وصايا الحبيب :: اقسام دعوية :: ۩╝◄ الملتقي الاسلامي العام ►╚۩ :: موسوعة التوحيد والعقيده

شاطر
معاني و أسرار الأسماء و الصفات I_icon_minitimeالإثنين 21 فبراير 2011, 17:58
المشاركة رقم: #1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الرتبه:
الصورة الرمزية

البيانات
معاني و أسرار الأسماء و الصفات Jb12915568671
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 356
تاريخ التسجيل : 20/02/2011
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: معاني و أسرار الأسماء و الصفات


معاني و أسرار الأسماء و الصفات


أهداف مُدارسة الأسماء و الصفات


معرفة أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته عليها مدار الإيمان ، فهي ركن من أركان التوحيد وذروة سنــــام العبوديــــة .
.والإيمان بأسماء الله وصفاته يقتضي :
معرفة
الله سبحانه وتعالى بصفاته الواردة في القرآن والسُّنَّة الصحيحة ،
وإثبــــات لله ما أثبته لنفسه من غير تمثيــل ، ولا تكييف ولا تعطيل ، ولا
تحريف .


والعلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته هو أشرف العلوم وأوجبها ..
يقول الإمام ابن القيم "إحصاء
الأسماء الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم ، فإن المعلومات سواه إما
أن تكون خلقًا له تعالى أو أمرًا .. إما علم بما كوّنه ، أو علم بما شرّعه ،
ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى ، وهما مُرتبطان بها ارتباط المُقتضى
بمُقتضيه ، فالأمر كله مصدره عن أسمائه الحسنى"

[بدائع الفوائد (273:2)]



فمن
يُمعِن النظر في أسرار هذا العلم يقف على ريــــاض من العلم بديعة ،
وحقائق من الحِكَم جسيمة .. ويحصل له من الآثــار الحميدة ما لا يُحــاط
بالوصف ولا يُدرك إلا لمن يُرزق فهمها ومعرفتها .. ومنها أنه :

إذا علم العبد ربَّه وامتلأ قلبه بمعرفته ، أثمرت له ثمرات جليلة في سلوكه وسيره إلى الله عزَّ وجلَّ ..وتأدب
معه ولزم أمره واتبع شرعه ، وتعلَّق قلبه به وفاضت محبته على جوارحه ،
فلهج لسانه بذكره ، ويده بالعطاء له ، وسارع في مرضاته غاية جهده ، ولا
يكاد يمل القرب منه سبحانه وتعالى .. فصار قلبه كله لله ، ولم يبق في قلبه
سواه .. كما قيل : قَدْ صِيْغَ قَلْبِيْ عَلَىَ مِقْدَارِ حُبِّهِمْ .... فَمَا لِحُبِّ سِوَاهُمْ فِيْهِ مُتَّسَعْ .

~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
ومن أحب الله لم يكن عنده شيء آثر من الله ..والمُحب
لا يجد مع الله للدنيا لذة ، فلم يُثنه عن ذلك حب أهل أو مال أو ولد ؛ لأن
هذه وإن عظمت محبتها في قلبه إلا أنه يدرك أنها بعض فضل الله عليه ..فكيف يشتغل بالنِعَم وينسى المُنعِم ؟

ومنزلة العبد عند الله سبحانه وتعالى على قدر معرفته به ..لذلك اختصت آية الكرسي بكونها أعظم آية في القرآن ؛ لأنها أشتملت على أعظم أسماء الرحمن .. وعدلت سورة الإخلاص ثلث القرآن ؛ لاشتمالها على اسمه الأحد الصمد الذي يُقصد لذاته وليس له نظير ولا مثيل سبحانه وتعالى .ومن أحبَّها أحبَّه الله .. كما في قصة الرجل الذي بعثه النبي صلى الله عليه و سلم على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بــ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص: 1]..
فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم ، فقال "سلوه لأي شيء يصنع ذلك ؟". فسألوه ، فقال : لأنها صفة الرحمن ، وأنا أحب أن أقرأ بها . فقال النبي صلى الله عليه و سلم : "أخبروه أن الله يحبه"
[مُتفق عليه] ..
كما أن من عمل بها وحقق ما تقتضيه من فِعْل المأمورات وترك المحظورات ، كان من المُقربين الذين أحبهم الله وتولاهم .


~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
وكلما أدام العبد المسلم ذكرها بقلبه ولسانه ، أوجب ذلك له دوام مُراقبته وشاهد ربَّه بعين بصيرته .. فاستحيا منه ، وانكسر له ، فيصير يعبد الله على الحضور والمُراقبة ، وهي أعلى مقامات الدين ..


يقول ابن القيم "وإذا
بلغ العبد في مقام المعرفة إلى حد كأنه يُطالع ما اتصف به الربَّ سبحانه
من صفات الكمال ونعوت الجلال ، وأحست روحه بالقرب الخاص الذي ليس هو كقرب
من المحسوس حتى يشاهد رفع الحجاب بين روحه وقلبه وبين ربِّه .. فإن حجابه
هو نفسه ، وقد رفع الله سبحانه عنه ذلك الحجاب بحوله وقوته ، أفضى القلب
والروح حينئذ إلى الربِّ فصار يعبده كأنه يراه"
[مدارج السالكين (3:221,222)]


~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
والتعرُّف على أسماء الله تعالى يحمي الإنسان من آفات كثيرة .. كالحسد ، والكبر ، والريـــاء ،والعُجب .. كما قال ابن القيم "لو
عرف ربَّه بصفات الكمال ونعوت الجلال ، وعرف نفسه بالنقائص والآفات، لم
يتكبَّر ولم يغضب لها ؛ ولم يحسد أحدًا على ما آتاه الله . فإن الحسد في
الحقيقة نوع من مُعاداة الله ، فإنه يكره نعمة الله على عبده وقد أحبها
الله ، ويُحب زوالها عنه والله يكره ذلك . فهو مُضاد لله في قضائه وقدره
ومحبته وكراهته

"[مدارج السالكين (1:172)]



~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
كما أن أنوار الأسماء والصفــات تُبدد حُجُب الغفلة ..قال تعالى
{وَلَقَدْ
ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ
لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ
آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ
أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (*) وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى
فَادْعُوهُ بِهَا ..}
[الأعراف: 179,180]
..
فلكي تتخلص من تلك الحُجُب ، عليك أن تدعوه بأسمائه وصفاته .


~.~.~.~.~.~.~.~.~.~

ومن
أعظم آثارها : أن من قام في قلبه حقائق هذه الأسماء ، وتراءت معانيها
لناظريه كان أعظم الناس تحقيقًا للتوحيد ، وأكملهم عبودية لربِّ العالمين
..

يقول الإمام ابن القيم "
الأسماء
الحسنى والصفات العُلا مُقتضية لآثارها من العبودية : والأمر اقتضاءها
لآثارها من الخلق والتكوين ، فلكل صفة عبودية خاصة هي من مُوجباتها
ومُقتضياتها ؛ أعنى من مُوجبات العلم بها والتحقق بمعرفتها وهذا مُطرد في
جميع أنواع العبودية التي على القلب والجوارح .



فعلم العبد بتفرد الربِّ تعالى بالضُر والنفع ، والعطاء والمنع ، والخلق والرزق ، والإحياء والإماتة ، يثُمر له عبودية التوكُّل عليه باطنًا ولوازم التوكل وثمراته ظاهرًا .


وعلمه
بسمعه تعالى وبصره وعلمه ، وأنه لا يخفى عليه مثقال ذرة في السموات ولا في
الأرض ، وأنه يعلم السر وأخفى ، ويعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور ، يُثمر له حفظ لسانه وجوارحه وخطرات قلبه عن كل ما لا يرضى الله ، ويُثمر أيضا أن يجعل تعلق هذه الأعضاء بما يُحبه الله ويرضاه فيُثمر له ذلك الحياء باطنًا ، ويُثمر له الحياء اجتناب المُحرمات والقبائح ..


ومعرفته
بغناه وجوده وكرمه وبره وإحسانه ورحمته ، تُوجب له سعة الرجاء ، وتُثمر له من أنواع العبودية الظاهرة والباطنة بحسب معرفته وعلمه .

وكذلك معرفته بجلال الله وعظمته وعزه ، تُثمر له الخضوع والاستكانة والمحبة .. وتُثمر له تلك الأحوال الباطنة أنواعًا من العبودية الظاهرة هي مُوجباتها ،


وكذلك
علمه بكماله وجماله وصفاته العلى يُوجب له محبة خاصة بمنزلة أنواع العبودية ، فرجعت العبودية كلها إلى مقتضى الأسماء والصفات وارتبطت بها ارتباط الخلق بها"

[مفتاح دار السعادة (90:2)]

فالذي يكمُل علمه بالأسماء والصفات هو العبد الرباني بحق،، ولذلك كله كان إحصاء أسماء الله تعالى من أعظم مُوجبات الجنــــة ..
كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"إن لله تعالى تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا ، من أحصاها دخل الجنة"
[متفق عليه]

وإحصـــاء الأسماء والصفات يكون من خلال :

1) حفظها ..بأن يستودعها قلبه ..
2) معرفة معانيها ..فيتعلم معانيها وكيفية عبادة الله عزَّ وجلَّ بمقتضاها ..
3) العمل بمُقتضاها .. فإذا
علم أنّه الأحد فلا يُشرك معه غيره ، وإذا علم أنّه الرزّاق فلا يطلب
الرّزق من غيره ، وإذا علم أنّه الرحيم ، فإنه يفعل من الطاعات ما يجلب له
هذه الرحمة ، وهكذا .. فيتعلَّق القلب بمعاني الجلال بأن يذل وينكسر ، ومعاني الجمال بأن يُحب ويُقبل على الله سبحانه وتعالى .

4) دعاؤه بها .. كما أمرنا الله جلَّ وعلا
{ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ..}
[الأعراف: 180] ..
والدعــاء على مرتبتين : إحداهما : دعاء ثناء وعبادة ، والثاني : دعاء طلب ومسألة .. فلا يُثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ، وكذلك لا يسأل إلا بها .

يقول ابن القيم "ولما
كان سبحانه يُحب أَسمائه وصفاته ، كان أَحب الخلق إِليه من اتصف بالصفات
التى يُحبها ، وأَبغضهم إِليه من اتصف بالصفات التى يكرهها ، فإِنما أبغض
من اتصف بالكبر والعظمة والجبروت لأَن اتصافه بها ظلم ، إِذ لا تليق به هذه
الصفات ولا تحسن منه ، لمُنافاتها لصفات العبيد ، وخروج من اتصف بها من
ربقة العبودية ومفارقته لمنصبه ومرتبته ، وتعديه طوره وحدَّه ، وهذا خلاف
ما تقدم من الصفات كالعلم والعدل والرحمة والإِحسان والصبر والشكر فإِنها
لا تنُافى العبودية ، بل اتصاف العبد بها من كمال عبوديته"

[طريق الهجرتين (19:23)]



فعلى العبد أن يتخلَّق بصفات الجمـــال .. الله سبحانه وتعالى رحيـــم : ارحم تُرحم .. الله عفو : اعفُ يُعف عنك .. الله حليـــم : أحلم يُحلَم عليـــك ..

أما صفات الجلال ، فيُنزه نفسه عن مشاكلة الله عزَّ وجلَّ بها .. الله عزَّ وجلَّ عزيـــز : أنت ذليــــل .. الله مُتكبِّر : أنت متواضع .. وهكذا .


5) وإحصـــاء الأسماء والصفات يكون أيضا من خلال : التحقق ..بأن ينظر في الآفــاق ويتفكَّر في آلاء الله سبحانه وتعالى ؛ كما أمرنا النبي صلى الله عليه و سلم ، فقال
"تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله"
[حسنه الألباني ، صحيح الجامع (2975)] ..
أي : تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في ذات الله سبحانه وتعالى .. والقاعدة في كل ذلك قول الله تبارك وتعالى :
{..لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}
[الشورى : 11]


تَــــــأَمَّلْ سُطُوْرَ الْكَائِنَاتِ فَإِنَّهَا ... مِنَ الْمُلْكِ الْأَعْلَىَ إِلَيْـــــكَ رَسَــــائِلُ
وَقَدْ خَطَّ فِيْهَا لَوْ تَأَمَّلْتَ خَطَّهَا ... أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا الْلَّهَ بَــاطَلَّ
~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
تعالوا نتعلَّم أسماء الله تعالى وصفاته ؛ فنخرج من الشقاء إلى الراحة ومن الغفلة إلى التذكرة . فلا سعادة للقلب ولا سرور له إلا بمعرفة مولاه ومُربيه وإلهه ..


لنجعل قلوبنا تهتف :
{.. قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ}
[الإسراء : 30]
ولنستغرق
الأوقات في الثنـــــاء عليه سبحــــــانه بأسمائه وصفاته .. ونتحقق
بمعاني التوحيد ، فتذل قلوبنا له ونتحبب له سبحــــانه وتعالى ..


وهذا ما سيكون من خلال تلك السلسلة المُباركة إن شاء الله تعالى ، و التي سنتناول فيها معاني وأسرار أسماء الله تعالى وصفاته .. نتعلَّم معانيها ، وكيف نتعبَّد الله تعالى بها ، ونتعرَّف على حظنا من كل اسم من أسمائه الحسنى سبحانه وتعالى ..


فتابعونـــا
إن شاء الله ولا تنسونــــا من صـــالح دعـــائكم ..جعلنا الله وإياكم ممن
عرفه فخافه ، وأحبه فأطـــاعه ، وعلَّق به رجـــــاءه ولم يلتفت لسواه ..
اللهم آمين ،،



معاني و أسرار الأسماء و الصفات 5985fna1mq07oq
المصادر :* سلسلة (شرح الأسماء والصفات )
لفضيلة الشيخ هاني حلمي .
* كتاب (النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى)

لفضيلة الشيخ محمد حمود النجدي .



الموضوع الأصلي : معاني و أسرار الأسماء و الصفات // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: سندس واستبرق


توقيع : سندس واستبرق





معاني و أسرار الأسماء و الصفات I_icon_minitimeالإثنين 21 فبراير 2011, 18:18
المشاركة رقم: #2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الرتبه:
الصورة الرمزية

البيانات
معاني و أسرار الأسماء و الصفات Jb12915568671
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 356
تاريخ التسجيل : 20/02/2011
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: رد: معاني و أسرار الأسماء و الصفات


معاني و أسرار الأسماء و الصفات


اسمي الله تعالى : الرحمن الرحيـــــم

من أسماء الله عزَّ وجلَّ الحسنى : الرحمن الرحيــــم .. فهو ذو الرحمة الواسعة الشاملة لجميع خلقه سبحـــانه وتعالى
،
{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}
[البقرة: 163]
.. والرحمن من الأسماء الخاصة به سبحانه ولا يجوز أن تُنسب لغيره ..
قال تعالى
{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ..}[الإسراء: 110]


ورود الاسمين في القرآن الكريم
وقد ذُكر اسمه تعالى ( الرحمن ) في القرآن 57 مرة ، أما اسمه ( الرحيـــم ) فذُكر 114 مرة .

معنى الاسمين في حق الله تعالى
الرحمن والرحيـــم اسمان مُشتقان من الرحمة ، والرحمة في اللغة : هي الرقة والتعطُّف ..

و(رحمن) أشد مبالغة من (رحيـــم) .. ولكن ما الفرق بينهما ؟
الرحمن : هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا ، وللمؤمنين في الآخرة .. أي : إن رحمته عامة تشمل المؤمن والكافر في الدنيا ، وخاصة بالمؤمنين فقط في الآخرة .. قال تعالى :
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}
[طه: 5]
، فذكر الاستواء باسمه (الرحمن) ليعم جميع خلقه برحمته .
الرحيـــــم : هو ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة ، كما في قوله تعالى :
{.. وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}
[الأحزاب: 43] ..
فخص برحمته عباده المؤمنين .


يقول ابن القيم "الرحمن
دال على الصفة القائمة به سبحانه والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم ، فكان
الأول للوصف والثاني للفعل . فالأول دال أن الرحمة صفته ؛ والثاني دال
على أنه يرحم خلقه برحمته ؛ وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله :
{.. وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}

[الأحزاب: 43]
، { .. إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}
[التوبة: 117]
.. ولم يجيء قط رحمن بهم فعُلِم أن الرحمن : هو الموصوف بالرحمة ، ورحيم : هو الراحم برحمته"
[بدائع الفوائد (2:34)]

فالرحمنُ الذي الرَّحْمَةُ وَصْفُهُ ، والرحيمُ الراحمُ لِعِبَادِهِ ،،
~.~.~.~.~.~.~.~.~.~

*** آثـــــار الإيمان بهذين الاسمين




1) إثبــــات صفة الرحمة لله ربِّ العالمين ..
فصفة الرحمة من صفات الله تعالى الثابتة بالكتاب والسُّنَّة ، وهي صفة
كمال لائقة بذاته كسائر صفاته العلى ، لا يجوز لنا أن نُنفيها أو نُعطلها
لأن ذلك من الإلحــــاد في أسمائه سبحـــانه وتعالى .وقد يُلحد البعض بهذه الصفة دون أن يشعر ، حينما يعترض على الابتلاءات التي تعتريه هو أو غيره .. ولا يدري أن تلك الابتلاءات من رحمة الله عزَّ وجلَّ بعبـــــاده .. عن جابر رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

"يود أهل العافية يوم القيامة حين يُعطى أهل البلاء الثواب ، لو أن جلودهم كانت قُرضت في الدنيا بالمقاريض"
[رواه الترمذي وحسنه الألباني.


2) جلاء آثـــــار رحمة الله على الخلق ..انظر إلى ما في الوجود من آثار رحمته الخاصة والعامة .. فبرحمته سبحانه وتعالى أرسل إلينا رسولهصلى اله عليه و سلم ، وأنزل علينا كتابه وعصمنا من الجهالة ، وهدانا من الضلالة ..
وبرحمته عرفنا من أسمائه
وصفاته وأفعاله ما عرفنا به أنه ربنا ومولانا ، وبرحمته علمنا ما لم نكن
نعلم ، وأرشدنا لمصالح ديننا ودنيانا ..

وبرحمته جعل الشمس والقمر ، وجعل الليل والنهار ، وبسط الأرض ، وجعلها مهادا وفراشا ، وقرارا ، وكِفاتا للأحياء والأموات .. وبرحمته أنشأ السحاب و أنزل المطر ، و رزقنا الفواكه والأقوات والمرعى .. وبرحمته وضع الرحمة بين عباده ليتراحموا بها ، وكذلك بين سائر أنواع الحيوان .
وكان من تمام رحمته بهم أن جعل فيهم الغني والفقير ، والعزيز والذليل ، والعاجز والقادر ، والراعي والمرعي ، ثم أفقر الجميع إليه ، ثم عمَّ الجميع برحمته .
[مختصر الصواعق بتصرف (2:121,124)]


ومن رحمته : أن نغصَّ عليهم الدنيا وكدرها ؛ لئلا يسكنوا إليها ، ولا يطمئنوا إليها .. ويرغبوا في النعيم المُقيم في داره وجواره ، فساقهم إلى ذلك بسياط الابتلاء والامتحان ..فمنعهم ليُعطيهم ، وابتلاهم ليُعافيهم ، وأماتهم ليُحييهم ،،
إغاثة اللهفان (2:254) .




3) رحمة الله واسعة .. يقول الله جلَّ وعلا :
{..وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ..}
[الأعراف: 156] ..

فرحمة الله عزَّ وجلَّ عــــامة واسعة ، هي للمؤمنين في الدارين ..

يقول الله تبارك وتعالى :
{..فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}[الأعراف: 156] ...

وفتح الله تعالى أبـواب رحمته للتائبيــن ..
فقال تعالى :
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}
[الزمر: 53]
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم
"لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طَمِع بجنته أحد ، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد"
[مُتفق عليه]

وسمى الله تعالى وحيـــه إلى أنبيــائه رحمة ..
كما في قوله تعالى مُخبرًا عن نبيه نوح عليه السلام :
{ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ}
[هود: 28]
.. فجعل الوحي والعلم والحكمة ، رحمة .ويقول تعالى عن نبينا صلى الله عليه و سلم :
{ .. وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}
[النحل: 89]




4) رحمة الله تغلب غضبه ..عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن الله حين خلق الخلق كتب بيده على نفسه : إن رحمتي تغلب غضبي"
[رواه الترمذي وقال الألباني: حسن صحيح]
.. وهذا الحديث مُوافق لمعنى قوله تعالى :
{..كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ..}
[الأنعام: 54]
.. فالله تعالى أوجب على نفسه ولا يُوجب أحدٌ على الله .



5) لله جلَّ ثناؤه مائة رحمة ..كل رحمة منها طباق ما بين السماء والأرض ..
فأنزل منها إلى الأرض رحمة واحدة نشرها بين الخليقة ليتراحموا بها ، فبها
تعطف الوالدة على ولدها ، والطير والوحش والبهائم ، وبهذه الرحمة قوام
العالم ونظامه .

[مختصر الصواعق (2:124)]
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
"إن
الله تعالى خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة كل رحمة طباق ما بين
السماء والأرض ، فجعل منها في الأرض رحمة فبها تعطف الوالدة على ولدها ؛
والوحش والطير بعضها على بعض ؛ وأخر تسعا وتسعين فإذا كان يوم القيامة
أكملها بهذه الرحمة"

[رواه أحمد وصححه الألباني، صحيح الجامع (1767)]
.. فيا لعظم رحمة الله تعالى في هول هذا الموقف العصيب ..ولكن هذا ليس دعوة للعصاة ليزدادوا عصيانًا، بل هو دعوة للمؤمنين ليزدادوا قربًا ومحبة من ربِّهم الرحيـــم ،،


6) الله سبحانه وتعالى أرحم بعبـــاده من الأم بولدهـــا ..عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : قدم على النبي صلى الله عليه و سلم سبي ، فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسعى إذا وجدت صبيًا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته . فقال لنا النبي صلى الله عليه و سلم :
"أترون هذه طارحة ولدها في النار؟"
، فقلنا : لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه . فقال
: "لله أرحم بعباده من هذه بولدها"
[متفق عليه]


7) نِعَم الله سبحانه وتعالى رحمة .. وقد سمى الله سبحانه بعض نعمه بالرحمة ، كالمطر في قوله تعالى :
{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ .. }
[الأعراف: 57]
وسمى رزقه بالرحمة ، في قوله تعالى :
{وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا}
[الإسراء: 28]
.. أي: إذا سألك أقاربك وليس عندك شيء وأعرضت عنهم لعدم وجود ما تنفقه عليهم .. فعليك أن تعدهم باللين إنه إذا جاء رزق الله (الرحمة) ، فسنصلكم إن شاء الله .
وسمى الله كتابه العزيز بالرحمة .. فقال تعالى :
{..وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}
[النحل: 89]
وسمى الله عزَّ وجلَّ الجنة بالرحمة .. وهي أعظم رحمة خلقها الله لعباده الصالحين ، قال تعالى :
{وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
[آل عمران: 107]


~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
*** حظ المؤمن من اسمي الله الرحمن الرحيــــم... (مُوجبــــات الرحمة)

فالرحمة بمثابة الوقود الذي
سيدفعك للعمل والحركة ، فلابد أن تأخذ بتلك الأسبــاب التي تُوجب الرحمة
وتعتمد على الله وحده ليوفقك للعمل الصالح ..

1) ومن مُوجبـــات الرحمة : رحمة النــــاس ..الرحمةمن الأخلاق العظيمة التي حضَّ الله سبحـانه عباده على التخلُّق بها .. ومدح بها أشرف رسله صلى الله عليه و سلم ، فقال جلَّ وعلا :
{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}
[التوبة: 128]
... ومن أسمائه صلى الله عليه و سلم : "نبي الرحمة"
[حسنه الألباني، مختصر الشمائل (316)]
ومدح النبي صلى الله عليه و سلم أفضل أصحابه من بعده بهذه الصفة ، فقال صلى الله عليه و سلم : "أرحم أمتي بأمتي : أبو بكر .."
[رواه الترمذي وصححه الألباني]
.. فكأن من يتصف بالرحمة ينال درجة الصديقين ، وهي أعلى الدرجـــات عند الله تعالى .
وبيَّن أن الرحمة تنــال عبــاده الرُحمــاء .. كما قال صلى الله عليه و سلم : "فإنما يرحم الله من عباده الرُحماء"
[مُتفق عليه] ..
والشقي هو الذي نُزعت من قلبه الرحمة .. قال صلى الله عليه و سلم : "من لا يرحم الناس ، لا يرحمه الله"
[مُتفق عليه]
.. وعن عائشة رضى الله عنها قالت : جاء أعرابي إلى النبي
صلى الله عليه و سلم
فقال : أتُقبّلون الصبيان ؟ فما نقبلهم ! .
فقال النبي صلى الله عليه و سلم :
"أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة"
[مُتفق عليه]


2) و من مُوجبات الرحمة : القرآن .. قال تعالى :
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}
[الإسراء: 82]
فقراءة القرآن رحمة ، وتدبُّر القرآن رحمة ، وكل تعلَّقٌ للمؤمن بكتـــاب الله جلَّ وعلا مُستوجبٌ لنزول الرحمة .


3) و من مُوجبات الرحمة : صلاة أربع ركعــات قبل العصر ..قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "رَحِم الله امرءًا صلى قبل العصر أربعًا"
[رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني]
.. وهي ليست من السُنن المؤكدة ، لكن تُستنزل بها الرحمــات .



