وصايا الحبيب :: اقسام دعوية :: ۩╝◄الملتقي التاريخي►╚۩ :: الشخصيات التاريخية

شاطر
سلمان الفارسي: سيرة مؤمن من النار إلى النور د. أحمد يحيى علي محمد  I_icon_minitimeالثلاثاء 05 فبراير 2013, 23:19
المشاركة رقم: #1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مجلس إدارة المنتدي
الرتبه:
مجلس إدارة المنتدي
الصورة الرمزية
قطرة ندى

البيانات
سلمان الفارسي: سيرة مؤمن من النار إلى النور د. أحمد يحيى علي محمد  Jb12915568671
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 2037
تاريخ التسجيل : 19/05/2011
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: سلمان الفارسي: سيرة مؤمن من النار إلى النور د. أحمد يحيى علي محمد


سلمان الفارسي: سيرة مؤمن من النار إلى النور د. أحمد يحيى علي محمد


سلسلة "رضي الله عنهم ورضوا عنه"


سلمان الفارسي: سيرة مؤمن من النار إلى النور




كان يظنها السعادة، الاقتراب
منها عبادة، تشييد البنايات لها منزلة وطاعة، لكنه صوتُ الفطرة يلح عليه،
يرتفع درجةً فدرجة، قائلاً: إن الحق ليس على هذه الحال.



قابلهما يتعاركان:

الأول: يقول: إنه الحق، إنه اليقين، إنه يملك سبيلَ النجاة.

والثاني يقول: لا، بل أنت الباطل؛ فكيف لمخلوقٍ مصنوع أن يكون إلهًا يُعبَد؟



النار والنور: صراع الحق والباطل إلى يوم القيامة، يقين ندركه، ونعلي الصوت به مع هذا الراحل في دنيا الناس، إنه سلمان الفارسي.



قال لي: كان ظلامًا يأخذ بالأبصار.

قلتُ له: كيف تقول على النار ظلامًا؟

قال لي: أي بُنَيَّ، ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46].



تنحيت جانبًا، تفكرت قليلاً،
الأمر إذًا جد عظيم، إنه الإيمان، النور الذي يُتِيح للقلوب قدرة على
الرؤية لتسير فوق طريق مستقيم آمِن.



كأنه يقول لي: أَوَلا تذكر قوله - تعالى -: ﴿ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [إبراهيم: 1].



سمعته يقول لي: كنت في بلاد فارس، أعبد النار، غادرتها، خرجت أطلبه، ظننته بدايةً في النصرانية.



أصوات أجراس، ترانيم، يا لها من
متعة، لكنها لم تتجاوز حاسة الأذن إليه؛ لم يعبأ بها قلبه؛ لم يُقِم معها
ودًّا، لعلها هي اليقين وأنا لا أدري.



أخبرني - أيها السيد - عن الرحلة من النار إلى النور.



كنتُ رجلاً من أصبهان، وكان أبي دهقان أرضه؛ أي: سيدها.



اجتهدت في المجوسية؛ حتى كنت قاطن النار التي نوقدها.



مررت بكنيسة للنصارى، فدخلت عليهم أنظر ماذا يصنعون، أعجبني ما رأيت من صلاتهم.



قلت لنفسي: هذا خير من ديننا الذي نحن عليه.



قلت:
أيها الصاحب، أيها الصاحب، لا أدري وأنت تحدثني لماذا تذكرت وَرَقة بن
نَوْفَل؛ كان مثلك يبحث عن الحقيقة، عن النور؛ ليستقر شاطئ عقله على بَر
السكِينة بعد حيرة، فوجد ضالته - التي ظنها الهداية - في النصرانية، التي
كانت محطة التفات من الأرض وأوثانها إلى السماء، حتى استقر به المقام في
حنيفية إبراهيم.



أكمل يا سيدي:

سألت النصارى عن أصل دينهم، فقالوا: في الشام.



