهما اتسعت فهو دليل قلوبنا وربنا وعليه فان حقه علينا ان نعبده لانه الله الرب الخالق وان الشوق اليه يجب ان يملئ قلوبنا لا ان نبكي على مخلفات الدنيا وحوائجها البالية, هو ربنا الذي سنعود اليه وتنتهي اليه حياتنا ونطمع بالجنة الحق والوعد الحق فلا تفصلنا الدنيا عن الاخرة فكل عمل ومال وصحة هو لاعانتنا لنعبد الله لليوم الذي سنقابله ونقف بين يديه.
الله اكبر من طقوس وعادات وكلام عن الدين وترديد بعض ايات واحاديث, الله هذا الوجود فينا والحياة فينا والخلق فينا فاين كنا واين سنكون, من عدم اوجدنا وخلقنا واكرمنا فلا يكون اليوم التراث الذي ننتسب اليه لنفرق انفسنا عن غيرنا ونحيي الاعياد والطقوس احيائا لعادتنا واعتيادنا.
المؤمن يقف عند نفسه وقلبه وروحه وسر وجوده لتصغر هذا الدنيا التي جعلوا منها كبيرة وهي حقيرة ليس فيها خيرا الا ذكر الله.
المؤمن من عبد الله باليقين لا بالشك والتخمين وصبر صبر الانبياء مهما شككه الضعفاء وذكر قول الله حتى يقول والرسول والذين معه متى نصر وقوله حتى اذا استيئس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا جائهم نصرنا, فلا يثنيه شدة الابتلاء ولا يقنط من رحمة السماء ووعده فنجي من نشاء.
المؤمن هو الحق والقوة واليقين الذي في قلبه فلا يطلع عليه الا ربه فان دخل على الظالم راه ضعيفا والغني فقيرا والسليم سقيما فمن هم من دون الله, فاي مؤمن يعطي الاموات فوق قدرهم.
فيشد رحاله الى حقيقة الدنيا ومنتهاها مهما طال اجله فيعيش مع الناس بجسده فيكون غريبا بينهم ليس لهم منه الا ما ينفعهم وينفعه ولا يرضى ان يسلبوه وياخذوه الى ما لا ينفعه, فان ياس منهم هجرهم واكتفى شرهم.
فالمراءة ان وفقها الله بزوج صالح حمدت وشكرت ربها لانه سيكون معينا لها في دينها على دنياها وكذلك الزوج لزوجته فان قصرت في عبادة ربها سلبها ما حسبته قوة وامنا فصار زوجها ضعيفا وعادت لخوفها, فان قالت لماذا قلنا لها لانك نقلت النسبة التي كنت تعبدين الله بها الى زوجك فصار لك اشبه بربك وكذلك المال لمن قام الليل وبكى وصام ودعى وارتجى حين اعطي المال عبده فصار هذا المال ربه.
لو علمنا ان الزوج او الزوجة او المال او البيت او الصحة وكل نعمة انعم الله علينا بها لتكون معينا لنا في عبادته فتزداد فينا طاعته فيزيدنا من فضله ومن رحمته, فان سالناه اياها وانعم علينا بها فعبدناها اوكلنا لها ففقدناها وعدنا الى بابه بثوب الذل نشتكي ابتلائاتنا ونحن الذين كتبناها.



الموضوع الأصلي : رسائل ابتلاء من جزيرة الارض // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: اسأل الله ان يحفظك


توقيع : اسأل الله ان يحفظك








مواضيع ذات صلة


 رسائل ابتلاء من جزيرة الارض Collapse_theadتعليمات المشاركة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة




Powered by wsaya
Copyright © 2015 wsaya,