4) و من مُوجبات الرحمة : المكوث في المسجد ..قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "لا
يزال أحدكم في صلاة ما دام ينتظرها ؛ ولا تزال الملائكة تُصلي على أحدكم
ما دام في المسجد : اللهم اغفر له اللهم ارحمه ، ما لم يُحدِث"

[رواه الترمذي وصححه الألباني ..


5) و من مُوجبات الرحمة : عيـــادة المرضى ..عن جابر رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "من عاد مريضًا لم يزل يخوض الرحمة حتى يجلس ، فإذا جلس اغتمس فيها "
[رواه مالك وأحمد وصححه الألباني]
6) و من مُوجبات الرحمة : طاعة الله ورسوله صلى الله عليه و سلم ..فهي من أعظم أسبــاب الرحمة .. وكلما كان العبد أطوَّع لله ، كان أكثر استحقاقًا لاستنزال الرحمة به .. قال تعالى : {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
[آل عمران: 132]


7) و من مُوجبات الرحمة : الإحســـان ..فالإحســـان يبدأ من الإتقان وتجويد العمل ، ويصل إلى المنزلة العظمى من منازل الإيمان وهي : أن تعبد الله كأنك تراه .. كما جاء في حديث جبريل عليه السلام حينما سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن الإحسان ، فقال :
"أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"
[رواه مسلم]
.. وهذه المنزلة العظمى تقتضي مُراقبة الله جلَّ وعلا في السِر والعَلن .فإن كنت تريد أن تتنزل عليك الرحمة : راقب قلبـــك وحالك في الخلوات ..فإن كنت مُستقيم الحال في خلوتك ، فاعلم أن هذا من أعظم أسبـــاب استنزال الرحمة عليك .. يقول تعالى
{..إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}
[الأعراف: 56]


~.~.~.~.~.~.~.~.~.~


*** كيف ندعو الله باسميه الرحمن الرحيم ؟

1) ان يُثنى العبد على الله عزَّ وجلَّ في كل أحواله ؛ ويُكثِر من ذلك بين الخلائـــق ..
فيتحدث بنعمته ورحمته عليــك ، ويقول : يـــا لرحمة الله . و يفرح برحمة الله تعالى إذا تنزلت عليه .. قال تعالى :
{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس: 58]


2) أن يُكثر العبد من سؤال ربِّه الرحمة .. فيقول : اللهم ارحمني ، اللهم ارحمني .
فإذا دعوت الله ، فاعزم في الدعــاء ولا تتردد ..
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إذا دعا أحدكم فلا يقل اللهم اغفر لي إن شئت .. ارحمني إن شئت .. ارزقني إن شئت ، وليعزم مسألته إنه يفعل ما يشاء ولا مُكره له"
[رواه البخاري] ..
اللهم رحمتك نرجو ، فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ،،



[b]معاني و أسرار الأسماء و الصفات 5985fna1mq07oq

يتبع
[/b]


الموضوع الأصلي : معاني و أسرار الأسماء و الصفات // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: سندس واستبرق


توقيع : سندس واستبرق





معاني و أسرار الأسماء و الصفات I_icon_minitimeالإثنين 21 فبراير 2011, 18:20
المشاركة رقم: #3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الرتبه:
الصورة الرمزية

البيانات
معاني و أسرار الأسماء و الصفات Jb12915568671
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 356
تاريخ التسجيل : 20/02/2011
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: رد: معاني و أسرار الأسماء و الصفات


معاني و أسرار الأسماء و الصفات


اسم الله تعالى الفتــــاح


الحمد لله الفتَّاح العليم ، يمن على من يشاء من عباده بالفتح والفهم فيُوفقهم ويهديهم ، ويفتح لهم المغاليق سبحــــانه وتعالى ..

ورود اسم الله الفتَّاح في القرآن العظيـــم ... ورد اسم الله الفتـــاح مرة واحدة في قوله تعالى :

{قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ}
[سبأ: 26]
.. وورد مرة واحدة بصيغة الجمع ، في قول الله عزَّ وجلَّ :
{ .. رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف: 89]



~.~.~.~.~.~.~.~.~.~

معنى الاسم ودلالته في حق الله تعالى
المعنى الأول : الفتـــاح الذي يفتح أبــــواب الرزق والرحمة لعبـــاده أجمعين ..
ويفتح المُنغلق عليهم من أمورهم وأسبـــابهم .. ومنها قوله تعالى : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ..}
[الأعراف: 96]
، أي : لو أنهم امتثلوا لأمرنا وراعوا قدرنا في السر والعلانية، لكان من جزاء ذلك أن يُفتِحَ لهم من رحمته وأن يُنزل عليهم من فيض رزقه ..
{.. وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}
[الأعراف: 96]
ومنها قول الله تعالى :

{ مَا
يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا
يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}

[فاطر: 2]
.. يُخبر تعالى أنه ما شاء
كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وأنه لا مانع لما أعطى ، ولا مُعطي لما منع ..
فلو فتح الله تعالى المطر على الناس ، فمن ذا الذي يحبسه عنهم ؟ .. ولو
حبس عن عباده القطر والنبـات سنيـــن طويلة ، لما استطاعوا أن يفتحوا ما
أغلقه الله سبحانه وتعالى ..

{ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
[يونس: 17]

والمعنى الثاني : الفتـــاح الذي يفتح أبـــواب الامتحـــان والبــلاء للمؤمنين الصادقين ..

قال تعالى :
{
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ
شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً
فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}

[الأنعام: 44]
.. فهذه عقوبة الذين لا يذكَّرون برسـائل الله تعالى المُتتالية ..
فالله عزَّ وجلَّ يُرسل إليـــك في كل ثانية من عمرك رســـالة ، فإما أن تفهمها وإما أنك تغفل عنها ..
فتكون عقوبة الغافــل ، أن
تزداد عليه المحن والابتلاءات لعله يُفيق من غفلته .. فتأتيه الابتلاءات
من كل الطرق ؛ يُبتلى في بيته وفي عمله ورزقه .. وحتى فيما بينه وبين نفسه
، فيشعر بالوحشة .. ويظل يُبتلى حتى يعود .
وقد يكون من
هذا الابتــلاء أن يزداد في النِعَم ، زيـــادة في إقامة الحُجج عليه ..
فيكون من شأنه أن يفرح ، وحينها تأتيه العقوبة فجأة ..

{.. حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44]
.. مُبْلِسُونَ : أي حـــائرون تائهون .

والمعنى الثالث : الفتـــاح الذي يحكم بين العبــاد فيما هم فيه يختلفون ..
كما في قوله تعالى

{.. رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ}
[الأعراف: 89]

فالفتـــاح : صفة جمــالٍ وجــلال
..

لأنه سبحانه وتعالى يفتح أبـــواب رحمته ورزقه للطــائعين ، كما إنه قد
يفتح أبــواب البلاء والهلاك على الكافرين .. ويفتـــح قلوب المؤمنين،
وعيون بصائرهم ؛ ليُبصروا الحق ..

فإذا
ضـــاقت عليــك الطُرُق وضــاقت عليـــك الأرض بما رَحُبَت ، فالجأ إلى
ربِّك الفتــــاح .. يفتح لك كل عسيــر ، وييسر لك أمرك ..


يقول ابن القيم :
[القصيدة النونية (245)]
وَكَذِلكَ الفَتَّاحُ مِنْ أَسْمَائِهِ ... والفَتْحُ في أَوْصَافِهِ أَمْرَانِ
فَتْحٌ بِحُكْمٍ وَهْوَ شَرْعُ إِلَهِنَا ... والفَتْحُ بالأَقْدَارِ فَتْحٌ ثانِ
والربُّ فَتَّاحٌ بذَيْنِ كِلَيْهِمَا ... عَدْلاً وإِحْسَاناً مِنَ الرَّحْمَنِ




~.~.~.~.~.~.~.~.~.~

آثـــار الإيمان بهذا الاسم
1) الله سبحــانه وتعالى هو الحـــاكم بين عبــــاده في الدنيـــا والآخرة .. يحكم بينهم
بالقسط والعدل ، يفتح بينهم في الدنيـــا بالحق بما أرْسَلَ من الرسل
وأنزل من الكتب .وهذا يتضمن من الصفات كل ما لا يتم الحكم إلا به .. فطالما
إنه يحكم بينهم ، فهذا يتضمن أنه سبحانه وتعالى حكيـــم وعدل إلى غيره من
الصفات التي تليق به سبحانه وتعالى .

وهذا يدل على الجزاء العدل على أعمــال الجوارح والقلوب .. فهو عالم
بأسرار الأمور وبواطنها سبحانه وتعالى ، ويُجازي على معاصي القلوب كما
يُجازي على معاصي الجوارح .
وهو يختص بالفصل والقضاء بين عبـــاده
بالقِسط والعدل ، والحـــاكم في الحقيقة هو الله جلَّ وعلا .. وإن حُكِم
بغير حكم الله ، فليس بحــاكم إنما هو ظــالم ، يقول تعالى :

{.. وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
[المائدة: 45]

2) الله سبحــانه يحكم بين عبــاده في الحيــاة الدنيا وفي الآخرة ، ويفتح بينهم بالحق والعدل ..
لذلك توجهت الرُسُل إلى الله الفتـــاح أن يفتح بينهم وبين قومهم المُعاندين فيما حصل بينهم من الخصومة والجدال .. وهذه رســالة إلى الدُعـــاة ..
أن ينهجوا نهج الأنبيــاء والرُسُل في مُعاملة قومهم .. فحينما يشعر بأن
دعوته لقومه لا تُجدي نفعًا ، يلهج بالدعــاء إلى ربِّه الفتـــاح .. كما
دعــا نوح عليـــه السلام :

{قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (*) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}
[الشعراء: 117,118]

3) الله سبحــانه هو الفتــاح يوم القيـــامة ، الذي يحكم بين عبــاده فيما كانوا يختلفون فيه في الدنيـــا ..
فالله
جلَّ وعلا لا تخفى عليه خــافية ، وهو سبحــانه لا يحتـــاج إلى شهود
ليفتح بين خلقه وما كان غائبـــًا عما حدث في الدنيـــا .. يقول تعالى :

{ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ}
[الأعراف: 7]
.. ويقول جلَّ وعلا
{
وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا
تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ
تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي
الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا
أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}
[يونس: 61]

.. فكل خطاراتك وسكناتك تُسجل ، ولكن الله سبحانه وتعالى لا يُحــاسبك إلا على ما عِملت بالفعل .
وقد سمى الله تعالى يوم القيــامة بيوم الفتــح ..
لأنه يوم القضــاء بين العبــاد ، يقول تعالى :

{قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ}
[السجدة: 29]

4) الله سبحانه وتعالى مُتفردٌ بعلم مفــاتح الغيــب ..

قال تعالى :
{ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ..}
[الأنعام: 59]..
وقد عددها في قوله تعالى :
{
إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ
وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ
غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ
خَبِيرٌ}

[لقمان: 34]

5) الفتح والنصر من الله سبحــانه وتعالى ..
فهو
يفتح على من يشــاء ويذل من يشــاء .. وقد نسب الله تعالى الفتوح إلى
نفسه ؛ ليُنبه عبــاده على طلب النصر والفتح منه لا من غيره ..لذلك قال
الله تعالى :

{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}
[الفتح: 1] ..
وقال جلَّ ثناؤه : { فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ ..} [المائدة: 52]
.. وقال تعالى { وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}
[الصف: 13]
... إذًا ، فليس علينــا إلا أن نجتهد ونأخذ بالأسبــاب .. أما النصر فهو من عند الله سبحــانه وتعالى ،،

6) الله تعالى بيده مفاتيــح خزائن السماوات والأرض ..

قال تعالى :
{ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
[الشورى: 12]

7) وقد يفتح الله تعالى أنواع النِعم والخيـرات على الناس استدراجًا لهم ..
فإذا تركوا ما أُمِروا به ، ووقعوا فيما نُهوا عنه عوقِبوا بالاستدارج .

8) والحكمة والعلم والفقه في الدين من الأمور التي يفتحها الله على من يشــاء من عبـــاده ..
يقول الله عزَّ وجلَّ

{.. وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ..}
[البقرة: 282]
.. ويقول جلَّ وعلا :
{
أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ
رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ
فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}

[الزمر: 22]

يقول القرطبي
"وهذا
الفتح والشرح ليس له حد ، وقد أخذ كل مؤمن منه بحظ .. ففاز الأنبيــاء
بالقسم الأعلى ، ثم من بعدهم من الأولياء ، ثم العلماء ، ثم عوام المؤمنين
ولم يُخيِّب الله منه سوى الكافرين"



~.~.~.~.~.~.~.~.~.~

حظ العبد من اسم الله الفتـــاح
1) دوام التوكُّل .. أن تعتمد على
الله سبحانه وتعالى قبل الأخذ بالأسباب ، وأن تطلب منه وحده مفاتيــح
الخيــر ..عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم
قام على المنبر فقال :

"إنما أخشى عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من بركات الأرض"،
وفي رواية
".. ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها"
[صحيح البخاري]

2) كن أنتَ مفتاحـــًا للخيـــر ..
يقول النبي صلى الله عليه و سلم : "إن
هذا الخير خزائن ولتلك الخزائن مفاتيح ، فطوبى لعبدٍ جعله الله عزَّ
وجلَّ مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر ، وويلٌ لعبدٍ جعله الله مفتاحًا للشر
مغلاقًا للخير "

[رواه ابن ماجه وحسنه الألباني]
.. فعليك
أن تكون مُبـــاركــًا حيثما كنت ، وتظل طوال الوقت تُفكِّر في أفكـــار
وطرق لهداية النــاس من حولك وتفتيح أبــواب الخير أمامهم ،،

3) التوحيـــد والمُتابعة للنبي صلى الله عليه و سلم ..
وهي أعظم المفاتيـــح للخير والرزق ، كما يقول النبي صلى الله عليه و سلم :

"ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء، ثم يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله .. وفي رواية : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، إلا فُتِحَت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء"
[رواه مسلم] ..
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"ما قال عبد لا إله إلا الله قط مُخلصًا ، إلا فُتِحَت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ما أجتنب الكبائر"
[رواه الترمذي وحسنه الألباني]
.. وأعظم أسبـــاب الحرمـــان :: الذنـــوب .. لاسيما الكبــائـر ،،



~.~.~.~.~.~.~.~.~.~

كيف ندعو الله تعالى باسمه الفتـــاح ؟
ادع ربَّك الفــتــــاح أن يفتح عليك إذا انغلقت في وجهك الأسبـــاب والأمور ..


ومن الأدعيــة الواردة في القرآن والسُّنَّة :

***
رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ..
***
اللهم افتح لي أبواب رحمتك : عند دخول المسجد ..
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إذا دخل أحدكم المسجد فليقل : اللهمَّ افتح لي أبواب رحمتك . وإذا خرج فليقل : اللهمَّ إني أسألك من فضلك"

[رواه مسلم]


اللهم افتح لنـــا أبـــواب رحمتك ،وافتح لنــا أبـــواب فضلك ، واجعلنا من عبـــادك الصالحيـــن ..

يتبع



الموضوع الأصلي : معاني و أسرار الأسماء و الصفات // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: سندس واستبرق


توقيع : سندس واستبرق





معاني و أسرار الأسماء و الصفات I_icon_minitimeالإثنين 21 فبراير 2011, 18:20
المشاركة رقم: #4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الرتبه:
الصورة الرمزية

البيانات
معاني و أسرار الأسماء و الصفات Jb12915568671
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 356
تاريخ التسجيل : 20/02/2011
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: رد: معاني و أسرار الأسماء و الصفات


معاني و أسرار الأسماء و الصفات


اسم الله تعالى / العليــــم
سبحـــان العالم بكل شيء ،
الذي لكمال علمه يعلم ما بين أيدي الخلائق وما خلفهم ؛ فلا تسقط ورقة إلا
بعلمه ، ولا تتحرك ذرة إلا بإذنه ، يعلم دبيب الخواطر في القلوب حيث لا
يطلِّعُ عليها المَلَك ، ويعلم ما سيكون منها حيث لا يطلِّعُ عليه القلب
..

~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
ورود اسم الله تعالى العليـــم في القرآن الكريـــم
ورد اسمه العليم في القرآن 157 مرة ؛ وفي هذا دليل على أهميته .. وقد قرن الله تعالى بينه وبين بعض الأسماء ، منها :
اسمه الحكيــم : قال تعالى :

{ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}
[البقرة: 32] ..
فالعلم يُؤدي إلى الحكمة ، ولا يجتمع العلم مع التهور والطيش .. وعلم الله تعالى مقرونًا بالحكمة ، أي : وضع كل شيءٍ في مساره ..
واسمه السميع : قال تعالى :

{ قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنبياء: 4]
.. لأن العلم يتم تحصيله عن
طريق الحواس ، وأقوى الحواس هي حاسة السمع .. لذا ينبغي أن لا تتوقف عن
الاستماع لدروس العلم ، فالقراءة وحدها لا تكفي ؛ لأن أقوى طريق للمعرفة
هو السمــاع . فالسمع يُؤدي إلى العلم ..
وهو سبحانه وتعالى يسمع كل شىء حتى دبيب النملة السوداء على الصخرة
الصماء فى الليلة الظلماء .. لذا كان هو الأحق بالعلم جلَّ جلاله .

~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
معنى الاسم ودلالته في حق الله تعالى
العليم من العِلم وهو نقيض
الجهل ، وعَلِمتُ الشيء : أي عرفته وخبرته .. فالعلم لا يقتصر على معرفة
الظاهر ، وإنما ينضم إليــه معرفة حقيقة الشيء .. وهذا متعذرٌ في حق العبد
تجاه الله تعالى ؛ لذا لا يصح أن تقول : عَلِمتُ الله ، وإنما تقول : عرفتُ الله ..
وشتـــان بين علمٍ مُقيد محدود وعلمٍ مُطلق بلا حدود .. فسبحانه وتعالى في كمال علمه وطلاقة وصفه ، فعلمه فوق علم كل ذي علم ..

كما قال الله تعالى :
{.. نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ }
[يوسف: 76]
.. فعلم الله تعالى : علمٌ بما كــــان ، وما هو كــائن ، وما سيــكون ، وما لم يكن لو كان كيف يكون .. أحـــاط علمه سبحانه وتعالى بجميع الأشياء ظاهرها وباطنها ، دقيقها وجليلها ..

فاسم الله تعالى العليـــم، أشتمل على مراتب العلم الإلهي وهي أربعة :

1) علمه بالشيء قبـل كونه ..وهو
سر الله في خلقه ، لا يعلمه ملكٌ مُقرَّب ولا نبيٌ مُرسل .. ويُسمى علم
التقديــــر ومفتاح ما سيصير ، ومن هم أهل الجنة ومن هم أهل السعير ؟ ..
فكل أمور الغيب قدرها الله في الأزل ومفتاحها عنده وحده ولم يزل ... لذلك قال تعالى : {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ..}

[الأنعام: 59]
.. وقال سبحــانه :
{
إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ
وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ
غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ
خَبِيرٌ}

[لقمان: 34]

2) علمه بالشيء وهو في اللوح المحفوظ بعد كتابته وقبل إنفاذ أمره ومشيئته ..فالله
عزَّ وجلَّ كتب مقادير الخلائق في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقهم بخمسين
ألف سنة ، والمخلوقات في اللوح قبل إنشائها عبارة عن كلمات .. يقول الله
جلَّ وعلا :

{
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}

[الحج: 70]
.. وقال تعالى :
{ مَا
أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي
كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ
يَسِيرٌ}

[الحديد: 22]

3) علمه بالشيء حـــال كونه وتنفيذه ووقت خلقه وتصنيعه ..
يقول الله تعالى :
{
اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ
وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (*) عَالِمُ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ}

[الرعد: 8,9]
.. وقال تعالى :{
يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا
يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ
الْغَفُورُ}

[سبأ: 2]

4) علمه بالشيء بعد كونه وتخليقه وإحاطته بالفعل بعد كسبه وتحقيقه ..فالله عزَّ وجلَّ يعلم ما سيفعل المخلوق بعد خلقه ، ويعلم تفاصيل أفعاله وخواطره وحديث نفسه .. يقول تعالى :

{أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}
[التوبة: 78]

وتلك المراتب الأربع السابقة .. ذُكِرت في قول الله جلَّ وعلا
{وَعِنْدَهُ
مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي
الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا
وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا
فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}

[الأنعام: 59]
.. فالله سبحـــانه وتعالى عـــالمٌ بكل شيءٍ في كل وقتٍ وفي كل حيـــن ،،
~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
يقول ابن القيم :
وَهُوَ العليمُ أَحَاطَ عِلْماً بِالَّذِي ... في الكونِ مِنْ سِرٍّ ومنْ إِعْلانِ
وبكلِّ شَيْءٍ عِلْمُهُ سُبْحَانَهُ ... فهوَ المحيطُ وليسَ ذا نِسْيَانِ

ويقول أيضًا :

وكذاكَ يَعْلَمُ ما يَكُونُ غَداً وما ... قدْ كانَ والموجودَ في ذا الآنِ

وكذاكَ أَمْرٌ لمْ يَكُنْ لوْ كانَ كيـ ... ـفَ يكونُ ذاكَ الأمرُ ذا إِمْكَانِ { القصيدة النونية }
~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
حظ المؤمن من اسم الله تعالى العليــم
1) إيمانه بالقضـــاء والقدر ..فيصدق
تصديقًا جازمًا بأن قدر الله سبحانه وتعالى لا يأتي إلا بالخير ؛ لأنه
الله عزَّ وجلَّ عـــالم بكل شيء وهو الحكيـــم سبحــــانه .

2) العلم عبـــادة القلب ..فلا ينبغي أن يتوقف الإنسان أبدًا عن طلب العلم ؛ لأنه إذا توقف سيفسد قلبه ..ولابد في طلب العلم من منهجية .. بحيث لا يُقدِم شيء على الكتــــاب والسُّنَّة .. كما لابد له من مرحلية .. بحيث يبدأ بتعلُّم فرض العين عليه من العلوم الشرعية ، وبعدها يتدرج في تعلُّم العلم الذي ينفعه .

3) العلم يُورث الخشيــــة ..كما في قوله تعالى

{.. إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ}
[فاطر: 28] ..

4) العلم يُورث الحيـــــاء من الله عزَّ وجلَّ ..فعندما
يعلم أن الله سبحانه وتعالى يعلم سره وعلانيته ، سيستحيي من ربِّه أن
يطلِّع على قلبه فيجد فيه ما يكرهه وتعلقات بدنيـــا فانيــــة .

5) الطريـــق للعلم النـــافع هو التقوى ..فالله سبحـــانه وتعالى لن يستودع قلبك معرفته ومحبته إلا إذا شـــاء ..

{.. وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ..}
[البقرة: 255]
فإن كنت تريد أن يمُنَّ الله عزَّ وجلَّ عليك بالعلم النـــافع ، عليك بالتقوى والطاعة له سبحانه وتعالى .. يقول تعالى :

{.. وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
[البقرة: 282]

6) مهما بلغت من العلم ، فهو قليــــل ..كما جاء في قصة موسى عليه السلام والخضر لما رَكِبا السفينة "..
فَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَنَقَرَ نَقْرَةً
أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِي الْبَحْرِ ، فَقَالَ الْخَضِرُ : يَا مُوسَى ، مَا
نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا كَنَقْرَةِ هَذَا
الْعُصْفُورِ فِي الْبَحْر"

[صحيح البخاري]
.. فإيـــاك أن تتكبَّر بعلمك .. والحل : أن تنظر إلى من هو أعلى منك علمًا ، فتعلم قدرك الحقيقي ،،
~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
دعــاء المسألة باسمه تعالى العليم ..

على العبد أن يسأل ربَّه
تبــارك وتعالى باسمه العليـــم ؛ حتى يفتح عليه بالعلم ويَمُنَّ عليه
بمعرفة ما خفيَ عنه من الخير ؛ لأن ليس كل ما خَفِيَ عنك فيه الخير .. فلا
نسأل إلا عما يفيدنـــا في أمر ديننا ، وينبغي أن يترتب على هذا العلم
العمل .. وقد ورد الدعاء باسمه العليـــم في دعاء إبراهيم عليه السلام : {
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ
وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ}

[البقرة: 127]

وكان النبي صلى الله عليه و سلم يفتتح صلاته بالاستعاذة بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم .. عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلمإذا قام من الليل كبر ثم يقول : "سبحانك
اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك وتعالى جدك ، ولا إله غيرك ، ثم يقول : لا
إله إلا الله ثلاثًا ، ثم يقول : الله أكبر كبيرًا ثلاثًا ، أعوذ بالله
السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ..

[رواه أبو داوود وصححه الألباني]

وسئُلت عائشة رضي الله عنها : بما كان يستفتح النبي صلى الله عليه و سلم صلاته إذا قام من الليل ؟ ، قالت : كان يقول : "اللهم
رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب
والشهادة .. أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اُختلف
فيه من الحق بإذنك ، إنك لتهدي إلى صراط مستقيم"

[رواه ابن ماجه وحسنه الألباني] ..

