مبصر فى مدينة العميان المبصر فى مدينة العميان
ساقه القدر إلى مدينة كل سكانها من العميان لقد ظن الرجل فى البداية أنه سيملك القوم عملا بقاعدة " الأعور وسط العمي مفتح "و الرجل ليس أعور إنما هو مبصر تمام الإبصار لكنه لم يلبث أن اكتشف حقيقة الأمر و أدرك أنهم يريدونه مثلهم بل لن يقبلوه إلا لو كان مثلهم أعمى !! إن طول فترة مباشرتهم للظلام جعلهم يبغضون الضياء و لا يتصورون أن يكون من بينهم من يبصر ذلك الضياء و يرى الدنيا بلون آخر خلاف اللون الحالك الذى يغشى مدينتهم الكئيبة لذلك عاملوه كالمجنون و طالبوه أن يفقأ ذلك العضو الغريب الذى يجعله مختلفا و يجعله يقول أشياءً و يرى أمورا غير التى ألفوها و اعتادوا عليها و ذلك إذا ما أراد التعايش معهم لقد طلبوا منه أن يفقأ عينيه و لقد كاد أن يفعل .. الضغط الدائم و الاستهجان المتواصل و الرفض المستمر لما يقول و يرى جعله يقدم على تلك الخطوة ليستطيع الاندماج والقاعدة تقول " اللى زى الناس ما يتعبش"لكن بطل القصة تراجع فى آخر لحظة و قرر الاحتفاظ بعينيه قرر ألا يكون إمعة قرر ألا يطمس بصره ليكون مثلهم و يعيش بينهم فى سلام
لقد قرر أن يرى حتى لو كان ما يراه مختلفا
للأسف كثير من مبصرى اليوم لم يفعلوا مثله و قرروا أن يركعوا للضغط و ينحنوا للموجة قرروا أن يخوضوا مع الخائضين حتى لو خالف ذلك ما يرونه و يعتقدونه حتى لو خالف ذلك ضمائرهم و مبادئهم إن كان قد بقى منها شىء هان عليهم أن يطمسوا نعمة البصر و البصيرة التى أنعم الله عليهم بها فقط ليكونوا مثل الغير ....رضوا بالظلام و ليله الحالك فقط ليكونوا مثل غيرهم وصاروا عميانا بين العميان فإنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التى فى الصدور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتبها فى مطلع القرن الميلادى الماضى هـ . ج . ويلز و لخصها الدكتور محمد علي يوسف