خرجت وكانت رحلة:

أسقف يسلمني إلى أسقف، وظللت
على هذه الحال حتى لحقت برجل في عَمُّوريَّة من بلاد الروم، فرحلتُ إليه،
وأقمت معه، ثم حضرتْه الوفاةُ، فقلت: إلى من توصي بي؟



فقال:
يا بُنَي، ما أعرف أحدًا على مثل ما كنا عليه آمرُك أن تأتيه، ولكنه قد
أظلك زمانُ نبيٍّ يبعث بدين إبراهيم حنيفًا، يهاجر إلى أرض ذات نخل، فإن
استطعت أن تخلص إليه، فافعل.



عذرًا أيها الصاحب، كأنك تريد
أن تقول: إنها رحلة من بلاد فارس مرورًا بالعراق حتى بلاد الشام، ثم بلاد
الروم، ومنها إلى شبه جزيرة العرب؟



أوَيستحق منا العلم كلَّ هذا الجهد؟ كأنه كنز الدنيا إذًا، وصدق القائل: ((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة)).



وأي علم كنت تقصد يا عبد الله؟ هل علم النجاة، الحد الفاصل بين ظلمة ونور، بين جنة ونار، بين رحمة وعذاب، بين نار ونور؟



نعم هو كذلك يا بني.



أكمل عليك حديثي:

مر بي ركبٌ، فسألتهم عن بلادهم،
فعلمت أنهم من جزيرة العرب، اصطحبوني معهم حتى قدموا بي وادي القرى، وهناك
ظلموني وباعَوني إلى رجل من يهود، وأقمت عند الرجل الذي اشتراني، حتى قدم
عليه يومًا رجلٌ من يهودِ بني قريظة، فابتاعني منه، ثم خرج بي حتى قدم
المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتها حتى أيقنت أنها البلد التي وُصِفتْ
لي.



وأقمت معه أعمل له في نخله من بني قريظة، حتى بعث الله رسولَه - صلى الله عليه وسلم - وحتى قدم المدينة.



أي بني، هلاَّ سألتك سؤالاً: ألا تذكرك رحلتي هذه بشيء من كتاب ربنا؟



بلى أيها الصاحب، أستطيع أن
أقول: إن وصية هذا العابد النصراني لك باللحاق بنبيِّ آخرِ الزمان، إلى
الأرض التي ستنصره، يتطابق مع نعته - صلى الله عليه وسلم - في كتب اليهود
والنصارى قبل أن تُحرَّف وتتبدل، أجدني أقف مع قوله - تعالى -: ﴿ وَإِذْ
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ
اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ
وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا
جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ
﴾ [الصف: 6].



هنا أحدثك - يا بني - عن صفته
كما أخبرني عابد النصارى في عمورية من بلاد الروم: "لا يأكل الصدقة، يقبل
الهدية، وإن بين كتفيه خاتمَ النبوة، إذا رأيته عرَفته".



قلت - أي سلمان -: هنا النور، هنا النور.



قال: نعم يا بني، إنه النور.



أُكمِل لك:

لما قدم النبي - صلى الله عليه
وسلم - المدينة، ونزل بقُبَاء، انتظرت إلى المساء فجمعت ما كان عندي، ثم
خرجت أطلبه، فوضعت بين يديه وأصحابِه طعامًا قائلاً: إنه لكم صدقة، فدعا
النبي - صلى الله عليه وسلم - صحابته قائلاً: ((كُلُوا باسم الله))، وأمسك
هو، فقلت: هذه الأولى؛ إنه لا يأكل الصدقة، ثم رجعت وعدتُ إلى الرسول - صلى
الله عليه وسلم - في الغَدَاة أحمل طعامًا، وقلت له - صلى الله عليه وسلم
-: إني رأيتك لا تأكل الصدقة، وقد كان عندي شيءٌ أُحب أن أكرمك به هدية،
ووضعتُه بين يديه، فقال لأصحابه: ((كلوا باسم الله))، وأكل معهم، قلت
لنفسي: هذه واللهِ الثانية؛ إنه يأكل الهدية، ثم رجعت فمكثت ما شاء الله،
ثم أتيته فوجدته بالبقيع قد تبع جنازة وحوله أصحابه، فسلمت عليه، ثم عدلت
لأنظر على ظهره، فعرف أني أريد ذلك، فألقى بُردته عن كاهله، فإذا بالعلامة
بين كتفيه - خاتم النبوة - فأكببتُ عليه أقبِّله وأبكي، ثم دعاني فجلست بين
يديه وحدثته حديثي، ثم أسلمت.