وما أحوجنا لهذا
الدعاء في زمن الفُرقة والشتات ، فادعُ ربَّك العليم أن يهدك إلى الحق
وسبيل الرشـــــاد في زمن الفتن وإتبـــاع الأهواء ،،

نسأل الله تعالى أن يُعلمنا ما ينفعنا ، وأن ينفعنا بما علمنا ، وأن يزيدنا علمًا ينفعنا ،،


يتبع



الموضوع الأصلي : معاني و أسرار الأسماء و الصفات // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: سندس واستبرق


توقيع : سندس واستبرق





معاني و أسرار الأسماء و الصفات I_icon_minitimeالإثنين 21 فبراير 2011, 18:26
المشاركة رقم: #5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الرتبه:
الصورة الرمزية

البيانات
معاني و أسرار الأسماء و الصفات Jb12915568671
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 356
تاريخ التسجيل : 20/02/2011
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: رد: معاني و أسرار الأسماء و الصفات


معاني و أسرار الأسماء و الصفات


اسم الله تعالى السميع
الحمدُ
للهِ الذي وَسِعَ سَمْعُهُ الأصواتَ ، فلا تَخْتَلِفُ عليهِ أصواتُ
الخلقِ ، ولا تَشْتَبِهُ عليهِ ولا يَشْغَلُهُ منها سَمْعٌ عنْ سَمْعٍ ،
ولا تُغْلِطُهُ المسائلُ ، ولا يُبْرِمُهُ كثرةُ السائِلِينَ ..



المعنى اللغوي للاسم : السميع في اللغة على وزن فعيــل من أبنية المُبالغة ، والسمع في حق المخلوقين هو : ما وَقَر في الأذن من شيءٍ تسمعه .


ورود الاسم في القرآن الكريم: ورد اسمه تعالى السميع في القرآن خمسًا وأربعين مرة ؛ مما يدل على أهمية الاسم لا شك .. منها قوله تعالى :
{.. رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }
[البقرة: 127]
.. وقوله سبحانه وتعالى :
{ قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }
[المائدة : 76]
وجمع بين اسمه تعالى السميع والبصير في أكثر من موضع ،
منها قوله تعالى :
{ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}
[لقمان : 28]
، وجمع بينه وبين اسمه تعالى القريب ، في قوله
{.. إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ}
[سبأ: 50]
~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
معنى الاسم في حق الله تعالى
قال الخطابي رحمه الله : "السميع : هو الذي يسمع السر والنجوى ، سواء عنده الجهر والخفوت ، والنطق والسكوت".والسماع قد يكون بمعنى القبول والإجابة ...فمن معاني السميع : المُستجيــب لعبـــاده إذا توجهوا إليـــه بالدعــاء وتضرعوا .. كقول النبي صلى الله عليه و سلم : " اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ومن دعاء لا يُسمع .."
[صحيح الجامع (1297)]
.. أي : من دعاء لا يُستجـــاب .
وذكر الإمام ابن القيم رحمهُ الله أن السمعُ يُرَادُ بهِ أربعةُ مَعَانٍ : أحدُهَا : سَمْعُ إِدْرَاكٍ ؛ ومُتَعَلَّقُهُ الأصواتُ .. ومنه قوله تعالى :
{
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا
وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ
اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}

[المجادلة: 1]
، وقوله : {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ..}[آل عمران: 181]
الثاني :سَمْعُ فَهْمٍ وعَقْلٍ ؛ ومُتَعَلَّقُهُ المعاني .. ومنه قولُهُ :
{.. لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا ..}
[البقرة: 104]
، لَيْسَ المُرادُ سَمْعَ مُجَرَّدِ الكلامِ ، بلْ سَمْعَ الفَهْمِ والعَقْلِ ، ومِنْهُ
{.. سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ..}
[البقرة : 285].
الثالثُ :سَمْعُ إجابةٍ وإعطاءِ ما سُئِلَ ..ومنه قولنا "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ "، أيْ : اللهم أَجِبْ وَأَعْطِ مَن حَمِدَك .
الرابعُ :سَمْعُ قَبُولٍ وانْقِيَادٍ .. منه قولُهُ تَعَالَى
{.. سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ ..}
[المائدة :41]
؛ أيْ : قَابِلُونَ لهُ وَمُنْقَادُونَ غيرُ مُنْكِرِينَ لهُ . ومنهُ على أَصَحِّ القَوْلَيْنِ
{.. وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ..}
[التوبة:47]
؛ أيْ : فيكم قَابِلُونَ وَمُنْقَادُونَ.
[بدائع الفوائد (2:75,76) بتصرف]


~.~.~.~.~.~.~.~.~.~



يقول ابن القيم في قصيدته
[النونية (2:215)]
وهو السَّميعُ يَرى ويَسْمعُ كلَّ ما ... في الكون من سِرٍّ ومن إعلانِ
ولكلِّ صوتٍ منه سمعٌ حاضرٌ ... فالسِّرُّ والإِعلان مستويــــــانِ
والسَّمعُ منه واسعُ الأصواتِ لا ... يخفى عليه بعيدُهـــا والدانـــــي
~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
آثـــــار الإيمــان باسمه السميـــــع
1) إثبــــات صفة السمع له سبحانه وتعالى كما وصف الله عزَّ وجلَّ نفسه ..فهو سبحـــانه سميع ذو سمع ، ونحن نصف الله تعالى بما وصف به نفسه بلا تحديد أو تكييف .. يقول تعالى :
{.. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}
[الشورى: 11]
2) إن سمع الله تبـــارك وتعالى ليس كسمع أحد من خلقه ..فسمعه
سبحانه وتعالى مُستغرق لجميع المسموعات ، لا يعزب عن سمعه مسموع وإن دق
وخفي .. سرًا كان أو جهرًا .عن عروة بن الزبير عن عائشة رضى الله عنهما
قالت : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت
المُجادلة إلى النبي صلى الله عليه و سلم وأنا في ناحية البيت تشكو زوجها
وما أسمع ما تقول ، فأنزل الله تعالى :

{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ..}
.[رواه ابن ماجه وصححه الألباني]
3) لا يستجيب الله تعالى دعـــاء اللاهي والمُرائي ، إنما يستجيب للدعـــاء الخـــالص ..عن عبد الرحمن بن يزيد قال : كان
الربيع يأتي علقمة يوم الجمعة فإذا لم أكن ثمة ، أرسلوا إليَّ فجاء مرة
ولست ثمة .. فلقينى علقمة وقال لي : ألم تر ما جاء به الربيع ؟، قال : ألم
تر أكثر ما يدعو الناس وما أقل إجابتهم ، وذلك أن الله عزَّ وجلَّ لا يقبل
إلا الناخلة من الدعاء ..
(الناخلة : الدعاء الخـــالص الذي لا تشوبه شائبة) .قلت : أو ليس قال ذلك عبد الله (أي : عبد الله بن مسعود) ؟، قال : وما قال ؟ .. قال : قال عبد الله : لا يسمع الله من مسمع ، ولا من مُراء ولا لاعب ، إلا داع دعا بتثبت من قلبه .

[صحيح الأدب المفرد (606)]



~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
حظ المؤمن من اسم الله تعالى السميـــع
1) الله سبحـــانه وتعالى يسمع دبيـــب قلبك ..فالحذر ، الحذر أن يجد قلبك مُعْرِضًا عنه سبحـــانه ، مُقبلاً على ما لا يرضى !


2) دوام الدعـــاء لله تبـــارك وتعالى ..فهو
سبحانه وتعالى سميع الدعــــاء ، فلُذ بربِّك والجأ إليـــــه بكثرة
الدعــــاء .. وخذ بأسبـــاب الإجابة حتى يكون دعـــاؤك أحرى للقبول إن شاء
الله تعالى ..
ادعُ ربَّك وأنت مُوقن بالإجـــابة ، بقلب يقظ غير غـــافل ، متحريًا ساعــــات إجـــابة الدعـــاء ،،


3) أكثر من الشكوى لربِّك السميع سبحـــانه ..كما كان نبي الله يعقوب على نبينا و عليه الصلاة و السلام يقول :
{قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ..}
[يوسف: 86]
.. وكما كان حال إبراهيم على نبينا و عليه السلام
{..إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ }
[التوبة:114]
.. أي : كثير التأوه ، كهيئة المريض المُتأوه من مرضه .. فكان كثير الشكاية والدعـــاء لربِّه ، حَلِيمٌ بين الناس أي : ذو رحمة بالخلق، وصفح عما يصدر منهم إليه ، من الزلات ، لا يستفزه جهل الجاهلين ، ولا يُقابل الجاني عليه بجُرمه ..فاشكُ حــالك إلى ربِّك السميـــع البصيـــر ، الذي يسمع كلامك ، ويرى مكانك ، ويعلم سرك ونجـــواك ،،


4) الله تعالى يسمع دعــائك في كل حـــال ..قال تعالى :
{..وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}
[الإسراء : 110]
.. سواءً جهرت بدعائك أو أسررت به ، يسمعك الله تعالى .. فادعُ بصوت أدعى للخشوع والإخلاص ، ولا تتكلَّف .



5) دوام المُراقبـــــة لله سبحانه وتعالى في السر والعلن ...فالمُؤمن
المُوحِد يُراقب ربَّه في سره وعلانيته ؛ لعلمه أن ربَّه يسمعه من فوق
عرشه وأنه عليمٌ بسره ونجواه .. والآية التي ترتعد لها الفرائص ، قوله
تعالى :

{أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ}[الزخرف : 80]
فإلى أين تذهب يــــا مسكيـــن ؟! .. أتحسب أنك ستنفذ من سمع الله عزَّ وجلَّ وبصره ؟!فالصــادق في توحيده لربِّه السميــــع ، لا يسمع إلا ما يُحب ربه ويرضـــاه ،،


6) احفظ سمعك ، يستجب الله دعائك ..فكما إن الله سبحانه وتعالى سميـــع مُجيــب للدعـــاء ، ينبغي أن لا يسمع العبد سوى ما يحب ربَّه ويرضى ..أما إذا صرف العبد حاسة السمع في ما لا يُرضي الله عزَّ وجلَّ؛ كسماع الأغاني والمعازف وسماع المُنكرات أو التجسس على النــاس ..وحاسة السمع من أهم الحواس وأقواها في الإداراك .. لذا قدمها الله تعالى في كلامه عن حواس البشر ، قال تعالى
{ .. إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء: 36]
.. فينبغي أن يستغلها العبد في سماع دروس العلم ؛ حتى تكون المعلومات أسهل في الاستحضار بعد ذلك .. ويحفظ العبد سمعه بالتزامه منهج الله تعالى ،،


7) من أراد الشهرة وذيـــاع الصيــت ، سمَّع الله به ..أي
فضحه على رؤوس الخلائــق يوم القيــامة .. و أشد العقوبة أن الله عز و جل
سيُعطيه سؤله ، ثم يكون أول من يُسعر به في جهنم ، عن جندب رضى الله عنه
قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم

:"من سمَّع سمَّع الله به ، ومن يُرائي يرائي الله به"
[متفق عليه]


~.~.~.~.~.~.~.~.~.~

كيف ندعو الله سبحـــانه وتعالى باسمه السميـــع ؟
ورد الدعـــاء باسم الله تعالى السميـــع في أكثر من موضع من الكتـــاب والسُّنَّة ، منها :
دعـــاء إبراهيم عليه السلام :
{وَإِذْ
يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}

[البقرة: 127]
وقوله تعالى عن امرأة عمران :
{إِذْ
قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي
مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}

[آل عمران: 35]
.. ودعاء زكريا عليه السلام :
{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}
[آل عمران: 38]
وعن أبان بن عثمان رضى الله عنه قال : سمعت أبي يقول : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
"ما
من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة : بسم الله الذي لا يضر مع اسمه
شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات ، فيضره شيء"

[رواه أبو داوود وصححه الألباني]
وأقوى الحواس هي حاسة السمع .., و علينا أن نُصرّف نعمة السمع فيما يُحب ربنا الله عز و جل ، و ذلك يكون عن طريق الإكثار من الإستماع لدروس العلم ، فالقراءة وحدها لا تكفي ؛ لأن أقوى طريق للمعرفة هو السمــاع . فالسمع يُؤدي إلى العلم..نسأل الله تبـــارك وتعالى ألا يسمع منا إلا ما يحب ويرضى ، وألا يطلِّع في قلوبنـــا إلا على ما يُحب ،،


[b]معاني و أسرار الأسماء و الصفات 5985fna1mq07oq
يتبع
[/b]


الموضوع الأصلي : معاني و أسرار الأسماء و الصفات // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: سندس واستبرق


توقيع : سندس واستبرق





معاني و أسرار الأسماء و الصفات I_icon_minitimeالإثنين 21 فبراير 2011, 18:26
المشاركة رقم: #6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الرتبه:
الصورة الرمزية

البيانات
معاني و أسرار الأسماء و الصفات Jb12915568671
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 356
تاريخ التسجيل : 20/02/2011
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: رد: معاني و أسرار الأسماء و الصفات


معاني و أسرار الأسماء و الصفات


اسم الله تعالى / البصيــــر



البصيـــر
سبحانه وتعالى المطلع على خلقه ، يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور ، لا
يخفى عليه شيء من أعمال العباد ، بل هو بجميعها محيط ، ولها حافظ ذاكر ،
فالسر عنده علانية والغيب عنده شهادة ..

المعنى اللغوي : البصر في حق الخلق : حاسة الرؤية أو حِسُّ العين ، والبصيرة : العلم والفطنة .
ورود الاسم في القرآن الكريــــم : ورد الاسم في القرآن اثنتين وأربعين مرة ، منها قوله جلَّ وعلا
{سُبْحَانَ
الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى
الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ
آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}
[الإسراء: 1]

.. وقوله تعالى
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}
[الحج: 61]
.. وقوله سبحـــانه
{.. وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا}
[الفرقان: 20]
~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
معنى الاسم في حق الله تعالى
البصير:
هو الذي يُبصر جميع الموجودات في عالم الغيب والشهادة ، الذي يرى الأشياء
كلها ظهرت أو خفيت ، دقت أو عظمت ، وهو الذي يُبصر خائنة الأعين وما
تُخفى الصدور .



قال السعدي "البصير:
الذي يبصر كل شيء وإن دق وصغر ، فيُبصر دبيب النملة السوداء في الليلة
الظلماء على الصخرة الصماء . ويُبصر ما تحت الأرضين السبع ، كما يُبصر ما
فوق السموات السبع . وأيضًا سميع بصير بمن يستحق الجزاء بحسب حكمته ،
والمعنى الأخير يرجع إلى الحكمة"

[تيسير الكريم الرحمن (1:946)]
.. على هذا يكون للبصيـــر معنيـــان :الأول : أن له بصرٌ يرى به كل شيء سبحـــانه وتعالى ... الثاني : أنه ذو البصيرة بالأشيـــاء ، الخبيــر بها .
~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
يقول ابن القيم في القصيدة النونية :
[النونية (2:215)]
وهو البصيرُ يَرَى دبيبَ النَّملةِ السـ ... ـوداءِ تحت الصَّخرِ والصَّوَّانِ



ويَرَى مجاري القوت في أعضائِها ... ويَرَى عُروقَ بَيَاضِها بعيانِ


ويَرَى خياناتِ العيونِ بلْحظِها ... ويَرَى كذلكَ تقلُّبَ الأجْفَانِ
~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
آثــــــار الإيمــان باسم الله تعالى البصيـــــر
1) إثبـــــات صفة الإبصار لله جلَّ شأنه ..وهي صفة ثابتة لله عزَّ وجلَّ نؤمن بها ولا ندري كيفيتها .. فهو سبحانه
{.. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}
[الشورى: 11]
.. وصفة البصر من صفات الكمال كصفة السمع .
2) الله جلَّ جلاله هو البصير الذي ينظر للمؤمنين بكرمه ورحمته ..ويمن عليهم بنعمته وجنته ، ويزيدهم كرمًا بلقائه ورؤيته ..ولا ينظر إلي الكافرين إيقاعًا لعقوبته .. فهم مُخلدون في العذاب محجوبون عن رؤيته ، كما قال تعالى :
{كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}
[المطففين:15]
، وقال :
{أُولَئِكَ
لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ الله وَلا يَنْظُرُ
إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ}

[آل عمران:77].
فكما لم تُبصِر قلوبهم ، عُوقبوا بجنس عملهم بأن حُجِبوا عن ربِّهم في الآخرة ..وكم من آيــــات ونذر يرسلها إلينـــا ربُّنا عزَّ وجلَّ، ونحن عنها غافلون !!
~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
حظ المؤمن من اسم الله تعالى البصير


1) دوام الحيـــاء والمُراقبة ..قال تعالى
{ .. وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا}
[الإسراء: 17]
.. فمن عَلِم أن ربَّه بصيرٌ
مُطلعٌ عليه ، استحى أن يراه على معصية أو فيما لا يُحب .. ومن عَلِم أنه (
عز وجل ) يراه ، أحسن عمله وعبادته وأخلص فيها لربِّه وخشع .

وإذا داوم العبد على تلك
المُراقبة ، بلغ أعلى مراتب الإيمان .. كما جاء في حديث جبريل عليه السلام
عندما سأل النبيصلى الله عليه و سلم : ما الإحسان ؟ ،

قال صلى الله عليه و سلم :
"أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"
[متفق عليه]
.. فيجب على العبد أن يُراقب ربَّه في جميع أحواله ، ويُوقن أن ربَّه سبحانه وتعالى من فوق عرشه بصيرٌ به ،،



2) النظر والتفكُّر والاعتبـــار والتذكُّر ..فعلينا أن ننظر في خلق الله تعالى؛ لنرى كمال قدرته فنزداد يقينًا وإيمانًا ..
يقول الله عزَّ وجلَّ
{أَفَلَا
يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (*) وَإِلَى السَّمَاءِ
كَيْفَ رُفِعَتْ (*) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (*) وَإِلَى
الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}

[الغاشية: 17,20] ..
وكذلك التفكُّر والاعتبـــار من أحوال من سبق .. فكما أمرنا الله عزَّ وجلَّ أن ننظر في خلقه ، أمرنا أن نعتبر بما فُعِل فيما مضى من الأمم الغابرة .. يقول تعالى
{قَدْ
خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا
كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (*) هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ
وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ}

[آل عمران: 137,138]


3) التوكل على الله سبحانه وتعالى ..فالله تبارك وتعالى بصيرٌ بأحوال عبـــاده ، خبيرٌ بما يُصلحهم وما يُفسدهم ..
يقول تعالى
{إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا}[الإسراء: 30]
... مما يجعلنا نتوكل عليه سبحانه وتعالى حق التوكل ونفوض إليه جميع أمورنــا .



4) الرضـــا بقضــاء الله تعالى وقدره ..لأن
طالما الله سبحانه وتعالى بصيرٌ بنـــا شهيدٌ علينــا ، فهو سُبحــانه
يعلم إن كان ما نسأله عليه من الرزق سيُصلحنا أم أن فيه هلاكنـــا دون أن
ندري ..

قال تعالى
{
وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ
وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ
بَصِيرٌ}

[الشورى: 27]
.. فلابد أن نرضى بقضائه لنـــا .
~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
كيف ندعو الله تعالى باسمه البصير ؟
ورد الدعـــاء باسمه تعالى البصير في مواضع كثيرة ، منها :
دعـــاء موسى عليه السلام :
{قَالَ
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (*) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (*) وَاحْلُلْ
عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (*) يَفْقَهُوا قَوْلِي (*) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا
مِنْ أَهْلِي (*) هَارُونَ أَخِي (*) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (*)
وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (*) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (*) وَنَذْكُرَكَ
كَثِيرًا (*) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (*)قَالَ قَدْ أُوتِيتَ
سُؤْلَكَ يَا مُوسَى}

[طه: 25,36]
.. أحْسَن في الدعــــاء ، فأعطاه الله تعالى ما سأل .



وكما قال العبد الصالح ، مؤمن آل فرعون :
{ وَيَا
قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى
النَّارِ (*) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا
لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ
(*) لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي
الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ
وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (*) فَسَتَذْكُرُونَ مَا
أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ
بِالْعِبَادِ}

[غافر: 41,44].



ومن دعاء المسألة أيضًا ، الدعاء بمعنى الاسم ومُقتضاه .. كسؤال
العبد ربَّه أن ينير له بصره وبصيرته .. كما في قول إبراهيم عليه السلام
وهو يطلب من ربِّه في دعائه أن يُبصره بمناسك الحج إلى البيت الحرام :

{رَبَّنَا
وَاجْعَلنَا مُسْلِمَيْنِ لكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً
لكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَليْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ
الرَّحِيمُ}

[البقرة:128].



وكذلك طلب الحق تعالى من سيد الخلق صلى الله عليه و سلم أن يتوكل على الله الذي يراه :
{ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (*) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ}
[الشعراء : 217,218] .
وكان من دعائه صلى الله عليه و سلم :
" اللهم اجعل في قلبي نورًا وفي بصري نورًا ..
"[متفق عليه]
.. فكان يدعو الله سبحانه وتعالى أن يفتح له من رحمته ، فيُبصِر بقلبه مع عينه ولا يرى إلا مايُحب الله جلَّ وعلا .



نسأل الله تعالى أن يُبصرنا بعيوبنــا ، وأن يجعلنا نرى الحق حقًا ويرزقنا إتباعه ، ويرنا الباطل باطلاً ويرزقنا إجتنـــابه ..وأن يُبصر قلوبنـــا بحقائق الأمور ، فلا تزيغ ولا تنحرف عن طريق الهداية ،،
~.~.~.~.~.~.~.~.~.~
يتبع



الموضوع الأصلي : معاني و أسرار الأسماء و الصفات // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: سندس واستبرق


توقيع : سندس واستبرق





معاني و أسرار الأسماء و الصفات I_icon_minitimeالإثنين 21 فبراير 2011, 18:27
المشاركة رقم: #7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الرتبه:
الصورة الرمزية

البيانات
معاني و أسرار الأسماء و الصفات Jb12915568671
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 356
تاريخ التسجيل : 20/02/2011
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: رد: معاني و أسرار الأسماء و الصفات


معاني و أسرار الأسماء و الصفات


اللطيـــف جلَّ جلاله
سبحــــان اللطيف الخبيــــر
.. يرفق بعبـــاده ويلطف بهم، يرزق من يشــاء بغير حســـاب ، ومنعه هو
خيـــر العطــــاء .. يعلم مصالح جميع الخلائق؛ الجن والإنس والطير
والحيوان والجماد والنبـــات، ثم يسلك سبيلَ الرفق في إيصال هذه المصالح
إلى مستحقِّها دون العُنْف
..
ولو نظر الإنسان إلى الكون من حوله ، لوجد آثـــار لطف الله تعالى بخلقه
واضحةً جليَّة .. ولوجد المرءَ نفسه في نهاية العجز ، واللهُ تعالى في
نهاية اللطف ، ولطفُه به هو الذي جعله على هذا الحال الحسن ، فليس لك إلا
أن تدعوه سبحــــانه قائلاً : يـــــا لَطِيــــــف.. الْطُفْ بِنـــــا ..


المعنى اللغوي
اللطيف في اللغة : صفة مشبهة للموصوف باللطف ، فعله : لطف .. يلطف .. لطفًا ، ولُطف الشيء رقته واستحسانه وخفته على النفس ، ويُطلق على الشيء الخفي المحجوب .. ويُقال اللطف : الرقة والحنان والرفق .. فاللطيف من أسماء الجمال لله سبحانه وتعالى .


ورود الاسم في القرآن الكريم
ورد اسم الله تعالى اللطيـــف سبع مرات في القرآن الكريم ، منها قوله تعالى {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}
[الأنعام: 103]
.. وقوله جلَّ وعلا {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}
[الملك: 14]
وقوله تعالى {.. إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}[يوسف : 100]

.. وقوله { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}
[الحج : 63]



معنى الاسم ودلالته في حق الله تعالى
المعنى الأول :اللطيف سبحانه هو الذي اجْتَمع له العلمُ بدَقائق المصَالح وإيصَالها إلى مَن قدرها له مِن خَلقهِ مع الرفق في الفِعْل والتنفيذ .. قال تعالى {اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ..}
[الشورى:19]
.. فالله لطيفٌ بعباده رفيقٌ
بهم قريبٌ منهم ، يُعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان ، ويدعو المُخالفين
إلى التوبة والغُفران مهما بلغ بهم العصيان ، فهو لطيف بعباده يعلم دقائق
أحوالهم ، ولا يخفى عليه شيء مما في صدورهم ، قال تعالى : { أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ }

[الملك:14]
، وقال لقمان لابنه وهو يعظه :
{
يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ
فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ
إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ }

[لقمان: 16]
.ولم يقترن اسم الله اللطيف إلا باسمه الخبير ..فالله
تعالى يطلِّع على بواطن الأمور ويلطف بعباده ، فلا يُقدِر لهم إلا ما فيه
الخير .. وقد يخفى على العبد هذا الخير ، فيُقابل قضاء الله بالاعتراض ..
والله تعالى يقول :

{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}
[الملك: 14]
يقول ابن القيم :"ما
يَبْتَلِي الله بهِ عبادَهُ من المصائبِ ، وَيَأْمُرُهُم بهِ من المكارهِ
، وَيَنْهَاهُم عنهُ من الشَّهَوَاتِ ، هيَ طُرُقٌ يُوصِلُهُم بها إلى
سعادتِهِم في العاجلِ والآجلِ ، وقدْ حُفَّت الجنَّةُ بالمكارهِ ، وَحُفَّت
النارُ بالشهواتِ

.وقدْ قَالَ صلى الله عليه و سلم :
"عَجَبًا
لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ
لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ
خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ"

[صحيح مسلم]
.. فالقضاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ لِمَنْ أُعْطِيَ الشكرَ والصبرَ جَالِبًا ما جَلَبَ ..وكذلكَ ما فَعَلَهُ بآدَمَ وإبراهيمَ وموسَى وعيسَى ومحمَّدٍ عليهم الصلاة و السلام من
الأمورِ التي هيَ في الظاهرِ مِحَنٌ وابتلاءٌ ، وهيَ في الباطنِ طُرُقٌ
خَفِيَّةٌ أَدْخَلَهُم بها إلى غايَةِ كَمَالِهِم وَسَعَادَتِهِم"

[شفاء العليل (1:104)]



المعنى الثاني :اللطيف هو الذي يُيسر للعباد أمورهم ويستجيب منهم دعائهم ، فهو المُحسن إليهم في خفـــاء وستر من حيث لا يعلمون ..فنعم الله تعالى عليهم سابغة ظاهرة لا يحصيها العادُّون ولا ينكرها إلا الجاحدون ، وهو الذي يرزقهم بفضله من حيث لا يحتسبون :
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ }
[الحج: 63]
، وقال سبحانه :
{اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ}
[الشورى: 19]
، كما أنه يُحاسب المؤمنين حسابًا يسيرًا بفضله ورحمته ، ويُحاسب غيرهم من المُخالفين وفق عدله وحكمته .



المعنى الثالث :اللطيف الذي لطف عن أن يُدرك ، وهو لطف الحجاب لكمال الله وجلاله ..فإن الله لا يُرى في الدنيا لطفًا وحكمة ، ويُرى في الآخرة إكرامًا ومحبة .. ولذلك قال عن رؤية الناس له في الدنيا :
{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ..}[الشورى: 51]
، وقال سبحانه :
{لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ }
[الأنعام: 103]



يقول الإمام ابن القيم :
وهوَ اللَّطِيفُ بِعَبْدِهِ وَلِعَبْدِهِ ... واللطفُ في أوصافِهِ نَوْعَانِ
إدراكُ أسرارِ الأمورِ بِخِبْرَةٍ ... واللطفُ عندَ مَوَاقِعِ الإحسانِ
فَيُرِيكَ عِزَّتَهُ وَيُبْدِي لُطْفَهُ ... والعبدُ في الغَفَلاتِ عنْ ذا الشَّانِ


حظ المؤمن من اسم الله تعالى اللطيــــف
1) أن يتلطف بالمسلمين ويحنو على اليتامى والمساكين والضعفاء..ويسعى
للوفاق بين المُتخاصمين ، وينتقي لطائف القول في حديثه مع الآخرين ،
ويَبَش في وجوههم ، ويحمل قولهم على ما يتمناه من المستمعين ؛ فإن الظن
أكذب الحديث ..عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم

( رضى الله عنها ) : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم قَالَ :
"يَا
عَائِشَةُ ، إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، وَيُعْطِي عَلَى
الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا
سِوَاهُ"

[صحيح مسلم]
... فلابد على العبد أن يكون هينًا لينًا .. عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"ألا أخبركم بمن يحرم على النار ومن تحرم عليه النار؟ .. على كل قريب هين سهل"
.. رواه الترمذي وصححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب
(1744)]
... وعن عبد الله بن الحارث بن حزم رضى الله عنه قال :
ما رأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله صلى الله عليه و سلم . [رواه الترمذي وصححه الألباني] ..

2) السعي في طلب العلم والفهم عن الله تعالى ..فإذا
عَلِمَ العبد أن الله سبحانه وتعالى لا يفوته من العلم شيء وإن دق وصَغُر
، أو خفي وكان في مكانٍ سحيـــق .. فعليه أن يُؤمن بكمال علم الله
وإحاطته ، وأنه لن يُحيط بشيءٍ من علمه إلا بما شاء سبحانه وتعالى ..فينبغي عليه أن يسعى في طلب العلم ؛ لمحاولة فهم أسرار الحيــاة حتى يزداد إيمانًا ويقينًا ..
وحين
يشعر المؤمن بالعجز عن معرفة بعض الأمور أو الحكمة منها ، يزداد تعبدًا
وذلاً لله تعالى .. وحين يُطلعه الله تعالى على بعض المعرفة ، يزداد يقينًا
وشكرًا لله سبحانه وتعالى .

3) المُحــــــاسبة والمراقبة ..وإذا
عَلِمَ العبد أن ربَّه مُتصفٌ بدقة العلم ، وإحاطته بكل صغيرة وكبيرة ،
حــــاسب نفسه على أقواله وأفعاله ، وحركاته وسكناته ؛ لإنه يعلم في كل
وقتٍ وحين أنه بين يدي اللطيـــف الخبيــر ..

{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}
[الملك: 14]
والله سبحانه يجازي الناس على أفعالهم يوم الدين ، إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر .. قال تعالى :
{
وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ
نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا
بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}

[الأنبياء: 47]
.. وقال تعالى : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (*) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }
[الزلزلة : 7,8]
... فحـــــاسبوا أنفسكم قبل أن تُحــــــاسبوا ،،

4) حب الله عزَّ وجلَّ ، إذ لطف بك وســــاق لك الرزق وأعطاك ما تحتاجه في معاشك ..
فحينما
يتأمل لطف الله سبحانه وتعالى بعباده وأنه يريد بهم الخير واليُسر ،
ويُقيض لهم أسباب الصلاح والبر .. يزداد تعلقًا به سبحانه وتعالى ، ويزداد
حبهُ له .

5) الذل والانكســار ..
فإذا أردت أن يُعاملك الله سبحانه وتعالى بلطفه ، عليك أن تذل وتنكسر بين يديه ..
تضــــاعف ما استطعت ، فإنَّ اللطف مع الضعف أكثر،،


الدعـــاء باسم الله اللطيف
لم يرد دعاءً مأثورًا بهذا الاسم أو الوصف ، إلا ما ورد عند الطبراني وضعفه الألباني من حديث أبي هريرة رضى الله عنه مرفوعًا :
"اللهم الطف بي في تيسير كل عسير ؛ فإن تيسير كل عسير عليك يسير ، وأسألك اليُسر والمُعافاة في الدنيا والآخرة"
[ضعيف الجامع (1181)] ..
ويُمكن الدعاء بمُقتضى ما ورد في قوله تعالى عن يوسف عليه السلام :

{وَقَدْ
أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ
الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ
إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ
الْحَكِيمُ }

[يوسف: 100] ..



كأن يقول :
اللهم إنك لطيف لما تشاء وأنت العليم الحكيم ، ارفع عني البلاء والشقاء ، وأعذني من الشيطان الرجيم ،،

[b]معاني و أسرار الأسماء و الصفات 5985fna1mq07oq



يتبع
[/b]


الموضوع الأصلي : معاني و أسرار الأسماء و الصفات // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: سندس واستبرق


توقيع : سندس واستبرق





معاني و أسرار الأسماء و الصفات I_icon_minitimeالإثنين 21 فبراير 2011, 18:28
المشاركة رقم: #8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الرتبه:
الصورة الرمزية

البيانات
معاني و أسرار الأسماء و الصفات Jb12915568671
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 356
تاريخ التسجيل : 20/02/2011
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: رد: معاني و أسرار الأسماء و الصفات


معاني و أسرار الأسماء و الصفات


الحليــــم سبحــــانه وتعالى


الله الحليم سبحانه وتعالى هو الصبور المُتصف بالحلم ،
يتمهل
ولا يتعجل ، بل يتجاوز عن الزلات ويعفو عن السيئات ، فهو سبحانه يُمهل
عباده الطائعين ليزدادوا من الطاعة والثواب ، ويُمهل العاصين لعلهم يرجعون
إلى الطاعة والصواب ، ولو أنه عجل لعباده الجزاء ما نجا أحد من العقاب ،
ولكن الله عزَّ وجلَّ هو الحليم ذو الصَّفحِ والأناةِ ، استخلف الإنسان في
أرضه واسترعاه في ملكه ، واستبقاه إلى يوم موعود وأجلٍ محدود ، فأجَّل
بحلمه عقاب الكافرين ، وعجَّل بفضله ثواب المؤمنين ..



المعنى اللغوي
الحِلْمُ بالكسر : الأناة
والعَقْل ، وجمعه أحلامٌ وحُلُومٌ .. وأحلام القومِ : حُلماؤُهُم ، ورجل
حليمٌ من قومٍ أحلامٍ وحُلماء .. والحِلْمُ: نقيض السفه . قال الراغب الأصفهاني : الحِلْمُ : ضبطُ النفس والطبع عن هيجـــان الغضب وجمعه أحلامٌ .

قال تعالى :
{أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا ..}
[الطور: 32]
.. أَحْلَامُهُمْ ، أي : عُقولُهُم . فالحلم بمعنى : العقل أي الإحكــــام وضبطُ النفس .. وحَلُم ، أي : ضبط نفسهُ وسيطر عليها .





وروده في القرآن الكريم
ورد الاسم في القرآن إحدى عشرة مرة ، منها :
قوله تعالى :

{...وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }
[البقرة : 235]
وقوله سبحانه وتعالى

: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة : 263]
وقول الله عزَّ وجلَّ :
{..وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا}
[الأحزاب : 51] ..
وقوله تعالى :

{..إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}
[الإسراء : 44]



معنى الاسم ودلالته في حق الله تعالى
الحليـــم :
الذي لا يعجل على عبــــاده بعقوبتهم على ذنوبهم .. حليمًا عمن أشرك وكفر
به من خلقه ، في تركه تعجيـــل عذابه له .. حليمًا ذو الصفح والأنــــاة ،
لا يستفزه غضب ولا يستَخِفُّهُ جهلُ جـــاهلٍ ولا عصيـــانُ عاصٍ . ولا
يستحق الصافحُ مع العجز اسم الحِلْمِ ، إنما الحليمُ هو الصفوح مع القدرة
والمتأني الذي لا يعجل بالعقوبة .



وقد أنعمَ بعض الشعراء بيـــان هذا المعنى في قوله :
لا يدركُ المجدَ أقوامٌ وَإنْ كَرُمُوا ... حتى يَذِلُّوا وإنْ عَزُّوا لأقوامِ



ويُشتَموا فترى الألوان مُسفرةً ... لا صَفحَ ذُلٍّ ولكن صفحَ أحْلامِ

يقول الإمام الغزالي : "الحليم :هو
الذي يُشاهد معصية العصاة ، ويرى مُخالفة الأمر ثم لا يستفزه غضب ، ولا
يعتريه غيظ ، ولا يحمله على المُسارعة إلى الانتقام مع غاية الاقتدار عجلة
وطيش ،
كما قال تعالى :

{وَلَوْ
يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ
دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ
أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}
...

[النحل : 61] "
... [المقصد الأسنى (1:103)]



وتأمل حلم الله تعالى على عباده ، في قوله :
{
وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ
بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا
يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}

[يونس : 11]
.. وقوله عزَّ وجلَّ :
{
وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا
لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ
دُونِهِ مَوْئِلًا}

[الكهف : 58]

فالحليــم هو الذي لا يُعجل بالعقوبة والانتقام ..
ولا يحبس عن عباده بذنوبهم الفضل والإنعام ، بل يرزق العاصي كما يرزق
المُطيع ، وإن كان بينهما تفاضل على مُقتضى الحكمة ، وهو ذو الصفح مع
القدرة على العقاب .. وحِلْمُ الله تعالى عظيــــم .. عن أبي موسى الأشعري رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم

"ما أحدٌ أصبر على أذى يسمعه من الله ، يدعون له الولد ثم يُعافيهم ويرزقهم"
[مُتفق عليه]



يقول ابن القيم في نونيته ( 244 ) :
وَهْوَ الحَلِيــــــمُ فَلا يُعَاجِلُ عَبْدَهُ ... بِعُقُوبَةٍِ لِيَتُوبَ مِنْ عِصْيَانِ




حظ المؤمن من اسم الله تعالى الحليم


كيفية التخلُّق بالحلم :لا شك إن الحلم خُلُقٌ عظيم ، كما قال النبي صلى الله عليه و سلم لأشج عبد القيس
"إن فيك لخصلتين يحبهما الله : الحلم والأناة"
[رواه مسلم]
.. وقال صلى الله عليه و سلم :
".. إن الله يحب الغني الحليم المتعفف ، ويبغض البذيء الفاجر السائل المُلح"
[رواه البزار وصححه الألباني ، صحيح الترغيب والترهيب (819)]

فالحلم صفة تُكسِبُ المرء محبة الله ورضوانه

، وهو دليلٌ على كمال العقل وسعة الصدر وإمتلاك النفس .. والذي يتخلَّق
بهذا الخُلُق سيكون له أثرًا عظيمًا في تهذيبه وتربيته لنفسه ..


قال القرطبي رحمه الله :
"فمن الواجب على من عَرَفَ أن ربَّهُ حليمٌ على من عصـــاه ، أن يحلُم هو
على من خــالف أمره ، فذاك به أولى حتى يكون حليمًا فينــال من هذا الوصف
بمقدار ما يكسر سورة غضبه ويرفع الانتقــام عن من أســـاء إليه ، بل يتعود
الصفح حتى يعودَ الحِلم له سجية . وكما تحب أن يحلُمَ عنك مالكك ، فاحلم أنت عمن تملك ؛ لأنك مُتعبدٌ بالحلم مُثــابٌ عليه .. قال الله تعالى:

{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}
[الشورى: 40]
.. وقال تعالى :
{وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}
[الشورى: 43]"
فالحلمُ يعمل على تآلف القلوب ، وينشُر المحبة بين الناس ، ويُزيل البغض ويمنعُ الحسد ، ويُميل القلوب ويستحق صاحبه الدرجات العلا والجزاء الأوفر ..

والحليــــم لا يكون إلا حكيمًا ، واضعًا للأمور مواضعها ، عالمًا قادرًا ...
إن لم يكن قادرًا كان حلمه مُتلبسًا بالعجز والوهن والضعف ، وإن لم يكن
عالمًا كان تركه للانتقام جهل ، وإن لم يكن حكيمًا ربما كان حلمه من السفه .





وقد ذكر الإمام الماوردي عشرة أسبــــاب دافعة للحلم في كتابه
(أدب الدنيا والدين)
، فقال :
الْحِلْمُ مِنْ أَشْرَفِ الْأَخْلَاقِ وَأَحَقِّهَا بِذَوِي الْأَلْبَابِ ؛
لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَامَةِ الْعِرْضِ وَرَاحَةِ الْجَسَدِ وَاجْتِلَابِ
الْحَمْدِ ..



وَأَسْبَابُ الْحِلْمِ الْبَاعِثَةُ عَلَى ضَبْطِ النَّفْسِ عَشَرَةٌ :
1) الرَّحْمَةُ لِلْجُهَّالِ .. وَذَلِكَ مِنْ خَيْرٍ يُوَافِقُ رِقَّةً ، وَقَدْ قِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ :مِنْ أَوْكَدِ الْحِلْمِ رَحْمَةُ الْجُهَّالِ .

2) الْقُدْرَةُ عَلَى الِانْتِصَارِ .. وَذَلِكَ مِنْ سَعَةِ الصَّدْرِ وَحُسْنِ الثِّقَةِ في رَبِّهِ وما عنده من جزيـــل الثواب .

3) التَّرَفُّعُ عَنْ السِّبَابِ .. وَذَلِكَ مِنْ شَرَفِ النَّفْسِ وَعُلُوِّ الْهِمَّةِ ، وَقَدْ قِيلَ : إنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ سَيِّدًا لِحِلْمِهِ .وعن عائشة رضى الله عنها قالت : لم يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم فاحشًا ولا مُتفحشًا، ولا سخابًا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح .

[رواه الترمذي وصححه الألباني]

4) الِاسْتِهَانَةُ بِالْمُسِيءِ ..وَذَلِكَ قد يؤدي إلى ضَرْبٍ مِنْ الْكِبْرِ وَالْإِعْجَابِ ، ولكنه مع الجُهال وأعداء الله يُعد من العزة .. حُكِيَ
عَنْ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ لَمَّا وَلِيَ الْعِرَاقَ جَلَسَ
يَوْمًا لِعَطَاءِ الْجُنْدِ وَأَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى : أَيْنَ
عَمْرُو بْنُ جُرْمُوزٍ ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ أَبَاهُ الزُّبَيْرُ ،
فَقِيلَ لَهُ : أَيُّهَا الْأَمِيرُ إنَّهُ قَدْ تَبَاعَدَ فِي الْأَرْضِ
.فَقَالَ
: أَوَيَظُنُّ الْجَاهِلُ أَنِّي أُقِيدُهُ بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ؟
فَلْيَظْهَرْ آمِنًا لِيَأْخُذَ عَطَاءَهُ مُوَفَّرًا .. فَعَدَّ النَّاسُ
ذَلِكَ مِنْ مُسْتَحْسَنِ الْكِبْرِ .




وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ :
إذَا نَطَقَ السَّفِيهُ فَلَا تُجِبْهُ ... فَخَيْرٌ مِنْ إجَابَتِهِ السُّكُوتُ



سَكَتُّ عَنْ السَّفِيهِ فَظَنَّ ... أَنِّي عَيِيتُ عَنْ الْجَوَابِ وَمَا عَيِيتُ

5) الِاسْتِحْيَاءُ مِنْ جَزَاءِ الْجَوَابِ .. والباعث عليه ما يَكُونُ مِنْ صِيَانَةِ النَّفْسِ وَكَمَالِ الْمُرُوءَةِ . وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ : مَا أَفْحَشَ حَلِيمٌ وَلَا أَوْحَشَ كَرِيمٌ .. فيجب أن يصون لسانه ويترفع عن أن يرد الأذى بالأذى .

6) الْكَرَمُ وَحُبُّ التَّأَلُّفِ وَالتَّفَضُّلُ .. حُكِيَ
عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ قَالَ : مَا عَادَانِي أَحَدٌ قَطُّ
إلَّا أَخَذْت فِي أَمْرِهِ بِإِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ : إنْ كَانَ
أَعْلَى مِنِّي عَرَفْت لَهُ قَدْرَهُ ، وَإِنْ كَانَ دُونِي رَفَعْت
قَدْرِي عَنْهُ ، وَإِنْ كَانَ نَظِيرِي تَفَضَّلْت عَلَيْهِ .


7) الحَزم وَاسْتِنْكَافُ السِّبَابِ وَقَطْعُ السِّبَابِ .. وَقَالَ
الشَّعْبِيُّ : مَا أَدْرَكْت أُمِّي فَأَبَرُّهَا ، وَلَكِنْ لَا أَسُبُّ
أَحَدًا فَيَسُبُّهَا .. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : فِي إعْرَاضِك
صَوْنُ أَعْرَاضِك .

وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ : وَفِي الْحِلْمِ رَدْعٌ لِلسَّفِيهِ عَنْ الْأَذَى ... وَفِي الْخَرْقِ إغْرَاءٌ فَلَا تَكُ أَخْرَقَا

8) الْخَوْفُ مِنْ عُقُوبَةِ اللهِ عزَّ وَجَلَّ .. فَقَدْ قِيلَ : الْحِلْمُ حِجَابُ الْآفَاتِ .

9) الْوَفَاءِ وَحُسْنِ الْعَهْدِ .. فإن كان من أســاء إليـــك له مَكرُمة سالفة عليك ، عليك أن ترعاها له وتتغاضي عن خطأه وفاءً له .

10) الحِكمة في التعامل مع الأمور .. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : إذَا سَكَتَّ عَنْ الْجَاهِلِ فَقَدْ أَوْسَعْتَهُ جَوَابًا وَأَوْجَعْتَهُ عِقَابًا .


الفرقُ بين الحِلْمُ وكظم الغيظ ..
يقول الإمام الغزالي
"الحلم أفضل من كظم الغيظ ؛ لأن كظم الغيظ عبارة عن التحلُّم أي تكلف
الحلم .. ولا يحتاج إلى كظم الغيظ إلا من هاج غيظه ويحتاج فيه إلى مُجاهدة
شديدة ، ولكن إذا تعود ذلك مدة صار ذلك اعتيادًا فلا يهيج الغيظ ، وإن هاج
فلا يكون في كظمه تعب وهو الحلم الطبيعي وهو دلالة كمال العقل واستيلائه
وانكسار قوة الغضب وخضوعها للعقل ولكن ابتداؤه التحلم وكظم الغيظ تكلفا"

[إحياء علوم الدين (3:176)]



فمن كانت طبيعته كثرة الغضب قبل الالتزام ، لابد أن يظهر أثر الإيمان عليه بأن يصير أكثر حلمًا ..
وإن لم يجد للإيمان أثرًا على طباعه ، فليعلم أن عمله مدخول .. كما يقول ابن القيم رحمه الله
"سمعت
شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحًا
فاتهمه ، فإن الربَّ تعالى شكور ... يعني أنه لابد أن يُثيب العامل على
عمله في الدنيا من حلاوة يجدها في قلبه وقوة انشراح وقرة عين ، فحيث لم يجد
ذلك فعمله مدخول"

[مدارج السالكين (2:68)]



وقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه و سلم أعظم مثل في التحلي بخُلُق الحِلْم ..
عن أبي هريرة رضى الله عنه : أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه و سلم يتقاضاه فأغلظ له ، فهمَّ به أصحابه .
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"دعوه ، فإن لصاحب الحق مقالاً"
، ثم قال :
"أعطوه سنًا مثل سنه"..
قالوا : يا رسول الله ، لا نجد إلا أمثل من سنه ، قال :
"أعطوه فإن خيركم أحسنكم قضاء
"[رواه البخاري ومسلم]

وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال : كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يحكي نبيًا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ، ويقول : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون .

[متفق عليه]

وعن أنس رضى الله عنه أنه قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه و سلم وعليه بُرد نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجبذه جبذة شديدة ورجع نبي الله صلى الله عليه و سلم في نحر الأعرابي حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه و سلم قد أثرت به حاشية البُرد من شدة جبذته ، ثم قال : يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم ضحك ثم أمر له بعطاء .

[مُتفق عليه]
.. فيا
لشدة حُلم النبي صلى الله عليه و سلم على هذا الأعرابي الذي جذبه جذبًا
شديدًا من ثيابه ، فلم يغضب منه بل ضَحِكَ صلى الله عليه و سلم .


وعن عائشة رضى الله عنها قالت : إن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : السام عليك . قال "وعليكم"، فقالت عائشة رضى الله عنها : السام عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم ،

فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"مهلاً يا عائشة ، عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش".
قالت : أو لم تسمع ما قالوا ؟
، قال : "أو لم تسمعي ما قلت؟، رددت عليهم فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم في"
[مُتفق عليه] ..

وعن عائشة رضى الله عنها أنها سألت الرسول صلى الله عليه و سلم :

هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟ ،
فقال صلى الله عليه و سلم :
"لقد
لقيت من قومك فكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ، إذ عرضت نفسي على ابن
عبد يا ليل بن كلال فلم يجبني إلى ما أردت ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي
فلم أفق إلا في قرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني ، فنظرت
فإذا فيها جبريل فناداني فقال : إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك وقد
بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم . قال : فناداني ملك الجبال فسلم
عليَّ ، ثم قال : يا محمد ، إن الله قد سمع قول قومك وأنا ملك الجبال وقد
بعثني ربُّك إليك لتأمرني بأمرك إن شئت أطبق عليهم الأخشبين ، فقال رسول
الله
صلى الله عليه و سلم : "بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا"

[متفق عليه]



وأمرنا صلى الله عليه و سلم بالتحلي بهذا الخُلُق العظيــــم ..
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"ليس الشديد بالصُرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"
[متفق عليه]
.. وعن أبي هريرة رضى الله عنه : أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه و سلم : أوصني . قال "لا تغضب". فرد ذلك مرارًا ، قال "لا تغضب"
[رواه البخاري]

وعن عبد الله بن سرجس المزني أن النبي صلى الله عليه و سلم قال "السمت الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءًا من النبوة"

[رواه الترمذي وحسنه الألباني]

والحلم كمال العلم .. كما قال عمر رضى الله عنه : "تعلموا العلم ، وتعلموا للعلم السكينة والحلم"

[إحياء علوم الدين (3:178)]
..
وعن علي بن الحسين بن علي رضى الله عنهما أنه سبه رجل ، فرمى إليه بخميصة
كانت عليه وأمر له بألف درهم ... فقال بعضهم : جُمع له خمس خصال محمودة :
الحلم ، وإسقاط الأذى ، وتخليص الرجل مما يُبعد من الله عزَّ وجلَّ ، وحمله
على الندم والتوبة ، ورجوعه إلى مدح بعد الذم ؛ اشترى جميع ذلك بشيء من
الدنيا يسير .