قال: أي بني، سألتك سؤالاً: كيف ترى رحلتي هذه؟

قلت:
أراها خروجًا يدفعه سلطانُ الفطرة النقية، ولقد قال نبيُّنا - صلى الله
عليه وسلم -: ((ما من مولود إلا ويولد على الفطرة، وأبواه يهوِّدانه، أو
ينصِّرانه، أو يمجِّسانه)).



رأيت فيها القلب مأوى الإيمان، وحديثك أيها الصحابي الجليل يذكرني بإبراهيمَ - عليه السلام - ودعائه لربه: ﴿ وَإِذْ
قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ
أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي
﴾ [البقرة: 260].



رأيت في سيرتك زهدًا في الدنيا،
وبيعًا لها بالآخرة؛ لقد كنتَ سيدًا في قومك، ثم صرت عبدًا فقيرًا في سبيل
إدراك الغاية التي يستقر عندها قلبُك؛ فلم تتحرر من الرق إلا بعد غزوة
أُحُد؛ ليقدر الله لك المشاهد كلها مع نبينا - صلى الله عليه وسلم.



كلما ذكرتك يا سيدي، ذكرتُ معك
غزوة الخندق؛ ولم لا؟ فمشورتك الثاقبة التي أفدت فيها من تجاربِ قومك الفرس
- حالت دون اقتحام أحزاب الشرك للمدينة، حتى جاء النصر من عند الله في ريح
اقتلعت الكفر وهزمت أهله، عندئذٍ أقف منصتًا أمام قوله - تعالى -: ﴿ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ
جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ
تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا
﴾ [الأحزاب: 9].



مع سيرتك - يا سيدي - أقف
ساكنًا مطمئنًّا في الروضة النبوية، أستمع إليه - صلى الله عليه وسلم - وهو
يتحدث عن قدرك ومكانك قائلاً: ((سلمان منا آل البيت)).



في رحلتك - يا سيدي - بين النار
والنور، ألج حقل بلاغتنا العربية؛ لأسكن بباب البديع عند الجناس الناقص،
حيث تتوافق لفظتان في بعض الحروف، وتختلفان في البعض الآخر، مع مغايرة
المعنى، تمامًا يا حبيبي يا سلمان؛ فشتان بين النار: (الظلام - الباطل - الكفر)، والنور: (الحق - الإيمان - الهداية).



ومع محطة الختام النورانية هذه، أجدني خاشعًا أمام قوله - تعالى - يصف نفسه - سبحانه -: ﴿ اللَّهُ
نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا
مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ
دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ
وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ
نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ
اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
﴾ [النور: 35].



معك - يا سيدي - يتردد في أذني -
وأرجو من ربي أن يستقر في فؤادي - كلماتُه - صلى الله عليه وسلم - عنك وعن
رفاقك ممن حظوا بهذه المنزلة "صحابة": ((اللهَ اللهَ في صحابتي، لا
تؤذوهم، ولا تتخذوهم من بعدي غرضًا؛ فإن أحدكم لو أنفق مثل أُحُدٍ ذهبًا ما
بلغ مُدَّ أحدِهم ولا نَصِيفَه)).



في سيرتك - يا سيدي - لآلئ
ومَرجان، تحتاج إلى غوَّاصين من الأمة؛ أنَّى لمثلي أن يلتقطها وحده، لكني
أتوقف صامتًا أمام قوله - تعالى -: ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾ [البينة: 8].



أدعو ربي أن أكون مثلهم، أو أن أتشبه بهم؛ فإن التشبه بالرجال فلاح.



د. أحمد يحيى علي محمد



توقيع : قطرة ندى








مواضيع ذات صلة


سلمان الفارسي: سيرة مؤمن من النار إلى النور د. أحمد يحيى علي محمد  Collapse_theadتعليمات المشاركة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة




Powered by wsaya
Copyright © 2015 wsaya,