[إحياء علوم الدين (3:178)]





كيف ندعو الله تعالى باسمه الحليـــم ؟
عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يدعو عند الكرب يقول :
"لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله ربِّ السموات والأرض وربِّ العرش العظيم "
[متفق عليه]



معاني و أسرار الأسماء و الصفات 5985fna1mq07oq
يتبع



الموضوع الأصلي : معاني و أسرار الأسماء و الصفات // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: سندس واستبرق


توقيع : سندس واستبرق





معاني و أسرار الأسماء و الصفات I_icon_minitimeالإثنين 21 فبراير 2011, 18:28
المشاركة رقم: #9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الرتبه:
الصورة الرمزية

البيانات
معاني و أسرار الأسماء و الصفات Jb12915568671
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 356
تاريخ التسجيل : 20/02/2011
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: رد: معاني و أسرار الأسماء و الصفات


معاني و أسرار الأسماء و الصفات


الكريــــم الأكرم سبحـانه وتعالى
اسم الله تعالى الكريم من الأسماء المُحببة إلى النفوس المُؤمنة،

فهم مُتقلبون في نعيمه ليل نهار .. فلا كرم يسمو على كرمه ، ولا إنعام
يرقى إلى إنعامه ، ولا عطاء يُوازي عطاؤه .. له عُلو الشأن في كرمه ، يُعطي
ما يشاء لمن يشاء كيف يشاء بسؤال وغير سؤال .. يعفو عن الذنوب ويستر
العيوب .. ويُجازي المؤمنين بفضله ، ويُمهل المُعرضين ويُحاسبهم بعدله ..

فما أكرمه .. وما أرحمه .. وما أعظمه ..




المعنى اللغوي
الكريم : صفة مُشبهة للموصوف بالكرم ، والكرَم نقيض اللؤم ..وكَرُمَ السحــابُ : إذا جــــاء بالغيث .. والكريم : الصفوح ، كثير الصفح .. وقيل لشجرة العنب : كَرمَةٌ بمعنى كريمة ..وقد يُسمى الشيء الذي له قدرٌ وخطرٌ : كريمًا ، ومنه قوله سبحانه وتعالى في قصة سليمان عليه السلام : { قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ }
[النمل : 29]
.. جاء في تفسيره : كتابٌ جليلٌ خطيرٌ ، وقيل : وصفته بذلك لأنه كان مختومًا ، وقيل : كان حسن الخط ، وقيل : لأنها وجدت فيه كلامًا حسنًا .قال الزجاج : الكرم سرعة إجابة النفس ، كريم الخُلُق وكريم الأصل .
يقول أحمد بن مسكويه في كتابه

(تهذيب الأخلاق)
: "أما الكرم فهو إنفاق المال الكثير بسهولة من النفس في الأمور الجليلة القدر الكثيرة النفع كما ينبغي"
[تهذيب الأخلاق (1:7)]
.. ويقول الإمام الغزالي :
"وأما الكرم فالتبرع بالمعروف قبل السؤال ، والإطعام في المحل ، والرأفة بالسائل مع بذل النائل"
[إحياء علوم الدين (3:246)]
.. والكرم السعة والعظمة والشرف والعزة والسخاء عند العطاء .


وروده في القرآن
ورد اسم الله تعالى الكريم ثلاث مرات ..
في قوله تعالى
{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}
[المؤمنون: 116]
وقول الله عزَّ وجلَّ

{ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}
[الإنفطار: 6]
.. وقوله تعالى
{.. وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}[النمل: 40]
وورد اسمه تعالى الأكرم في قوله

{ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ}
[العلق: 3]
.. وهي من أوائل السور التي نزلت في مُفتتح البعثة ، فكان ميثاق التعرُّف بين الله سبحانه وتعالى ونبيه صلى الله عليه و سلم من خلال اسمه الأكرم .. لأن الكرم كان من أبلغ المناقب عند العرب، والله سبحانه وتعالى أكرم من كل ما تتصور .


معنى الاسم في حق الله تعالى
يقول الغزالي "الكريم :
هو الذي إذا قدر عفا ، وإذا وعد وفى .. وإذا أعطى زاد على منتهى الرجاء ،
ولا يُبالي كم أعطى ولمن أعطى .. وإن رُفِعَت حاجةٌ إلى غيره لا يرضى ..
وإذا جُفِيَ عاتب وما استقصى .. ولا يُضيع من لاذ به والتجأ ، ويُغنيه عن
الوسائل والشفعاء .. فمن اجتمع له جميع ذلك لا بالتكلُّف ، فهو الكريم
المُطلق وذلك لله سبحانه وتعالى فقط "

[المقصد الأسنى (1:117)]
فالكريم
هو كثير الخير ، الجواد المُعطي الذي لا ينفذ عطاؤه .. الجامع لأنواع
الخير والشرف والفضائل .. فالكريم اسم جامعٌ لكل ما يُحمد .

.وقد أورد ابن العربي ستة عشر قولاً في معنى اسمه تعالى الكريم، وهي :
1)
الذي يعطي لا لعوض
2) الذي يعطي بغير سبب
3) الذي لا يحتاج إلى الوسيلة ..
4) الذي لا يبالي من أعطى ولا من يُحسَن إليه ..
كان مؤمنًا أو كافرًا ، مُقرًا أو جاحدًا .. لولا كرمهُ ما سقى كافر شربة ماء .
5)
الذي يُستبشر بقبول عطائه ، ويُسرُّ به .
6) الذي يُعطي ويُثني .. كما فعل بأوليائه حبَّبَ إليهم الإيمان وكرَّه إليهم الكفر والفُسوق والعصيان ، ثم قال :

{ .. أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (*)
فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}
[الحجرات: 7,8]
،، يُحكى أنَّ الجُنيد سَمِعَ رجلاً يقرأ
{.. إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}
[ص: 44]
.. فقال : سبحـــان الله ! أعطى وأثنى .. فالله تعالى هو الذي وهب عبده أيوب عليه السلام الصبر ، ثمَّ مدحه به وأثنى .
7)
الذي يَعُمُّ عطاؤه المحتاجين وغيرهم .
8) الذي يُعطي من يلومه ..
فيعطي العبد برغم إساءته للأدب مع ربِّه سبحانه وتعالى .
9) يُعطي قبل السؤال ..

قال تعالى :
{
وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ
اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}

[إبراهيم: 34]
10)
يُعطي بالتعرُّض ..
11) الذي إذا قَدَرَ عفى
12) الذي إذا وَعَدَ وفَّى ..
13)
الذي تُرفَع إليه كل حاجة صغيرة كانت أو كبيرة ..
14) الذي لا يُضيع من توسَّل إليه ولا يترك من التجأ إليه

.. عن سلمان رضى الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"إن الله حييّ كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين"
[رواه أبو داود وصححه الألباني]
15)
الذي لا يُعاتب ..
16) الذي لا يُعاقب ..
الفرق بين الكرم والجود ..الجود : هو صفة ذاتية للجواد ، ولا يستحق بالاستحقاق ولا بالسؤال .والكرم : مسبوق باستحقاق السائل والسؤال منه .

[كتاب الكليات (1:545)]




أما معنى اسم الله تعالى الأكرم
الأكرم :
اسم دل على المُفاضلة في الكرم ، فعله : كرم يكرم كرما ، والأكرم هو
الأحسن والأنفس والأوسع ، والأعظم والأشرف ، والأعلى من غيره في كل وصف
كمال ، قال تعالى :

{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ }
[الحجرات:13]




الفرق بين الكريم والأكرم
والأكرم سبحانه هو الذي لا يُوازيه كرم ، ولا يُعادله في كرمه نظير ، وقد يكون الأكرم بمعنى الكريم ..
لكن الفرق بين الكريم والأكرم :أن الكريم ..
دل
على الصفة الذاتية والفعلية معًا ، كدلالته على معاني الحسب والعظمة
والسعة والعزة والعلو والرفعة وغير ذلك من صفات الذات ، وأيضًا دل على صفات
الفعل فهو الذي يصفح عن الذنوب ، ولا يمُنُ إذا أعطى فيُكدر العطية بالمن
.. وهو الذي تعددت نعمه على عباده بحيث لا تُحصى وهذا كمال وجمال في الكرم .
أما الأكرم ..

فهو المُنفرد بكل ما سبق في أنواع الكرم الذاتي والفعلي ، فهو سبحانه أكرم
الأكرمين له العُلو المُطلق على خلقه في عظمة الوصف وحُسنه ، ومن ثم له
جلال الشأن في كرمه ، وهو جمال الكمال وكمال الجمال .

حظ المؤمن من اسم الله تعالى الكريـــم الأكرم
1) أن يظهر على العبد أثر النعمة ..عن أبي الأحوص عن أبيه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم وعليَّ ثوب دون ، فقال لي : "ألك مال؟"، قلت : نعم . قال : "من أي المال؟"، قلت : من كل المال قد أعطاني الله من الإبل والبقر والخيل والرقيق . قال : "فإذا آتاك الله مالاً فليُر أثر نعمة الله عليك وكرامته"
[رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني]


2) إكرام النـــاس ..قال صلى الله عليه و سلم :

"إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه"
[حسنه الألباني، صحيح الجامع (269)]
.. إذا كنت تُحب أن يُعاملك الله الكريم ، بكرمه وجوده وفضله وإنعامه ، فعليك أن تُكرم النــاس في معاملاتك وأخلاقك .
والاهتمام بإكرام الضيف والجــار على الأخص .. لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال :"من
كان يُؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرم ضيفه ، جائزته يوم وليلة ، والضيافة
ثلاثة أيام فما بعد ذلك فهو صدقة ، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه"

[متفق عليه]
.. وقال صلى الله عليه و سلم :
"ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره"
[رواه أحمد وصححه الألباني]
،، فبإكرامك لضيفك وجارك ، يزدد إيمانك وترتفع درجتك عند الله سبحانه وتعالى ،،


3) أن يعلم أن الإكرام بالنعمة إبتلاء ، يستوجب الشكر والطاعة ..لا كما يظن البعض أنها دليل حبٍ ورضــا .. يقول الله تعالى : {
فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ
وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (*) وَأَمَّا إِذَا مَا
ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (*)
كَلَّا ..}[الفجر: 15,17]

.. فالله سبحانه وتعالى يبتلينا بالخير والشر، وحق الخير شكره ، وحق الشر الصبر عليه .وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن الرسول صلى الله عليه و سلم قال : "فيلقى العبد فيقول : أي فُل (فلان) ألم
أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع ؟ ، فيقول :
بلى ، قال : أفظننت أنك ملاقيَّ ؟ فيقول : لا فيقول : فإني قد أنساك كما
نسيتني"

[رواه مسلم]
،، والإكرام الحقيقي هو إكرام الله للعبد بالتوفيق للطاعة واليقين والإيمان ..
قال تعالى :
{
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }

[الحجرات:13]


4) كثرة فعل الخيـــرات ..
لأن
من معاني اسمه تعالى الكريم أنه كثيـــر الخير ، فعلى العبد أن يبذل
الخيـــر للناس .. بأن يُكثر من الصدقات عن طيب نفس .. من نفقة على مسكين
وفقير ، وسعي على أرملة ، سقي الظمآن ، وإغاثة اللهفان ، وحتى ذكر الله
سبحانه وتعالى صدقة .


5) كرم الأخلاق ..إذا أردت أن يُكرمك الله ، كن كريم الأخلاق ..

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"إن الله كريم يُحب الكرم ، ويُحب معالي الأخلاق ، ويكره سفسافها"
[صحيح الجامع (1801)]
،، عن أبي هريرةرضى الله عنه : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "من كان هينا لينًا قريبًا حرمه الله على النار"
[رواه الحاكم وصححه الألباني]


6) التعزز عن سفاسف الأمور وعدم التذلل لأحد ..فالكريم هو الذي له خطر وقدر ، فتعالى عن سفاسف الأمور ولا تذل لمال أو جــاه أو شهوة .. فكن على طاعة الله وابتعد عن مخالفته ، تكن كريمًا في الأرض ويَعظُم شأنك .. أما المعصية فهي سبب ذُلَك وشؤمك ..

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
".. وجُعل الذل والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم
[صحيح الجامع (2831)]


7) التخليـــة والتصفيــة ..
لأن
الكريم معناه : المُنزه عن النقائص والآفــات .. فعليك أن تسعى في تربية
وتهذيب نفسك ؛ لأنك لن تكون كريمًا عند الله وأنت مليء بالنقائص والعيــوب .


8) لا تجعل الله أهون الناظرين إليـــك ..

قال تعالى
{.. وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}
[الحج: 18]


9) اللوذ واللُجأ بالكريــم عن الكُربــــات ..

عن ابن عباس رضى الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول عند الكرب :
"لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم"
[متفق عليه]
،، فلُذ بربِّك الكريـــم، يُفرج كربك،،


10) إكرام القرآن ..

قال تعالى
{إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ}
[الواقعة: 77]
.. فأكرم كتاب الله الكريم قراءةً وتدبرًا وعملاً ؛ لكي تكون كريمًا عند ربِّ العالمين .




الدعاء باسمي الله تعالى الكريم الأكرم
منه : دعـــاء ليلة القدر .. عن عائشة رضى الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله ، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها ؟، قال : "قولي : اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني"
[رواه الترمذي وصححه الألباني]


وورد الدعاء باسمه الأكرم .. عن ابن مسعودرضى الله عنه : أنه كان يدعو في السعي : "اللهمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ"
، وفي رواية : "اللهمَّ
اغْفِرْ وَارْحَمْ ، وَاعْفُ عَمَّا تَعْلَمُ وَأَنْتَ الأَعَزُّ
الأَكْرَمُ ، اللهمَّ آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ
حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"

، وقال الألباني : "وإن دعا في السعي بقوله : رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم فلا بأس لثبوته عن جمع من السلف"
[مناسك الحج والعمرة (26)]


ومما ورد في الدعاء بالوصف ..
ما رواه مسلم من حديث عوف بن مالك رضى الله عنه أنه قال : سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه و سلم يُصَلِّي عَلَى مَيِّتٍ فَسَمِعْتُ مِنْ
دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ :

"اللهُمَّ
اغفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ ، وَأَكرِمْ
نُزُلَهُ، وَأَوْسِعْ مُدْخَلهُ، وَاغسِلهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ
وَالْبَرَدِ ، وَنَقّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ
الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ"

[صحيح مسلم]
يتبع



الموضوع الأصلي : معاني و أسرار الأسماء و الصفات // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: سندس واستبرق


توقيع : سندس واستبرق





معاني و أسرار الأسماء و الصفات I_icon_minitimeالإثنين 21 فبراير 2011, 18:32
المشاركة رقم: #10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الرتبه:
الصورة الرمزية

البيانات
معاني و أسرار الأسماء و الصفات Jb12915568671
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 356
تاريخ التسجيل : 20/02/2011
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: رد: معاني و أسرار الأسماء و الصفات


معاني و أسرار الأسماء و الصفات


الربُّ جلَّ جلاله
اسْمُ (الرَّبِّ) من الأسماء الجميلة التي تُشعِر العبد بالأمان والطمأنينة والسكينة ..

فالله سبحانه هوَ ربُّ كلِّ شيءٍ وخالقُهُ ، والقادرُ عليهِ ،
لا يَخْرُجُ شيءٌ عنْ رُبُوبِيَّتِهِ ، وكلُّ مَنْ في السَّمَاواتِ والأرضِ عَبْدٌ لهُ في قَبْضَتِهِ ، وَتَحْتَ قَهْرِهِ .. وهوَ الذي يُرَبِّي عَبْدَهُ ، فَيُعْطِيهِ خَلْقَهُ ، ثُمَّ يَهْدِيهِ إلى مَصَالِحِهِ ..
فلا خالق إلا هو .. ولا مُدبِّر لأمركَ سواه .. ولا رازق لك إلاه ..


المعنى اللغوي
يرد اسم الربُّ على عدة معاني لغوية ، منها :
1) الإصلاح .. قال الزجاجي : الربُّ : المُصلح للشيء، يُقال : رَبَبتُ الشيء أرُبُه رَبًا وربابة ، إذا أصلحته وقُمت عليه .

2) المالك .. ربُّ الشيء مالكه . ومصدر الربُّ :
الربوبية ، وكل من ملك شيئًا فهو ربُّه ، يُقال : هذا ربُّ الدار وربُّ
الضيعة ، ولا يُقال : "الربُّ" معرفًا بالألف واللام مطلقًا ، إلا لله عز و
جل
؛ لأنه مالك كل شيء .
3) العبد الربَّاني .. وقال الجوهري :

"الربَّاني : المُتَألِّهُ العارف بالله تعالى" ..
أي العبد الذليل الخاضع المُحب لله تعالى ، العارف بالله عز و جل .. فمن عَرِفَ الله أحبه وذلَّ بين يديه ، وعظمَّه حقَّ التعظيم .
4) سياسة الشيء وتدبير الأمر ..

قال ابن الأنباري :
"الرَّبُّ ينقسم على ثلاثة أقسام : يكون الربُّ المالك ، ويكون الربُّ السيد المُطاع .. ويكون الربُّ المُصلِح"
5) المُربِّي ..
وقال الراغب :
"الربُّ في الأصل التربية ، وهو إنشاءُ الشيءِ حالاً فحالاً إلى حد التمام"



ورود الاسم في القرآن الكريم

ثبت
الاسم في القرآن والسُنة ، فقد سمى الله عز و جل نفسه بالربِّ على سبيل
الإطلاق والإضافة ، وكذلك سماه به رسوله صلى الله عليه و سلم ؛ فالإطلاق
الذي يُفيد المدح والثناء على الله بنفسه فكما ورد في قوله : { سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ }

[يس:58]
، وكقوله :
{ بَلدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُور }
[سبأ:15] ،

وفي السنة ما رواه مسلم من حديث ابن عباس رضى الله عنه : أن رَسُول اللهِ صلى الله عليه و سلم قال :

" أَلاَ وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عز و جل ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ ( أي : فأولى) أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ "
[رواه مسلم] .

وَعَن عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ رضى الله عنه : أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم يَقُولُ :

"أَقْرَبُ
مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ الْعَبْدِ في جَوْفِ الليْلِ الآخِرِ ، فَإِنِ
اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ
فَكُنْ"

[رواه الترمذي وصححه الألباني] .



معنى الاسم في حق الله تعالى
الربُّ سبحانه هو .. المُتكفل بخلق الموجودات وإنشائها والقائم علي هدايتها وإصلاحها ، وهو الذي نظَّم معيشتها ودبَّر أمرها .. يقول الله جلَّ وعلا : {
إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الذِي خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ
أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلى العَرْشِ يُغْشِي الليْل النَّهَارَ
يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ
بِأَمْرِهِ أَلا لهُ الخَلقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالمِينَ
}

[الأعراف:54]
؛ فالربُّ سبحانه هو المُتكفل بالخلائق أجمعين إيجادًا وإمدادًا ورعايةً وقيامًا على كل نفس بما كسبت ،
قال تعالى :
{ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلى كُل نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ }
[الرعد : 33] .

وحقيقة معنى الربوبية في القرآن تقوم على ركنين اثنين وردا في آيات كثيرة :



الركن الأول : إفراد الله بالخلق ، والثاني : إفراده بالأمر وتدبير ما خلق ،

كما قال تعالى عن موسى عليه السلام وهو يُبين حقيقة الربوبية لفرعون لما سأله {قَال فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (*)
قَال رَبُّنَا الذِي أَعْطَى كُل شَيْءٍ خَلقَهُ ثُمَّ هَدَى }
[طه: 49,50]
، فأجاب عن الربوبية بحصر معانيها في معنيين جامعين ، الأول إفراد الله بتخليق الأشياء وتكوينها وإنشائها من العدم حيث أعطى كل شيء خلقه وكمال وجوده ،
والثاني

إفراد الله بتدبير الأمر في خلقه كهدايتهم والقيام على شؤونهم وتصريف
أحوالهم والعناية بهم ، فهو سُبحانه الذي توكل بالخلائق أجمعين ،

قال تعالى : { اللهُ خَالقُ كُل شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُل شَيْءٍ وَكِيل }
[الزمر:63] .

قال السعدي

"الربُّ :
هو المُربي جميع عباده بالتدبير وأصناف النعم . وأخص من هذا تربيته
لأصفيائه بإصلاح قلوبهم وأرواحهم وأخلاقهم . ولهذا كثر دعاؤهم له بهذا
الاسم الجليل ، لأنهم يطلبون منه هذه التربية الخاصة"

[تيسير الكريم الرحمن (1:945)]



حظ المؤمن من اسم الله تعالى الربِّ

1) أن يكتسي العبد بثوب العبودية ، ويخلع عن نفسه رداء الربوبية ..لعلمه أن المُنفرد بها من له عُلو الشأن والقهر والفوقية ، فيُثبت لله عز و جل أوصاف العظمة والكبرياء ، ولا يُنازع ربُّ العالمين في كمال شريعته ، أو يتخلف عن درب النبي صلى الله عليه و سلم وسنته .

2) أن يتقي العبد ربَّه فيمن ولاه عليهم ..عن
عبد الله بن جعفر رضى الله عنه قال : أن رَسُول اللهِ صلى الله عليه و سلم
دَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ ، فَإِذَا جَمَلٌ فَلَمَّا
رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ
فَأَتَاهُ النَّبِيُّ فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ ، فَقَالَ :

مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ ؟ لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ ؟
، فَجَاءَ فَتًى مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ : لِي يَا رَسُولَ اللهِ ، فَقَال َ:
"أَفَلاَ
تَتَّقِى اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ التِي مَلكَكَ اللهُ إِيَّاهَا ،
فَإِنَّهُ شَكَى إِلَىَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ "

[رواه أبو داوود وصححه الألباني]

.وألا يصف نفسه بأنه ربُّ كذا تواضعًا لربِّه وتوحيدًا لله في اسمه ووصفه ،
وإن جاز أن يصفه غيره بذلك .. فقد ورد عن أَبِى هريرةرضى الله عنه :

أن رسول صلى الله عليه و سلم قال :
"لاَ
يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ : عَبْدِي وَأَمَتِي ، وَلاَ يَقُولَنَّ
الْمَمْلُوكُ : رَبِّى وَرَبَّتِي ، وَلْيَقُلِ الْمَالِكُ: فَتَايَ
وَفَتَاتِي ، وَلْيَقُلِ الْمَمْلُوكُ : سَيِّدِي وَسَيِّدَتِي ،
فَإِنَّكُمُ الْمَمْلُوكُونَ وَالرَّبُّ اللهُ
عز و جل "

[رواه أبو داوود وصححه الألباني]



3) الرضــا بالله عز و جل ربًّا ..
ومن كانت هذه صفته ذاق طعم الإيمان وحلاوته ،
قال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم :
"ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا ، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا"
[صحيح مسلم]



4) أن يسعى العبد في تربية وإصلاح نفسه ..فمن كل حينٍ لآخر عليه أن يبحث عن آفات نفسه وعيوبها ، ويسعى في علاجها وتهذيب نفسه .. وقواعد إصلاح النفس وتهذيبها ، هي :
القاعدة الأولى : الاستعانة بالله تعالى .. على تلك المُهمة الصعبة القاسية ، ويعلم إنه لن يُهذَّب إلا إذا شاء الله عز و جل
له ذلك .
القاعدة الثانية : الصدق والإخلاص في طلب التغيير ..
فلن يتغيَّر إلا إذا كان صادقًا مخلصًا ، وإذا صدق بُشِّر .
القاعدة الثالثة : معرفة عيب النفس ..
ومن عرف نفسه ، عرف ربَّه .. فعليه أن يُبصَّر بعيوبه ، من خلال أمرين :
الأول نقد الناقد ، ونصيحة الناصح .. وأن يُبصِّر الإنسان نفسه بعيوب نفسه ،

قال تعالى
:{بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (*) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ}
[القيامة: 14,15]
القاعدة الرابعة : الشروع في إصلاح عيوب نفسه ..
على علم وبصيرة ، بالعلاج الذي يناسب آفاته وعيوبه .



5) التدرُّج والمنهجية في التعامل مع النفس ..
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضى الله عنه : "
{.. كُونُوا رَبَّانِيِّينَ ..}
[آل عمران : 79]
.. الرَّبَّانِيُّ : الَّذِي يُرَبِّي النَّاسَ بِصِغَارِ الْعِلْمِ قَبْلَ كِبَارِهِ "
[صحيح البخاري]
فعليك
أن تتدرَّج في مُعاملتك لنفسك ، فتبدأ معها بالأمور اليسيرة إلى أن تصل
إلى الأصعب فالأصعب .. ويتضح ذلك في طريقك لطلب العلم ، فينبغي أن تبدأ
بتعلُّم الأمور الأساسية التي تُقيم بها دينك وتدرَّج بعدها حتى تصل إلى
المسائل الصعبة .. أما إذا بدأت بصعاب الأمور ، فلن تتمكن من إكمال الطريق
وستتعثر لا محالة ..


قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق"
[رواه أحمد وحسنه الألباني ، صحيح الجامع (2246)]
،،،،، فَإِنَّ الْمُنْبَتّ لَا أَرْضًا ... قَطَعَ وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى ،،

"
المعنى : رجل مُستعجل ، يُريد أن يُدرك أقرانه ، هو راكب دابة ، فمن شدة استعجاله ظل يضرب في الدابة حتى قتلها ، فوقف مكانه ، لا أرضاً قطع -لا هو مشى- ولا أبقى الظهر الذي كان يركبه ، فلما قُتلت الراحلة وقف..! هكذا الغالي ، يظل يغلو حتى يخرج من الهدي الصالح ، وهو هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم " .

(( مُلخص محاضرة الغلو : موقع الشيخ الحويني))
[عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل للمشاهدة الرابطللتسجيل اضغط هنا]


كيف ندعو الله تعالى باسمه الربُّ ؟

ورد الدعاء بالاسم المُقيد في نصوص كثيرة ، كقوله تعالى :
{
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ
رَبَّنَا تَقَبَّل مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَليم }

[البقرة:127].

وأيضًا ما جاء في قوله تعالى :

{
رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا
تَحْمِل عَليْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلتَهُ عَلى الذِينَ مِنْ قَبْلنَا
رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلنَا مَا لا طَاقَةَ لنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا
وَاغْفِرْ لنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلى القَوْمِ
الكَافِرِينَ }

[البقرة:286] .

وقوله سبحانه :

{ وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً }
[الإسراء:80] ..

وقوله :

{دَعْوَاهُمْ
فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ
دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}

[يونس:10].

وعن شدّاد بن أوسٍ رضى الله عنه : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "سيِّد
الاستغفار : اللهم أنتَ ربي لا إلهَ إلا أنت خلقتَني وأنا عبدُك ، وأنا
على عهدِكَ ووعدِك ما استَطعت أبُوءُ لك بنعمتك ، وأبوءُ لك بذنبي فاغفِرْ
لي ؛ فإنه لا يغفر الذنوبَ إلا أنت ، أعوذُ بك من شرِّ ما صنعت ، إذا قال
حينَ يُمسي فمات ؛ دخل الجنَّة ، أو كان من أهل الجنة ، وإذا قال حِينَ
يُصبح فمات من يومِه دخل الجنَّة"

[صحيح البخاري]

معاني و أسرار الأسماء و الصفات Lines


يتبع



الموضوع الأصلي : معاني و أسرار الأسماء و الصفات // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: سندس واستبرق


توقيع : سندس واستبرق





معاني و أسرار الأسماء و الصفات I_icon_minitimeالإثنين 21 فبراير 2011, 18:36
المشاركة رقم: #11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الرتبه:
الصورة الرمزية

البيانات
معاني و أسرار الأسماء و الصفات Jb12915568671
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 356
تاريخ التسجيل : 20/02/2011
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: رد: معاني و أسرار الأسماء و الصفات


معاني و أسرار الأسماء و الصفات


الودود سبحانه وتعالى




"
لوْ لمْ يَكُنْ مِنْ تَحَبُّبِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إلى عبادِهِ
وإحسانِهِ إليهم وَبِرِّهِ بهم إلاَّ أنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَ لهم ما في
السَّمَاواتِ والأرضِ وما في الدنيا والآخرةِ
، ثُمَّ أَهَّلَهُم وَكَرَّمَهم، وَأَرْسَلَ إليهمْ رُسُلَهُ وأَنْزَلَ عليهمْ كُتُبَهُ، وَشَرَعَ لهم شَرَائِعَهُ، وَأَذِنَ لهم في مُنَاجَاتِهِ كلَّ وقتٍ أَرَادُوا، وَكَتَبَ لهم بكُلِّ حسنةٍ يَعْمَلُونَهَا عَشْرَ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إلى أضعافٍ كثيرةٍ، وكَتَبَ لهم بالسيِّئَةِ واحدةً، فإنْ تَابُوا منها مَحَاهَا وأَثْبَتَ مكانَهَا حسنةً ..

وإذا بَلَغَتْ ذُنُوبُ أحدِهِم عَنانَ السماءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرَهُ غَفَرَ لهُ، ولوْ لَقِيَهُ بِقُرَابِ الأرضِ خَطَايَا، ثُمَّ لَقِيَهُ بالتوحيدِ لا يُشْرِكُ بهِ شيئاً لأَتَاهُ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً، وَشَرَعَ لهم التوبةَ الهادمةَ للذنوبِ؛
فَوَفَّقَهُم لِفِعْلِهَا ثُمَّ قَبِلَهَا مِنْهُم .. فَإنَّما الفضلُ
كُلُّهُ والنعمةُ كُلُّهَا والإحسانُ كلُّهُ منهُ أَوَّلاً وآخِراً ..
أَعْطَى عَبْدَهُ مالَهُ
، وقالَ: تَقَرَّبْ بهذا إِلَيَّ أَقْبَلْهُ منكَ ..فالعبدُ لهُ، والمالُ لهُ، والثوابُ منهُ ..

فهوَ المُعْطِي أوَّلاً وآخِراً، فكيفَ لا يُحَبُّ مَنْ هذا شأنُهُ؟!!
وكيفَ لا يَسْتَحِي العبدُ أنْ يَصْرِفَ شَيْئاً منْ مَحَبَّتِهِ إلى غَيْرِهِ؟!!
ومَنْ أَوْلَى بالحمدِ والثناءِ والمَحَبَّةِ منهُ سبحانَهُ؟!!
ومَنْ أَوْلَى بالكَرَمِ والجُودِ والإحسانِ منهُ؟!!
.... [طريق الهجرتين (23:261,262)]



وروده في القرآن الكريم
ورد اسم الله تعالى الودود مرتين في القرآن الكريم :
في قوله تعالى {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}
[هود : 90]
،،، وقوله جلَّ وعلا {إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (*) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ}[البروج : 13,14]

المعنى اللغوي

الوُدُّ مصدر المودَّة .. والودُّ هو الحبُّ يكون في جميع مداخل الخير .وَوَدِدْتُ الشيء أوَدُّ ، وهو من الأمنية وشدة التعلُّق بحدوث الشيء ..
كما في قوله تعالى : {.. يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ ..}
[البقرة: 96]
، أي : يتمنى أن يعيش ألف سنة .. وكقوله تعالى :
{ .. يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ}
[البروج: 11]



قال ابن العربي : "اتفق أهل اللغة على أن المودَّة هي المحبة"
.. قال تعالى : {.. وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ..}
[الروم : 21] ،،،
ويأتي أيضًا بمعنى المُلازمة مع التعلُّق ..

فالودد معناه الوتد ؛ لثبوته ولشدة ملازمته وتعلقه بالشيء ،،،
ويأتي على معنى المعية والمُرافقة والمُصاحبة كلازم من لوازم المحبة ..

كما ورد عَنْ ابنِ عُمَرَ رضى الله عنه أنه قال :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه و سلم يَقُولُ :
"إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ "
[صحيح مسلم] ،،،
أما الحبُّ ..
فهو نوعٌ من الصفاء والنقاء والطهُّر والخضوع .. والحُبُّ من القِرط ، الذي من شأنه أنه دائم التقلقل ..
كما قال الجنيد "الصادق يتقلَّبُ في اليوم أربعين مرة ، والمُرائي يثبت على حالة واحدة أربعين سنة"
[مدارج السالكين (2:274)]
.. فالمُحبُّ يتقلَّب قلبه
بين الخوف والرجاء ، والسكينة والقلق ، والسرور والحزن .. أما من مات قلبه
، تسكن أحواله .. وهذا من علامات النفاق والعياذ بالله تعالى ،،

والفرق بين الحُبُّ والودُّ ..
أن الحب ما استقر في القلب ، والودُّ ما ظهر على السلوك .. فكل ودود مُحب
، وليس كل مُحب ودود .. وكل ودود أساسه مشاعر الحب في قلبه .


معنى الاسم في حق الله تعالى
قال ابن عباس : "الودود هو الرحيم"، وقال البخاري : "الودود هو الحبيب"

وقال الزجاج : الودود :
فعول بمعنى فاعل ، كقولك : غفورٌ بمعنى غافر ، وشكور بمعنى شاكر .. فيكون
الودود في صفات الله عز وجل بمعنى : الذي يودُّ عباده الصالحين ويُحبهم .

والمعنى الثاني : أنه عز وجل مودود بمعنى مفعول ، أي : الذي يوده عباده ويُحبونه .

قال الخطابي "وقد يكون معناه أن يُوَدِّدَهم إلى خلقه ، كقوله عز و جل :{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}
[مريم: 96]"

يقول السعدي : "الودود :
الذي يُحب أنبياءه ورسله وأتباعهم ، ويُحبونه ، فهو أحب إليهم من كل شيء ،
قد امتلأت قلوبهم من محبته ، ولهجت ألسنتهم بالثناء عليه ، وانجذبت
أفئدتهم إليه ودًا وإخلاصًا وإنابةً من جميع الوجوه"

[تيسير الكريم الرحمن (1:947)]

ويقول ابن القيم في النونية (245)] :
وهوَ الودودُ يُحِبُّهُم وَيُحِبُّهُ ... أحبابُهُ والفضلُ لِلْمَنَّانِ
وهوَ الذي جَعَلَ المَحَبَّةَ في قُلُو ... بِهِمُ وَجَازَاهُم بِحُبٍّ ثَانِ
هذا هوَ الإحسانُ حَقًّا لا مُعَا ... وَضَةً ولا لِتَوَقُّعِ الشُّكْرَانِ
لكنْ يُحِبُّ شُكُورَهُم وَشَكُورَهُم ... لا لاحْتِيَاجٍ منهُ للشُّكْرَانِ

عجـــائب ودُّ الله
عز و جل
يقول ابن القيم "ليس
العجب من مملوك يتذلل لله ويتعبد له ولا يمل من خدمته مع حاجته وفقره
إليه ، إنما العجب من مالك يتحبب إلى مملوك بصنوف إنعامه ويتودد إليه
بأنواع إحسانه مع غناه عنه .

كفى بك عزًّا أنك له عبد * * * وكفى بك فخراً أنه لك رب"
[الفوائد (1:38)]

من أنت أيها العبد الفقير حتى يتقرَّب إليك أغنى الأغنياء سبحانه و تعالى ؟!
.. وماذا تساوي أنت أيها الذليل حتى يتودد إليك العزيز جلَّ في علاه ؟!


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم : "إِذَا
مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أَوْ ثُلُثَاهُ يَنْزِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَيَقُولُ : هَلْ مِنْ سَائِلٍ
يُعْطَى ؟ .. هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ ؟ .. هَلْ مِنْ
مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ ؟ .. حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ"

[صحيح مسلم]

ألا تشكو من قسوة القلب ؟! .. ألا تعاني هجر القرآن ؟! .. ألا يسوؤك حالك مع الله تعالى ؟!
ألا يواجههك ضيق العيش ؟!
.. ألا تُبتلى ؟! ..
إذًا ، هلم ارفع شكواك وقَدِم نجواك في الثلث الأخير من الليل ، فاتحة الأحزان وفاتحة الرضوان ، وجنات النعيم والكرم الإلهي ..
عجبًا لك أيها العبد! ترفع حوائجك إلى من أغلق دونك بابه وجعل دونها الحراس والحُجَّاب، وتنسى من بابهُ مفتوحٌ إلى يوم القيامة !!

ومن عجائب ودَّهُ :
أن تسبق محبته للعباد محبتهم له
..فالله عز و جل هو الذي يبتديء عباده بالمحبة .. قال تعالى :
{ .. فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ..} ،،،
[ المائدة : 54]
يقول ابن الجوزي : "سبحان
من سبقت محبته لأحبابه ؛ فمدحهم على ما وهب لهم ، واشترى منهم ما أعطاهم ،
وقدم المتأخر من أوصافهم لموضع إيثارهم ، فباهى بهم في صومهم ، وأحب خلوف
أفواههم
. يا لها من حالةٍ مصونةٍ !

لا يقدر عليها كل طالب ، ولا يبلغ كنه وصفها كل خاطب"
[صيد الخاطر (1:28)]

ومن عجائب ودَّهُ :
أنه يتودد بنعمه لأهل المعاصي ، ويُقيم بها عليهم الحجة ..

ومن لطائف ودَّهُ :

أنه لا يرفعه عن المذنبين ، وإن تكررت ذنوبهم ، فإذا تابوا منها وعادوا
إليه شملهم بمحبته أعظم مما كانوا عليه .. أليس الله عز و جل يُحب التوابين
؟

يقول ابن القيم : "وهذا
بخلاف ما يظنه من نقصت معرفته بربِّه من أنه سبحانه إذا غفر لعبده ذنبه
فإنه لا يعود الودُّ الذي كان له منه قبل الجناية ، واحتجوا فى ذلك بأثرٍ
إسرائيليٍ مكذوب أن الله قال لداود عليه السلام :

يا داود ، أما الذنب فقد غفرناه ، وأما الودُّ فلا يعود .وهذا كذبٌ قطعاً ،
فإن الودُّ يعود بعد التوبة النصوح أعظمُ مما كان ، فإنه سبحانه يحب
التوابين ، ولو لم يعد الودُّ لما حصلت له محبته ، وأيضًا فإنه يفرح بتوبة
التائب ، ومحال أن يفرح بها أعظم فرح وأكمله وهو لا يحبه .

وتأمل سر اقتران هذين الاسمين فى قوله تعالى :
{إِنَّهُ هُوَ يُبْدِيءُ وَيُعِيدُ وَهُوَ الْغَفُورُ الْودُود}
[البروج: 13,14]
.. تجد
فيه من الرد والإنكار على من قال : لا يعود الودُّ والمحبة منه لعبده
أبدًا ، ما هو من كنوز القرآن ولطائف فهمه ، وفى ذلك ما يُهَيِّج القلب
السليم ويأْخذ بمجامعه ويجعله عاكفًا على ربِّه الذي لا إله إلا هو ولا
ربُّ له سواه .. عكوف المحب الصادق على محبوبه الذي لا غنى له عنه ، ولا بد
له منه ولا تندفع ضرورته بغيره أبدًا."

[طريق الهجرتين (23:98)]

فالله سبحانه و تعالى هو الذي يبدأ بالمغفرة ويُعيدها مرةً أخرى ..
تذنب ثم تتوب إليه بصدق ، فيغفر ويصفح .. ليس هذا فحسب بل تزداد محبته لك ، أفضل وأعظم مما كانت لك قبل ذلك ..


فكيف لا تحب ربًّا هذه صفته بكل ذرة فيك ؟!
تابعوا المقالة القادمة لتعرِّف كيف تتقرَّب إلى الله عز و جل باسمه الودود ،،
معاني و أسرار الأسماء و الصفات Lines



الموضوع الأصلي : معاني و أسرار الأسماء و الصفات // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: سندس واستبرق


توقيع : سندس واستبرق





معاني و أسرار الأسماء و الصفات I_icon_minitimeالإثنين 21 فبراير 2011, 18:37
المشاركة رقم: #12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الرتبه:
الصورة الرمزية

البيانات
معاني و أسرار الأسماء و الصفات Jb12915568671
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 356
تاريخ التسجيل : 20/02/2011
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: رد: معاني و أسرار الأسماء و الصفات


معاني و أسرار الأسماء و الصفات


حظ المؤمن من اسم الله تعالى الودود


إذا أردت أن يكون لك حظ عظيم من اسم الله تعالى "الودود"
، فتودد إليه بالأعمال الصالحة .. وإن وصلت إلى تلك المنزلة ،
ستنال محبة الله عزَّ وجلَّ وملائكته وسيُبسَط لك القبول في الأرض ..



عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم : "إِنَّ
اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ :
إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ
. ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ
فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَيُوضَعُ لَهُ
الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ"

[صحيح البخاري]،،،
ولوْ لمْ يَكُنْ في مَحَبَّةِ
اللَّهِ إلاَّ أنَّهَا تُنْجِي مُحِبَّهُ منْ عذابِهِ لكانَ يَنْبَغِي
للعبدِ أنْ لا يَتَعَوَّضَ عنها بشيءٍ أبداً ، فَأَبْشِرْ فَإِنَّ
الْلَّهَ تَعَالَىْ لَا يُعَذِّبُ حَبِيْبَهُ ،،


كبف تُحب الله جل في عُلاه



أولاً : معرفة الله عز و جل ..
فالله عز و جل يحب أن تتعرف عليه ،

كما يقول النبي صلى الله عليه و سلم :
" تعرَّف إلى الله في الرخاء ، يعرفك في الشدة"
[صحيح الجامع (2961)]
.. وقال صلى الله عليه و سلم :
"إن
الله ليعجب من العبد إذا قال : لا إله إلا أنت إني قد ظلمت نفسي فاغفر لي
ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، قال : عبدي عَرِفَ أن له ربًّا يغفر
ويعاقب"

[صحيح الجامع (1821)] ،،



عن الحسن بن أبي جعفر ، قال : سمعت عتبة الغلام يقول : من
عرف الله أحبه ، ومن أحب الله أطاعه ، ومن أطاع الله أكرمه ، ومن أكرمه
أسكنه في جواره ، ومن أسكنه في جواره فطوباه ، وطوباه ، وطوباه ، وطوباه ،
فلم يزل يقول وطوباه حتى خرَّ ساقطًا مغشيًا عليه .

[حلية الأولياء (3:69)]



ومن أعظم الأسباب التي تُعين على معرفة الله تعالى :
1) التفكُّر في خلق السماوات والأرض ..
كان ذو النون المصري يقول :
" تُنال المعرفة بثلاث : بالنظر في الأمور كيف دبرها ، وفي المقادير كيف قدرها ، وفي الخلائق كيف خلقها"
[حلية الأولياء (4:214)]



2)ومُطالعة أسماء الله تعالى وصفاته .. لا سيما بتدبُّر آيات القرآن والنظر في هذه الأسماء ومواضعها وكذلك تلمُّس آثار هذه الأسماء في الكون من حولك .. يقول ابن القيم
"واللَّهُ
سبحانَهُ تَعَرَّفَ إلى عبادِهِ منْ أسمائِهِ وصفاتِهِ وأفعالِهِ بما
يُوجِبُ مَحَبَّتَهُم لهُ ؛ فإنَّ القلوبَ مَفْطُورَةٌ على مَحَبَّةِ
الكمالِ وَمَنْ قامَ بهِ ، واللَّهُ سبحانَهُ وتَعَالَى لهُ الكمالُ
المُطْلَقُ منْ كلِّ وَجْهٍ ، الذي لا نَقْصَ فيهِ بِوَجْهٍ ما"

[روضة المحبين (420)]



3)استشعار نعم الله على العبد .. فإن
القلوب جُبِلَت على حب من أحسن إليها ، وبغض من أساء إليها ، ولا أحد
أعظم إحسانًا من الله سبحانه ، فإن إحسانه على عبده في كل نفس ولحظة ، وهو
يتقلَّبُ في إحسانه في جميع أحواله .

[طريق الهجرتين (23:258)]
.. وكان عمر بن عبد العزيز يقول :
" .. الفكرة في نعم الله أفضل العبادة"
[حلية الأولياء (2:411)



ثانيًا: حب النبي صلى الله عليه و سلم واتبـــاع سُنَّته ..
فمن اتبع رسول الله صلى الله صلى الله عليه و سلم فيما جاء به ، وصدق في اتباعه ، فذلك الذي أحب الله وأحبه الله .. قال تعالى :

{قُلْ
إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
،،،،

[آل عمران: 31]



ثالثًا: كثرة ذكر الله تعالى ..
قال ذو النون "وَمَنْ شُغِلَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ بِالذِّكْرِ ، قَذَفَ اللهُ فِي قَلْبِهِ نُورَ الِاشْتِيَاقِ إِلَيْهِ"

[شعب الإيمان (2:267)]

رابعًا :
حب القرآن وتلاوته بتدبُّر وتفكُّر .. عن عائشة رضى الله عنها : أن النبي صلى الله عليه و سلم بعث رجلاً على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم ب { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ }
[الإخلاص:1]
.. فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم ، فقال
"سلوه لأي شيءٍ يصنع ذلك".
فسألوه ، فقا ل: لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها ،
فقال النبي صلى الله عليه و سلم :
"أخبروه أن الله يحبه"
[متفق عليه]
.. أحبَّ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } ، فأحبَّهُ الرحمن .



قال ابن القيم :
"فتبارك
الذي جعل كلامه حياة للقلوب وشفاء لما في الصدور وبالجملة فلا شيء أنفع
للقلب من قراءة القرآن بالتدبُّر والتفكُّر ؛ فإنه جامع لجميع منازل
السائرين وأحوال العاملين ومقامات العارفين ، وهو الذي يُورث المحبة والشوق
والخوف والرجاء والإنابة والتوكُّل والرضا والتفويض والشكر والصبر وسائر
الأحوال التي بها حياة القلب وكماله"

[مفتاح دار السعادة (1:187)]



خامسًا : الانكسار والذلَّ بين يدي العزيز الجبــار ..فإن منن الرحمن تفيض على أهل الانكسار ..
قال تعالى :
{ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ..} ،،،،
[آل عمران: 123]
،،، ويقول جلَّ وعلا :
{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}
[القصص: 5]
،،، وأقرب ما يكون العبد من الربِّ حال انكساره بين يديه .. كما ورد في بعض الإسرائيليات أن موسى عليه السلام قال : يا رب أين أبغيك ، قال : ابغني عند المُنكسرة قلوبهم .
[حلية الأولياء (1:376)]
،، فالله تعالى يبتليك ليسمع تضرعك وأنينك ؛ لأن فيه انكسار وافتقار بين يديه ،،

سادسًا :
التقرُّب إليه بالفرض وكثرة النوافل ، لاسيما الصلاة ..
كما ورد في الحديث القدسي
"
.. وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا
افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ
بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ..

"[صحيح البخاري]

سابعًا :
الخُلوة لمُناجاة الله .. لو قام المذنبون في هذه الأسحار على أقدام الانكسار ورفعوا قصص الاعتذار مضمونها :
{
.. يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا
بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ..}

[يوسف: 88] ..
لبرز لهم التوقيع عليها :
{ .. لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}[يوسف: 92].
[لطائف المعارف (1:228)]
،،، ومناجاتك سبب نجاتك ، وبها يغرس الله تعالى حبَّهُ في قلبك ،،

ثامنًا :
مُعاملة الله بالصدق والإخلاص ومُخالفة الهوى ..
فإن كنت تريد أن يُحبك الله ، ينبغي أن تترك شيئًا تُحبه ابتغاء مرضاته .. ومن ترك شيئًا لله ، عوضه الله خيرًا منه .فلتجربي أيتها الفتاة ..
أن تتركي التبرُّج والملابس
الضيقة ؛ ابتغاء مرضاة الله وحده .. وانظري كم فيوضات الرحمة التي سيفيض
بها الكريم عليكِ .. ويكفيكي أن يُحبك ويرزقكِ حبه ، إن وجدكِ صادقة
مُخلصة .

ولتجرب أيها الشاب .. أن تترك مُصاحبة الفتيات والتدخين ، وسائر المُنكرات التي يقع فيها شباب هذا الزمان ؛ ولسان حالك يقول :
{.. وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى}
[طه: 84] ..
وحينها ستُبلَّغ حُب ربِّك .

تاسعًا :
تذكُّر نعيم أهل الجنة ، ورؤيتهم لربِّهم ..
فاستحضار هذه اللحظة يُسكِب في القلب معاني المحبة .

عاشرًا :
محبة أولياء الله ومُجالسة الصالحين المُحبين ..
فإذا أحببت أولياءه أحبك وإذا عاديت أولياءه أذلَّك ..
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم :
"إِنَّ اللَّهَ قَالَ : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ .."
[صحيح البخاري]
،،، وعن النبي صلى الله عليه و سلم :
"أن
رجلا زار أخا له في قرية أخرى ، فأرصد الله له على مدرجته ملكًا قال :
أين تريد ؟. قال : أريد أخًا لي في هذه القرية . قال : هل لك عليه من نعمة
تربها ؟، قال : لا ، غير أني أحببته في الله . قال : فإني رسول الله إليك
بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه"

[رواه مسلم]
وقال بعض السلف : "أحِب أهل الجنة تكن معهم يوم القيامة ، وابغض أهل المعاصي يُحبك الله"
[حلية الأولياء (3:188)]
،،، ومُجالسة الصالحين المُحبين تُرقق القلب ..
وتلتقط من أفواههم أطايب الكلام كما تنتقى أطايب الثمار ..هؤلاء قوم
أحبوا الله فتتفطر القلوب القاسية لكلامهم ، وتدمع العيون الجافية عند
سماع أصواتهم .. قوم عرفوا الله ، فذاقوا طعم السعادة ونالوا لذة الإيمان ،
فلو عرف الملوك وأبناء الملوك مانحن فيه من السرور والنعيم لجالدونا عليه
بالسيوف .

حادي عشر :
حب الصحابة ، لاسيما الأنصار ..
عن البراء رضى الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
"الأنصار لا يُحبهم إلا مُؤمن ولا يبغضهم إلا مُنافق، فمن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله" ،،،
[متفق عليه]

ثاني عشر :
الزهد في الدنيـــا ..
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"ازهد في الدنيا يُحبك الله ، وازهد فيما في أيدي الناس يحبوك " ،،، [رواه ابن ماجه]

ثالث عشر :
أداء الأمانة وصدق الحديث وحسن الجوار ..
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"إن أحببتم أن يُحبكم الله تعالى ورسوله ، فأدوا إذا اُئتمنتم ، واصدقوا إذا حدثتم ،وأحسنوا جوار من جاوركم" ،،،
[رواه الطبراني وحسنه الألباني، صحيح الجامع (1409)]

رابع عشر :
أن تبتعد عن كل سبب يحول بينك وبين الله تعالى ..فابتعد عن كل ذنبٍ تعلم أنه يقطع بينك وبين ربِّك ؛ حتى يخلص قلبك له وحده .

خامس عشر :
المُبادرة إلى طلب القرب بالطاعات ..
قال النبي صلى الله عليه و سلم :
"قال الله : يا ابن آدم ، قم إليَّ أمش إليك ، وامش إليَّ أهرول إليك" ،،،
[رواه أحمد وصححه الألباني]

سادس عشر :
محبة لقاء الله ..
والاستعداد له بالزيادة في الأعمال الصالحة، عن عبادة بن الصامت قال:
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه"
[متفق عليه]]


الدعاء باسم الله الودود
لم يرد الدعاء
بالاسم أو الوصف في القرآن أو السُنة ، ويمكن الدعاء بمعنى الاسم ؛
فالودود هو المحبوب الذي يستحق أن يُحب ، وأن يكون أحب إلى العبد من سمعه
وبصره وجميع محبوباته ،

ومما ورد في ذلك حديث معاذ رضى الله عنه :

أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
"اللهُمَّ
إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ ،
وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي ، وَإِذَا
أَرَدْتَ فِتْنَةَ قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ ، أَسْأَلُكَ
حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى
حُبِّكَ"

، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه و سلم :
"إِنَّهَا حَقٌّ فَادْرُسُوهَا ، ثُمَّ تَعَلمُوهَا" ،،،
[رواه الترمذي وصححه الألباني] ،،،



معاني و أسرار الأسماء و الصفات Lines
يقول ابن القيم : و
منْ
أفضلِ ما سُئِلَ اللَّهُ حُبُّهُ ، وَحُبُّ مَنْ يُحِبُّهُ ، وَحُبُّ
عَمَلٍ يُقَرِّبُ إلى حُبِّهِ . ومِنْ أَجْمَعِ ذلكَ أنْ يَقُولَ :

"اللَّهُمَّ
إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ عَمَلٍ
يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ ، اللَّهُمَّ مَا رَزَقْتَنِي مِمَّا أُحِبُّ
فَاجْعَلْهُ قُوَّةً لِي فِيمَا تُحِبُّ ، وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا
أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ فرَاغاً لي فِيمَا تُحِبُ ّ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ
حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي وَمَالِي وَمِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ
عَلَى الظَّمَأِ ، اللَّهُمَّ حَبِّبْنِي إِلَيْكَ وَإِلَى مَلائِكَتِكَ
وَأَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ وَعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ، وَاجْعَلْنِي
مِمَّنْ يُحِبُّكَ وَيُحِبُّ مَلائِكَتَكَ وَأَنْبِيَاءَكَ وَرُسُلَكَ
وَعِبَادَكَ الصَّالحِينَ ، اللَّهُمَّ أَحْيِ قَلْبِي بِحُبِّكَ
وَاجْعَلْنِي لَكَ كَمَا تُحِبُّ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أُحِبُّكَ
بِقَلْبِي كُلِّه ِ، وَأُرْضِيكَ بِجُهْدِي كُلِّه ِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ
حُبِّي كُلَّهُ لَكَ ، وَسَعْيِي كُلَّهُ في مَرْضَاتِكَ"

[روضة المحبين (417,418)]

يتبع



الموضوع الأصلي : معاني و أسرار الأسماء و الصفات // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: سندس واستبرق


توقيع : سندس واستبرق





معاني و أسرار الأسماء و الصفات I_icon_minitimeالإثنين 21 فبراير 2011, 18:38
المشاركة رقم: #13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الرتبه:
الصورة الرمزية

البيانات
معاني و أسرار الأسماء و الصفات Jb12915568671
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 356
تاريخ التسجيل : 20/02/2011
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: رد: معاني و أسرار الأسماء و الصفات


معاني و أسرار الأسماء و الصفات


الله عز و جل الوكيل

الله سبحانه وتعالى هو الوكيـــل الذي توكل بالعالمين خلقًا وتدبيرًا ، وهداية وتقديرًا ..

فهو المُتوكل بخلقه إيجادًا وإمدادًا ، كما قال تبارك وتعالى :
{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}
،،،[الزمر: 62]
،،،،
والوكيل الكفيل بأرزاق عباده ومصالحهم ، وهو سبحانه وكيل المؤمنين الذين
جعلوا اعتقادهم في حوله وقوته ، وخرجوا من حولهم وطولهم وآمنوا بكمال قدرته
، وأيقنوا أنه لا حول ولا قوة إلا بالله ، فركنوا إليه في جميع أمورهم ،
وجعلوا اعتمادهم عليه في سائر حياتهم ، وفوضوا إليه الأمر قبل سعيهم
واستعانوا به حال كسبهم ، وحمدوه بالشكر بعد توفيقهم ، والرضا بالمقسوم بعد
ابتلائهم ..


قال تعالى
: {إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى
رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ}
،،،

[الأنفال:2]

المعنى اللغوي للاسم

وَكِلَ بالله وتوكَّل عليه واتكل ،
أي :
استسلم له ، ويُقــال : توكَّل بالأمر إذا ضَمِنَ القيــام به ، ووكَلْت أمري إلى فلان ، أي : ألجأته إليه واعتمدت فيه عليه . ووكل فلانٌ فلانًا : إذا اسْتَكفاه أَمْرَه ، إما ثقةً بِكفايَتِه أو عَجزًا عن القيام بأمر نفسه .. ووَكَلَ إليه الأمر ، أي : سَلَّمهُ ، وَوَكَلَهُ إلى رأيه ، أي : تركه .

قال الجوهري :
"والتوكُّل : إظهار العجز والاعتماد على غيرك ، والاسم التُّكلان"

وقال الزجاجي :
"الوكيــل فعيــل ، من قولك : وكلت أمري إلى فلان ، وتوكَّل به ، أي جعلته يليه دوني وينظر فيه "
والوكيــل يأتي بمعنى الكفيــل ..
كما في قول الله عز و جل :
{.. قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ}
،،، [يوسف: 66]
.. والكافل ، أي : العائــل ، كما في قوله تعالى :
{.. وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ..} ،
[آل عمران : 37]
، أي : قام على أمورها وكان عائلاً لها .
فمعنى الاسم يدور حول الاستسلام لأمر الله سبحانه وتعالى ،،، والركون إليــه وصدق اللُجأ عليه وإليه ،،، والاعتماد على الله سبحــانه وتعالى والاعتصــام بهِ .،، فلابد للمُتوكل أن يستشعر افتقاره وضعفه لله تبـــارك وتعالى .. ولا يرى لنفسه شيئًا ، وبذلك يُحفَظ من العُجب ،،


ورود الاسم في القرآن الكريـم والسُّنَّة النبويــة
ورد الاسم مُطلقًا مُعرفًا في قول الله تعالى :
{الَّذِينَ
قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ
فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}
،،،

[آل عمران : 173]
،، وورد في عدة مواضع أخرى مقرونًا بمعاني العُلو ، والعُلو يزيد الإطلاق كمالاً على كمال ؛
كما ورد في قوله تعالى :
{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } ،،،
[الأنعام: 102]
أما وروده في السُّنَّة النبويــة ..
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنه قَالَ :
"{حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و سلم حِينَ قَالُوا : {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}"،،،
[صحيح البخاري]


معنى الاسم في حق الله تعالى
قال الفراء في قوله تعالى :
{.. فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا}،،،
[المزمل: 9]
، أي : كفيلاً بما وعدك .
وقال في قوله تعالى :
{.. أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا}،،،
[الإسراء: 2]
، أي : كافيًا وربًّا .
وقال ابن جرير في قوله تعالى :
{.. حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}،،،
[آل عمران: 173]
، أي : يكفينا الله وهو نعم المولى لمن وليه وكفله ، وإنما وصف الله تعالى نفسه بذلك ؛ لأن الوكيل في كلام العرب هو : المُسْنَد إليه القيـام بأمر من أسند إليه القيام بأمره ،
فلما كان القوم الذين وصفهم الله تعالى في هذه الآيــات كانوا قد
فَوَّضُوا أمرهم إلى الله ، ووثقوا به وأسندوا ذلك إليه ، وصف نفسه بقيامه
لهم بذلك ، وتفويضهم أمرهم إليه بالوكالة ، فقال : ونعم الوكيل الله تعالى
لهم ،،،
فمن ذا الذي لجأ إليه وأدبَر عنه ؟! .. فهو سبحانه لا يخذل من لجأ إليه بصدقٍ أبدًا ،،
وقال رحمه الله في قوله تعالى :

{ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}،،،
[الأحزاب: 3]
، أي : توكَّل يا محمد على الله ، وفوِّض أمرك إليه ، وثق به في أمورك ، وولِّها إيـــاه ..
{وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}،،،
فالله تعالى كافيك ، وهو حَسْبُكً ، وناصُرك ، ووليًا لك ، ودافعًا عنك ،،
وقال رحمه الله في قوله تعالى :
{.. وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} ،،
[الأنعام: 102]
، أي : الله عز و جل على كل ما خلق من شيء رقيبٌ وحفيــظ ، يقوم بأرزاق جميعه ، وأقواته ، وسياسته ، وتدبيره ، وتصريفه بقدرته .

فيتلخَّص في الوكيــل ثلاثة معان :
1) الكفيــل .. 2) الكافي .. 3) الحفيـــظ .

قال الحليمي :
الوكيــل هو المُوكَّل والمفوَّض إليه علمًا بأن الخلق والأمر له ، لا يملك أحد من دونه شيئًا وهذا ما ينبغي أن يترسخ في القلوب تجــاه ربِّنا الوكيــل جلَّ جلاله ،،


آثار الإيمان باسم الله تعالى الوكيل
1) أن الله سبحانه وتعالى هو القائم بأمر الخلائق أجمعين ، والمُتكفِّل برزقهم وإيصاله لهم ، و الرعاية لمصالحهم ، وما ينفعهم في دنيــاهم وأخراهم ..
ويلزم من كونه سبحانه وتعالى وكيلاً ، أن يكون حيًا ، قويًا ، عليمًا ،
قديرًا ، رحيمًا ، حكيمًا ، جوادًا ، كريمًا ، يفي بعهده ، ويصدق خلقه وعده
.. إلى غير ذلك من الأوصاف الجليلة اللائقة بكماله وعظمته جلَّ جلاله .

قال القرطبي :
فيجبُ على كل مؤمن أن يعلم أن كلَّ ما لا بدَّ له منه ، فالله سبحــانه هو الوكيـل والكفيــل المتوكِّل بإيصاله إلى العبد ، إما بنفسه فيخلقُ له الشَّبع والرِّي كما يخلق له الهداية في القلوب ، أو بواسطة سبب كمَلَك أو غيره يوكَّل به . فالله سبحانه وتعالى يرى عبدهُ ضالاً فيهديهُ ، حين يركن بقلبه عليه .. لذا فوِّض أمرك له ، ثمَّ بعد ذلك تنعَّم بفضله عليه ،،



2) الفرق بين وكالة الخالق ووكالة المخلوق ..
فالعبد قد يشترك مع الخالق سبحانه وتعالى في بعض دلالات الأسماء الحسنى ؛
كالسمع والبصر والحياة وغيرها من الصفات .. وهذا لا يعني التشابه في الصفات
لمجرد الاشتراك في الأسماء ؛ فأين سمع الإنسان من سمع الرحمن ، وأين بصره
من بصرهِ سبحانه وتعالى ، وأين علمهُ من علمهِ عز و جل .. فأين التراب من ربِّ الأربــاب سبحانه وتعالى ؟!

وإذا
كان بعض الخلق قد يكفل غيره من الضعفاء واليتامى والمساكين والأرامل ، فلا
يعني هذا أنه قد شابه الله تعالى في صفته ، فإن هذا المتوكل بأمر غيره هو
نفسه مُحتاجٌ إلى رزق الله ومَعُونته ورحمته وفضله .



قال ابن العربي : فإذا علمتم معنى الوكيل ، فلله في ذلك منزلته العليا بأحكامٍ تختص به أربعة :
الأول : انفراده جل و علا بحفظ الخلق ..
الثاني : انفراده عز و جل بكفايتهم ..
الثالث : قدرته وحده على ذلك ..
الرابع : أن جميع الأمر من خيرٍ وشر ، ونفعٍ وضُرٍّ ، كل ذلك حادثٌ بيده جل و علا .



أما العبد فالمنزلة السفلى له ، وفي ذلك ثلاثةُ أحكــام :
الأول : أن يتبرأ من الأمور إليه عز و جل ؛ لتحصل له حقيقة التوحيــد ، ويرفع عن نفسه شغب مشقة الوجـوب ..
كالرجل الذي يتولى أمر أهله وينفق عليهم ؛ فإن الرزق ليس بيده بل الله
سبحانه وتعالى هو الرزَّاق ، فينبغي أن لا يمنَّ على أهله بإنفاقه عليهم ،
وإذا سألوه شيئًا عليه أن يطلب منهم أن يسألوا الله تعالى أن يرزقه حتى
ينفق عليهم مما رزقه الله .

الثاني : أن لا يستكثر ما يسأل ؛ فإن الوكيــل عز و جل غني .. ولهذا قيل : "من علامة التوحيد كثرة العيـــال على بساط التوكُّل".
الثالث : أنك إذا علمت أن وكيلك غنيٌّ .. وفيٌّ .. قادرٌ .. مَلِيٌّ .. فأعْرِض عن دنيـــاك ، وأقبِل على عبادة من يتولاَّك .


حظ المؤمن من اسم الله تعالى الوكيل
1) الزهد في الدنيـــا وما فيها .. فلا يركن على أحدٍ سوى الله عز و جل ، ويعلم أنه وحده سبحانه وتعالى الذي يكشف عنه الضُرَّ .. وأنت عندما تُبتلى ، هلتهرع إلى الله وتركن بقلبك عليه ؟ .. أم تعتمد على منصبك ومعارفك ؟ ،،،، فإذا ركنت إلى أيٍ من تلك الأمور الدنيوية ، اعلم أن هناك قدحٌ في إيمانك بهذا الاسم ،،



2) تحقيــق معنى التوكُّل ..
يقول تعالى :
{ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} ،،،
[الأحزاب : 3]
، ويقول عز وجل :
{ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا}،،،
[الفرقان: 58]
،،، لِمَ تتوكَّل على عبادٍ يموتون ويفنون ولا يقدرون على نفعك أو ضرك ؟! توكَّل على الحي الذي لا يموت ،،
وقال سبحانه وتعالى :
{وَلِلَّهِ
غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ
فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا
تَعْمَلُونَ}

[هود: 123]
،،، فلو كُشِفَ الحجــاب ورأينا مآلات الأمور ، لرضيَّ كل واحدٍ منا بقدر الله سبحانه وتعالى .. فوكِّل له أمرك ؛ فإنه يعلم ما لا تعلمه وهو سبحانه وتعالى يُقدِّر لك الخيــر ،،


فوائـد التوكُّل وكيفيـة تحقيقه
معنى التوكُّل:
صدق اعتماد القلب على الله عز و جل في استجلاب المصالح ، ودفع المضـــار
من أمور الدنيــا والآخرة .. وهو الثقة فيما عند الله ، واليأس مما في أيدي
الناس . فلا يُعطي ولا يمنع ولا ينفع ولا يضر سوى الله جلَّ وعلا ،، ولا يستقيم التوكل بدون الأخذ بالأسبــاب ..

يقول ابن القيم : "فالتوكل من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب ويندفع بها المكروه ، فمن أنكر الأسباب لم يستقم منه التوكل .. ولكن من تمام التوكل :
1) عدم الركون إلى الأسباب ،
2) وقطع علاقة القلب بها .. فيكون حال قلبه قيامه بالله لا بها ( الأسباب ) ، وحال بدنه قيامه بها ( الأسباب ) " ،،، [مدارج السالكين (2:120)]

الفرق بين التوكُّل والاتكـــال ..
التوكل المأمور به هو :
الأخذ بالأسباب مع تفويض أمر النجاح لله ، والثقة بأنه عز و جل لا يُضيع
أجر من أحسن عملا .. أما إن قعد عن الأسباب ولم يسعى في إتخاذها ، فليس هذا
من التوكُّل في شيء ، وإنما هو اتكالٌ وتواكل حذرنا منه النبي صلى الله
عليه و سلم ،،،

عَنْ مُعَاذٍ رضى الله عنه قَالَ : كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ فَقَالَ "يَا مُعَاذُ ، هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ ، وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ ؟"، قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ "فَإِنَّ
حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ
شَيْئًا، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا
يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا"،
فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفَلَا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ ، قَالَ "لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا"
،،،

[مُتفق عليه]
،،، فهنا يضع الرسول صلى الله عليه و سلم قاعدة جليلة ، هي : إن كل ما يُؤدي إلى ترك العمل ، أو يكون مظنة للاتكال والتواكل فليس من التوكُّل في شيء .فالاتكــال يعني : ترك العمل وعدم الأخذ بالأسبــاب .



الفرق بين التوكُّل والتفويــض ..
والتفويض أعمُّ من التوكٌّلِ .. يقول صاحب المنازل ( الهروي ) : "التفويض
ألطف إشارة ، وأوسع معنى من التوكل ؛ فإن التوكل يكون بعد وقوع السبب ،
والتفويض يكون قبل وقوع السبب وبعده ، إذ التفويض عين الاستسلام ، والتوكل
شعبة منه"
..

يقول اين القيم مُعلقا :"يعني أن المفوِّض يتبرأ من الحول والقوة (
أي أنه يُفوض أمره إلى الله قبل الأمر و بعده ؛ أي ركن إلى حول الله و
قوته و إلى تدبير الله عز و جل لا إلى نفسه فتجده راضيا ، بخلاف الآخر ، )

ويُفوض الأمر إلى صاحبه من غير أن يُقيمه مقام نفسه في مصالحه ( و يكون لسان حاله : اللهم دبر أمري على ما تُريد ، لا على ما أريد ،كُن لله على ما يُريد ، لا كما تُريد ، يكن لك فوق ما تُريد )
بخلاف التوكل فإن الوكالة تقتضي أن يقوم الوكيل مقام الموكل" ،،، [مدارج السالكين (2:138)]



التوكل والثقة بالله ..
يقول ابن القيم : "قال صاحب المنازل : الثقة : سواد عين التوكل ، ونقطة دائرة التفويض ، وسويداء قلب التسليم ، وصدَّر الباب بقوله تعالى لأم موسى

:{..
فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا
تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}
،،

[القصص: 7]
..
فإن فعلها هذا هو عين ثقتها بالله تعالى ؛ إذ لولا كمال ثقتها بربِّها لما
ألقت بولدها وفلذة كبدها في تيار الماء تتلاعب به أمواجه وجرياته إلى حيث
ينتهى أو يقف .



ومُراده :أن
الثقة خلاصة التوكل ولُبه ، كما أن سواد العين : أشرف ما في العين ، وأشار
بأنه نقطة دائرة التفويض إلى أن مدار التوكل عليه ، وهو في وسطه كحال
النقطة من الدائرة ، فإن النقطة هي المركز الذي عليه استدارة المحيط ونسبة
جهات المحيط إليها نسبة واحدة وكل جزء من أجزاء المحيط مقابل لها كذلك الثقة هي النقطة التي يدور عليها التفويض"

[مدارج السالكين (143:2)]
،،، فإذا وثقت في الله تعالى ، سينبع التفويض والتوكُّل ،،


مواطن التوكُّل .. كتاب
(بصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز)
للفيروز ابادي.
التوكُّل مطلوب في كل لحظةٍ من حيــاتك .. لكن هناك مواطن معينة جاء الشرع بالحضِّ عليها ..وهي 15 موطن :

1) إن طلبت النصر والفرج ،فتوكَّل على الله .
.قال تعالى
{إِنْ
يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ
ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ
الْمُؤْمِنُونَ}
،،

[آل عمران : 160]



2) إذا أعرضت عن أعدائك ، ورفقاء السوء ، و ليكن رفيقك التوكُّل..
قال تعالى
{.. فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}،، [النساء: 81]



3) إذا أعْرَض عنك الخلق ، فتوكَّل
..قال تعالى
{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ،،
[التوبة : 129]
.. فلا تضعُف وتتذبذب إذا أعرض الناس عن دعوتك إياهم للخير ، بل ثق في الله وتوكَّل عليه .



4) إذا تلوت القرآن ، أو تُليَّ عليك ، فاستَنِدْ على التوكُّل .. ثق في أن هذا البيــان هو الحق من ربُّك واخضع لحكمه ، قال تعالى :
{إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى
رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}
،،

[الأنفال : 2]



5) إذا طلبت الصُلح والإصلاح بين قومٍ ، لا تتوسل إلى ذلك إلا بالتوكُّل .. يقول الله تعالى
{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ،،
[الأنفال : 61]



6) إِذا وصلت قوافل القضاءِ ، فاستقبِلْها بالتَّوكُّل .. {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}،،
[التوبة : 51] .



7) إِذا نَصبتِ الأَعداءُ حِبالات المكر ، فادخُلْ أَنت فى أَرض التوكُّل ( الحصن الحصين ) .. قال تعالى
{وَاتْلُ
عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ
كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللّهِ فَعَلَى اللّهِ
تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ
أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ}
،،

[يونس : 71] .



8) وإِذا عرفت أَنَّ مرجع الكلّ إِلى الله عز و جل ، وتقدير الكلّ منه سبحانه ، فوطِّنْ نفسك على فَرْش التوكُّل .. قال تعالى
:{وَلِلّهِ
غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ
فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا
تَعْمَلُونَ}
،،

[هود : 123] .



9) إِذا علمت أنَّ الله هو الواحدُ على الحقيقة ، فلا يكن اتِّكالك إِلاَّ عليه ..
قال تعالى :
{.. قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ}،، [الرعد : 30].



10) إِذا عرفت أَنَّ هذه الهداية من عند الله تعالى ، فاستقْبِلها بالشُّكر والتَّوكُّل..
{وَمَا
لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا
وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ
الْمُتَوَكِّلُونَ}
،،

[إبراهيم: 12].



11) إِذا خشِيت بأْس أَعداءِ الله ، والشيطان الغدّار ، فلا تلتجئ إِلاَّ ببــاب العزيـز الغفــار ..
قال تعالى
{إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}،،، [النحل: 99].



12) إِن أَردتَ أَن يكون الله وكيلك فى كلّ حال ، فتمسَّك بالتَّوكُّل فى كلِّ حالٍ ..
قال عز و جل :
{وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} ،،
[الأحزاب : 3] .
13) إِن أَردتَ أَن يكون الفردوس الأَعلى منزلك ، فانزل فى مقام التوكُّل .. قال تعالى
{الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} ،،
[العنكبوت : 59] .
14) إِن شئت النزول محلَّ المحبَّة، فانزل أولا في مقام التوكُّل .. استمع لقوله تعالى
{.. فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} ،،
[آل عمران : 159] .



15) إِن أَردتَ أَن يكونَ الله تعالى لكَ ، وتكون خـــالصًا لله ، فاستقرَّ على تَخْت التوكُّل ..
{.. وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ..} ،،
[الطلاق: 3]
، {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} ،،
[النمل: 79].


الدعـــاء باسم الله الوكيــل
عن أبي سعيد رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن واستمع الإذن متى يؤمر بالنفخ فينفخ"، فكأن ذلك ثَقُل على أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فقال لهم "قولوا : حسبنا الله ،، ونعم الوكيل على الله توكلنا" ،،

[رواه الترمذي وصححه الألباني ، (2431)]
.. وهو من الأذكــار المهجورة التي ينبغي على كل من يؤمن باليــوم الآخر ويخشى أهواله أن يُكثِر من ترديده .

ومما ورد من الدعاء بالوصف ..

قول الرسول صلى الله عليه و سلم :
" دعوات المكروب : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت"،، [رواه أبو داوود وحسنه الألباني، صحيح الجامع (3388)] ،،،،،
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا حقيقة التوكُّل عليه .. وأن يكون لنا نِعْمَ المولى وَنِعْمَ الوكيـــل ،،


معاني و أسرار الأسماء و الصفات Lines


يتبع



الموضوع الأصلي : معاني و أسرار الأسماء و الصفات // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: سندس واستبرق


توقيع : سندس واستبرق





معاني و أسرار الأسماء و الصفات I_icon_minitimeالإثنين 21 فبراير 2011, 18:44
المشاركة رقم: #14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الرتبه:
الصورة الرمزية

البيانات
معاني و أسرار الأسماء و الصفات Jb12915568671
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 356
تاريخ التسجيل : 20/02/2011
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: رد: معاني و أسرار الأسماء و الصفات


معاني و أسرار الأسماء و الصفات


الستير جل جلاله
الستير
سبحانه هو الذي يحب الستر ويبغض القبائح ، ويأمر بستر العورات ويبغض
الفضائح ، يستر العيوب على عباده وإن كانوا بها مُجاهرين ، ويغفر الذنوب
مهما عَظُمَت طالما أن عبده من المُوحدين ، وإذا ستر الله عبدًا في الدنيا
ستره يوم القيامة ..



المعنى اللغوي للاسم
الستير في اللغة على وزن فعِيل من صيغ المبالغة ، فعله : ستر الشيء يَسْتُرُه سَترًا : أَخفاه .. والستير: هو الذي من شأْنه حب الستر والصَّوْن والحياء .. والسُّتْرةُ : ما يُستَر به كائنًا ما كان ، وكذا السِّتَارة والجمع السَّتَائِرُ ، وسَتَر الشيء غطاه .. وتَسَتَّر ، أي : تغطى .. ورجلُ مستور وسَتِيرٌ ، أي : عَفيف ، والجارية : سَتِيرة .


ورود الاسم في السُّنَّة النبوية
لم يرد الاسم في القرآن الكريم ، لكنه ورد في الحديث عن عطاء عن يعلى : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم رأى رجلاً يغتسل بالبراز (أي : بالخلاء) فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَل حَلِيمٌ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ، يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ"
[رواه النسائي وصححه الألباني، صحيح الجامع (1756)]


معنى الستيـــر في حق الله تعالى
يقول ابن الأثير "ستيــر: فعيل بمعنى فاعل ، أي : من شأنه وإرادته حبُّ السَّتر والصون"
ويقول البيهقي "ستيــر:
يعني أنه ساتِرٌ يستر على عباده كثيرًا ، ولا يفضحهم في المشاهد . كذلك
يحبُّ من عباده السَّتر على أنفسهم ، واجتناب ما يَشينهم ، والله أعلم"

قال المناوي "ستيــر، أي : تاركٌ لحب القبائح ، ساتر للعيوب والفضائح"
قال ابن القيم : وهو الحَيِيُّ فَلَيسَ يَفْضَحُ عَبْدَهُ ... عندَ التَّجَاهُرِ مِنْهُ بالعِصْيَانِ
لَكِنَّهُ يُلْقِي عَلَيْهِ سِتْرَهُ ... فَهْوَ السَّتِيرُ وصَاحِبُ الغُفْرَانِ
[القصيدة النونية (189)]


آثــار الإيمان باسم الله تعالى الستيــر
قال تعالى :: {.. وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ..}،،،
[لقمان: 20]
،،،، قال مقاتل "أن الظاهرة الإسلام ، والباطنة ما ستره الله من المعاصي"
[تفسير الماوردي]،،، فمن أعظم نِعَم الله تعالى عليك : أن يشملك بستره ،،
فالله سبحانه وتعالى سِتيرٌ يحبُّ السَّتر والصَّون ، فيستر على عباده
الكثير من الذنوب والعيوب ، ويكره القبائح والفضائح والمجاهرة بها .

وقد أمر تبارك وتعالى بالسَّتر ، وكره المُفاخرة بالمعصية ، أو مجرد محبة ذكرها وشياعها بين المؤمنين .. يقول الله جلَّ وعلا : {إِنَّ
الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا
لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}

[النور: 19]
وأخبر الرسول صلى الله عليه و سلم بأن المُجاهر بالمعاصي لا يُعافى منها .. فقال صلى الله عليه و سلم : "كُلُّ
أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ
أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ
سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَيَقُول َ: يَا فُلَانُ ، عَمِلْتُ
الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ ، وَيُصْبِحُ
يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ" ،،،

[مُتفق عليه]
،،،،، قال الكرماني : "ومُحَصَّل الكلام : أن كلُّ واحدٍ من الأمة يُعفى من ذنبه ، ولا يؤاخذ به إلا الفاسق المُعْلِن".


الفرق بين الستر والغفران
قال أبو البقاء الكفوي "الغفران : يقتضي إسقاط العقاب ونيل الثواب ولا يستحقه إلا المُؤمن ، ولا يُستعمل إلا من الباري تعالى" .. لذلك يقول تعالى : {.. وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ..} [آل عمران: 135]
.. "والغُفران في الآخرة فقط .. والستر : أخص من الغفران ، إذ يجوز أن يستر ولا يغفر"
[كتاب الكليات (1:1058)]


حظ المؤمن من اسم الله تعالى الستيـــر
كيف تفوز بستر الله تعالى عليك ؟ إليـــك بعض أسبــاب الفوز بستر الله تعالى عليك :
1) الإخلاص واجتناب الريـــاء .. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

:"مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ" ،،،
[متفق عليه .



2) عدم المُجاهرة بالذنب والستر على نفسه .. فلو
ستر نفسه ، لكان في محل ستر الله تبارك وتعالى له .. فليس عندنا كرسي
اعتراف ولا صناديق غفران ، فمن اقترف ذنبًا وهتك سترًا فليُبادر بالتوبة من
قريب ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وتأخير التوبة ذنب يجب التوبة
منه ،،،
عَنْ مَيْمُوْنٍ قَالَ : "مَنْ أَسَاءَ سِرّاً ، فَلْيَتُبْ سِرّاً ، وَمَنْ أَسَاءَ عَلاَنِيَةً ، فَلْيَتُبْ عَلاَنِيَةً ..فَإِنَّ النَّاسَ يُعَيِّرُوْنَ وَلاَ يَغْفِرُوْنَ ، وَالله يَغْفِرُ وَلاَ يُعَيِّرُ" ،،،

[سير أعلام النبلاء (9:81)] ،،،
وعن العلاء بن بذر قال : "لا يعذب الله قومًا يسترون الذنوب"..

وعن عثمان بن أبي سودة قال : لا ينبغي لأحد أن يهتك ستر الله . قيل : وكيف يهتك ستر الله ؟ قال : يعمل الرجل الذنب فيستره الله عليه فيذيعه في الناس .
قالَ ابن بَطّال : فِي
الجَهر بِالمَعصِيَةِ استِخفاف بِحَقِّ الله ورَسُوله وبِصالِحِي
المُؤمِنِينَ ، وفِيهِ ضَرب مِنَ العِناد لَهُم ، وفِي السِّتر بِها
السَّلامَة مِنَ الاستِخفاف ، لأَنَّ المَعاصِي تُذِلّ أَهلها ، ومِن
إِقامَة الحَدّ عَلَيهِ إِن كانَ فِيهِ حَدّ ومَن التَّعزِير إِن لَم
يُوجِب حَدًّا ، وإِذا تَمَحَّضَ حَقّ الله فَهُو أَكرَم الأَكرَمِينَ
ورَحمَته سَبَقَت غَضَبه ، فَلِذَلِكَ إِذا سَتَرَهُ فِي الدُّنيا لَم
يَفضَحهُ فِي الآخِرَة ، والَّذِي يُجاهِر يَفُوتهُ جَمِيع ذَلِكَ .
[فتح الباري (10:487)]

فإذا وقع العبد في معصية ثمَّ تاب منها دون أن يجهَر بها ، ستره الله في الدنيا والآخرة .. عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "إِنَّ
اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ ،
فَيَقُول ُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟،
فَيَقُولُ : نَعَمْ ، أَيْ رَبِّ .. حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ
وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ ، قَالَ : سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي
الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ ، فَيُعْطَى كِتَابَ
حَسَنَاتِهِ ،، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ
الْأَشْهَادُ
{هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}"
،، [متفق عليه]

3) الاستغفار والإكثـــار من العبادات .
.
عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ :
يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ ، قَالَ :
وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ ، قَالَ : وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى مَعَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ ،
فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْ فِيَّ
كِتَابَ اللَّهِ ، قَالَ :"أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا؟"، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ :"فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ أَوْ قَالَ حَدَّكَ" ،،،

[متفق عليه]
،،، فالأصل أن تستر على نفسك إذا وقعت في ذنبٍ ما ، وعليك أن تُكْثِر من الصلاة ومن العبادات والاستغفار وتُجدد توبتك .

4)أن تستر على أخيـــك المسلم .
.
فإن الجزاء من جنس العمل .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه : عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :"لَا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا ، إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"
،[صحيح مسلم]
عن علام بن مسقين قال : سأل رجل الحسن فقال : يا أبا سعيد ، رجل عَلِمَ من رجل شيئًا ، أيُفشي عليه؟، قال : يا سبحان الله ! لا .
ومن الستر : تغطية المسلم لعيوب أخيه ..قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: ".. وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" ،،
[صحيح البخاري]
.. يقول ابن حجر "قَوله : "ومَن سَتَرَ مُسلِمًا" ؛
أَي رَآهُ عَلَى قَبِيحٍ فَلَم يُظهِرهُ أَي لِلنّاسِ ، ولَيسَ فِي هَذا
ما يَقتَضِي تَرك الإِنكار عَلَيهِ فِيما بَينَهُ وبَينَهُ .

ويُحمَلُ
الأَمرُ فِي جَوازِ الشَّهادَةِ عَلَيهِ بِذَلِكَ عَلَى ما إِذا أَنكَرَ
عَلَيهِ ونَصَحَهُ فَلَم يَنتَهِ عَن قَبِيحِ فِعلِهُ ثُمَّ جاهَرَ بِهِ ..
كَما أَنَّهُ مَأمُورٌ بِأَن يَستَتِرَ إِذا وقَعَ مِنهُ شَيء ، فَلَو
تَوجَّهَ إِلَى الحاكِمِ وأَقَرَّ لَم يَمتَنِع ذَلِكَ والَّذِي يَظهَرُ
أَنَّ السَّترَ مَحَلّه فِي مَعصِيَةٍ قَد انقَضَت ، والإِنكارَ فِي مَعصِيَةٍ قَد حَصَلَ التَّلَبُّس بِها
فَيَجِبُ الإِنكارُ عَلَيهِ وإِلاَّ رَفَعَهُ إِلَى الحاكِمِ ، ولَيسَ
مِنَ الغِيبَةِ المُحَرَّمَةِ بَل مِنَ النَّصِيحَةِ الواجِبَةِ ، وفِيهِ
إِشارَةٌ إِلَى تَركِ الغِيبَةِ لأَنَّ مَن أَظهَرَ مَساوِئَ أَخِيهِ لَم يَستُرهُ ."

[فتح الباري (97:5)]

واعلم أنَّ النَّاس على ضربين :

أحدهما :
من كان مستوراً لا يُعرف بشيءٍ مِنَ المعاصي ، فإذا وقعت منه هفوةٌ ، أو
زلَّةٌ ، فإنَّه لا يجوزُ كشفها ، ولا هتكُها ، ولا التَّحدُّث بها ، لأنَّ
ذلك غيبةٌ مُحرَّمة ..
وهذا هو الذي وردت فيه النُّصوصُ ، وفي ذلك قد قال الله تعالى : {إِنَّ
الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا
لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}
،،،

[النور: 19]
.. والمُراد : إشاعةُ الفَاحِشَةِ على المؤمن المستتر فيما وقع منه ، أو اتُّهِمَ به وهو بريء منه ، كما في قصَّة الإفك .
والثاني :
من كان مُشتهراً بالمعاصي ، معلناً بها لا يُبالي بما ارتكبَ منها ، ولا بما قيل له فهذا هو الفاجرُ المُعلِنُ ، وليس له غيبة ..

كما نصَّ على ذلك الحسنُ البصريُّ وغيره ، ومثلُ هذا لا بأس بالبحث عن
أمره ؛ لِتُقامَ عليه الحدودُ .. ومثلُ هذا لا يُشفَعُ له إذا أُخِذَ ، ولو
لم يبلغِ السُّلطان ، بل يُترك حتّى يُقامَ عليه الحدُّ لينكفَّ شرُّه ،
ويرتدعَ به أمثالُه .

قال مالك : من
لم يُعْرَفْ منه أذى للناس ، وإنَّما كانت منه زلَّةٌ ، فلا بأس أنْ يُشفع
له ما لم يبلغ الإمام .. وأمَّا من عُرِفَ بشرٍّ أو فسادٍ ، فلا أحبُّ أنْ
يشفعَ له أحدٌ ، ولكن يترك حتى يُقام عليه الحدُّ.
،،،

[جامع العلوم والحكم (38:11,12)، بتصرف]
ومن الستر على المسلم : أن لا تنعت المرأة امرأة أخرى لزوجها .. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا"
[متفق عليه]
.. وهذا للأسف ينتشر بين المسلمات حتى المُتدينات منهن ، وينبغي أن لا تصف المرأة امرأة أخرى لزوجها .



5) عدم تتبع عورات المسلمين ..عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "يا
معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه ، لا تغتابوا المسلمين ولا
تتبعوا عوراتهم ، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ، ومن يتبع الله
عورته يفضحه في بيته "
،، [رواه أبو داوود وقال الألباني: حسن صحيح (4880)]

وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
"من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة ، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته" ،،،
[رواه ابن ماجه وصححه الألباني (2546)]



6) الصدقـــة .. فالصدقة
من أسباب الستر وأن يحجبك الله تعالى عن النار ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ
حَاتِمٍ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ :

"مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنْ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ"
[صحيح مسلم]



7) ستر المسلم عند تغسيله .. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"من غسل ميتًا فستره ، ستره الله من الذنوب . ومن كفنه ، كساه الله من السندس" ،،،
[رواه الطبراني وحسنه الألباني، صحيح الجامع (6403)]



8) كظم الغيظ والغضب .. قال رسول الله صلى اللله عليه و سلم :
".. ومن كف غضبه ستر الله عورته .." ،،،
[رواه ابن أبي الدنيا وحسنه الألباني، صحيح الجامع (176)]



9) الدعـــاء .. عن ابن عمر رضى الله عنه قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم يدع هؤلاء الدعوات حين يُمسي وحين يُصبح : "اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ، ومن خلفي ، وعن يميني ، وعن شمالي ، ومن فوقي ،وأعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي" ،،،
[رواه أبو داوود وصححه الألباني (5074)]



10) حُسن الظن بالله .. فمن جملة الخير أن يُحسن العبد ظنه بربِّه ويُحسن الظن بأنه سيستره في الدنيا والآخرة ، فالله جلَّ في علاه هو الستيـــر يحب الستر على عباده ويسترهم في الدنيا والآخرة .. يقول الله عزَّ وجلَّ في الحديث القدسي :
"أنا عند ظن عبدي بي ؛ إن خيرا فخير وإن شرا فشر" ،،،
[صحيح الجامع (1905)]



11) الإحســان إلى البنــات .. عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : دَخَلَتْ امْرَأَةٌ مَعَهَا
ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ
فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وَلَمْ
تَأْكُلْ مِنْهَا ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ :

"مَنْ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ" ،،،
[متفق عليه]



12) تأدية حق الله في المال .. فإذا أديت حق الله في مالك ، سترك الله .. أما إذا لم تُؤد حق الله في مالك ، نالتك العقوبة ..
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"قَالَ الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ ؛ هِيَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ وَهِيَ لِرَجُلٍ سِتْرٌ
وَهِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ .. فَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ وِزْرٌ فَرَجُلٌ
رَبَطَهَا رِيَاءً وَفَخْرًا وَنِوَاءً عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ
لَهُ وِزْرٌ، وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ
سِتْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي ظُهُورِهَا وَلَا رِقَابِهَا فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ
،
وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي مَرْجٍ وَرَوْضَةٍ فَمَا أَكَلَتْ مِنْ
ذَلِكَ الْمَرْجِ أَوْ الرَّوْضَةِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ لَهُ عَدَدَ
مَا أَكَلَتْ حَسَنَاتٌ .."
،،،

[رواه مسلم]



13) عدم التسميع بالفواحش .. فلا يجوز إشاعة الفاحشة بين المؤمنين .. عن شبيل بن عوف قال : "كان يُقال : مَنْ سمَّع بفاحشة فأفشاها فهو فيها كالذى أبداها" ،،،
[صحيح الأدب المفرد (325)]
.. فالذي ينشر أخبار المعاصي ويُفشيها ، سينال وزر كل من يقع فيها بسببه حتى وإن لم يقع هو في تلك المعصية .



14) حجـــاب المرأة ..
عن أبي المليح قال : دخل نسوة من أهل الشام على عائشة رضى الله عنها ،
فقالت : ممن أنتن؟، قلن : من أهل الشام ، قالت : لعلكن من الكورة التي تدخل
نساؤها الحمامات ، قلن : نعم ، قالت : أما إني سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول :

"ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى" ،،،
[رواه أبو داوود وصححه الألباني (4010)]
.. فالتي تخلع ثيابها في غير بيت أهلها ، تهتك الستر الذي أسدله الله تعالى عليها .



15) اجتنـــاب الذنوب والمعاصي ..عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ" ،،،
[متفق عليه]
..
فإذا ظلم العبد نفسه باقتراف الذنوب والمعاصي وتعدى الحدود ، فإن الله
تعالى يؤاخذه بذنبه ويرفع ستره عنه .. أما أن لم يقترف تلك الذنوب ، كان في
رحمة الله تعالى وسَتَرَهُ الله جلَّ وعلا .



16) الاستتــار وعدم التعري .. عن جابر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
"من كان يُؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام بغير إزار .." ،،،
[رواه
الترمذي وصححه الألباني ، مشكاة المصابيح (4477)] .. والحمامات المقصود
بها كحمامات البخار ، وصالات الألعاب الرياضية في عصرنا ، فالأصل أن يستتر .



17) غض البصر ..
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ :
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ ، وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ .." ،،، [صحيح مسلم]


18) عدم إفشــاء أسرار الزوجين .. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"هل منكم رجل إذ أتى أهله فأغلق عليه بابه وألقى عليه ستره واستتر بستر الله"، قالوا : نعم ، قال :"ثم يجلس بعد ذلك فيقول فعلت كذا فعلت كذا"، فسكتوا .. ثم أقبل على النساء فقال :"هل منكن من تحدث؟"،
فسكتن .. فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتيها وتطاولت لرسول الله صلى الله
عليه و سلم ليراها ويسمع كلامها فقالت : يا رسول الله ، إنهم ليحدثون ،
وإنهن ليحدثن ، فقال :"هل تدرون ما مثل ذلك ؟ ،
إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيت شيطانًا في السكة فقضى حاجته والناس ينظرون
إليه ، ألا إن طيب الرجال ما ظهر ريحه ولم يظهر لونه ، ألا إن طيب النساء
ما ظهر لونه ولم يظهر ريحه .."
،،،

[رواه أبو داوود وصححه الألباني ، صحيح الجامع (7037)]



هذه
بعض أسباب الفوز بستر الله جلَّ وعلا عليك .. ومن يشمله الكريم بستره ،
فقد فاز بمحبة الله عزَّ وجلَّ .. سترنا الله وإياكم في الدنيــا والآخرة
،،



الموضوع الأصلي : معاني و أسرار الأسماء و الصفات // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: سندس واستبرق


توقيع : سندس واستبرق





معاني و أسرار الأسماء و الصفات I_icon_minitimeالإثنين 21 فبراير 2011, 18:45
المشاركة رقم: #15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الرتبه:
الصورة الرمزية

البيانات
معاني و أسرار الأسماء و الصفات Jb12915568671
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 356
تاريخ التسجيل : 20/02/2011
التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
مُساهمةموضوع: رد: معاني و أسرار الأسماء و الصفات


معاني و أسرار الأسماء و الصفات


الله جل جلاله المُحْسِنُ

المُحْسِن سبحانه هو الذي له كمال الحُسن في أسمائه وصفاته وأفعاله ، كما قال تعالى في كتابه :
{اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ،،،
،[طه :8].
.فلا
شيء أكمل ولا أجمل من الله جل و علا ، فكل كمال وجمال في المخلوق من آثار
صنعته ، وهو الذي لا يُحَد كماله ولا يُوصَف جلاله ، ولا يُحصي أحدٌ من
خلقه ثناءً عليه ، بل هو كما أثنى على نفسه جل و علا ..




ليس في أفعاله عبث ولا في أوامره سفه ، بل أفعاله كلها لا تخرج عن الحكمة والمصلحة والعدل والفضل والرحمة ..
إن أعطى فبفضله ورحمته ، وإن منع أو عاقب فبعدله وحكمته ، وهو الذي أحسن
كل شيء خلقه فأتقن صنعه ، وأبدع كونه ، وهداه لغايته ،،، وأحسن إلى خلقه
بعموم نعمه ، وشمول كرمه ، وسعة رزقه على الرغم من مُخالفة أكثرهم لأمره
ونهيه ..

وأحسن إلي المؤمنين فوعدهم الحُسني وعاملهم بفضله ، وأحسن إلى من أساء فأمهله ثم حاسبه بعدله .

الدليل على ثبوت الاسم في السُّنَّة النبويـة
اسم الله المُحسن لم يرد في القرآن الكريم ولكنه ورد في السنة النبوية مُطلقًا يُفيد المدح والثناء على الله بنفسه ، فقد ورد عند الطبراني وصححه الألباني من حديث أنس رضى الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
"إذا حكمتم فاعدلوا ،، وإذا قتلتم فأحسنوا ؛ فإن الله مُحسنٌ يحب المُحسنين" ،،،
[السلسلة الصحيحة (469)]
. وكذلك ورد من حديث شداد بن أوس رضى الله عنه أنه قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه و سلم اثنتين قال :
"إن
الله مُحسنٌ يُحب الإحسان ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ ،
وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ
شَفْرَتَهُ ، ثمَّ لْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ" ،،،

[رواه الطبراني وصححه الألباني ، صحيح الجامع (1824)]

معنى الإحســان في اللغة والاصطلاح
الحُسْنُ نقيض القُبْح ، وحَسَّنتُ الشيء تحسِينًا ، أي : زيَّنْتُه وأحْسنتُ إليه وبه .
والإحسان يدورحول ثلاثة معاني :
1) التزيين ..

2) الإنعام على الغيــر .. كما يُقال : أحْسَنَ إلى فلان .
3) الإحســان في الفعل .. وذلك إذا عَلِمَ عِلْمًا حَسنًا ، أو عَمِلَ عملاَ حسنًا .

وعلى هذا قول أمير المؤمنين علي رضى الله عنه : "الناسُ أبناء ما يحسنون"، أي : مَنسوبون إلى ما يَعْلمون ويَعْملون من الأفعال الحسنة .
والإحسانُ : أن يُعطي أكثر مما عليه ، ويأخذ أقلَّ مما له ،،

قال المناوي :
"الإحسان : إسلامٌ ظاهِر ، يُقيمه إيمانٌ باطن ، يُكمله إحسانٌ شهوديِ" ،،، [التوقيف على مهمات التعاريف (1:40)]
،،،، فمنزلة الإحسان أعلى من منزلة الإسلام والإيمان ..
وتتحقق بأن يستشعر المرء وجود الله سبحانه وتعالى وقُربه منه في جميع أعماله ، أو أن يستشعر رؤية الله عز و جل له وهي منزلة المُراقبة .

قال أبو البقاء الكفوي في كتابه (الكليات)
:
"الإحسان : هو فعل (الإنسان) ما ينفع غيره بحيث يصير الغير حسنًا به كإطعام الجائع ، أو يصير الفاعل به حسنًا بنفسه" ،،،
[الكليات (1:60)]

ويقول الفيروزآبادي
: "الإِحسان من أَفضل منازل العبوديّة ؛ لأَنه لبّ الإِيمان ورُوحُه وكمالُه . وجميع المنازل منطويةٌ فيها ..
قال تعالى : {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} ،،،
[الرحمن : 60]
، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم :
"الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّك تَرَاهُ" ,,,
[رواه مسلم]"
،،، [بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز (2:465)]

درجـــات الإحســان
وقد لخَّص الإمام ابن القيم الإحسان في ثلاث درجات :
1) الإحسان في القصد ..
2) والإحسان في الأحوال ..
3) والإحسان في الوقت ..

الدرجة الأولى : الإحسان في القصد ..

بتهذيبه علمًا ، وإبرامه عزمًا ، وتصفيته حالاً ..

أي
: الإحسان في النية ، بتنقيتها من الشوائب بألا يكون هناك للنفس أي حظ من
عمله .. ويجعل قصده رضــا ربِّه عز وجل فقط .. ولن تتمكَّن من إصلاح نيتك
إلا بالعلم ، الذي يكون من خلال :

1) علمٌ بالله سبحانه وتعالى ..
2) علمٌ بصحة الطريـــق ..
3) علمٌ بالجزاء عند ربِّ العالمين ..


وبعد أن تتعلَّم تلك الأمور ، التي تُمَثِل الدافع لك للسير على الدرب والإحسان فيه ..
يصدق في العزم على القيـــام بالأعمال الصالحة ..
لينال ثوابها ، ويُهدد نفسه لأن لم تفعل المطلوب ليكونن لها بالمرصــاد ..
وعلامة العزيمة الصادقة : النشاط في العمل .. أما الفتور فهو دليل على عدم الصدق ،،
وتصفيــة الحــال .. بتنقية القلب من شوائبه وآفـاته عن طريــق الإكثــار من الاستغفــار .



فإذا أردت أن تصل إلى هذه المنزلة العظمى عند الله تعالى وتصير من المحسنين : عليك أن تُراعي تصفيـــة حالك ونيتك .. وإذا وجدت الأمور تتعثر ، فاتهم نيتك .. فإنما يتعثر من لم يُخْلِص ،،

الدرجة الثانية : الإحسان في الأحوال ..

وهو أن تراعيها غيرةً ، وتسترها تظرفًا ، وتصححها تحقيقًا ..
يريد بمُراعاتها : حفظها وصونها غيرةً عليها أن تحول ، فإنها تمرُّ مرَّ السحاب ، فإن لم يُرع حقوقها حالت .. فتغــار على قلبك أن يتلف أو يفسد بعد أن وصل إليه الإيمان ؛ لأنه لو تقلَّب بعد ما ذاق ربما ينتكس إنتكاسة لا يعود بعدها أبدًا ..وتستر أحوالك الإيمانية عن الناس ، ولا تريد أن يطلِّع عليها أحدًا سوى الله سبحانه وتعالى .. ويُصحح أحواله
بحيث يتحقق بأنه على الدرب الصحيح ؛ لأن الأحوال مواهب وقد تكون من تلبيس
إبليس على النفس في بعض الأحيان .. كالذي يبكي في الصلاة ويظن أن بكاءه كان
من خشية الله ، ثمَّ فور إنتهاءه من الصلاة يعود لمعاصيه ولا يراعي نظر
الله تعالى إليه .. فحينها يعلم أنه كان حال مغرور ، أما الحــال الصادق
فسيُورث صاحبه الخشية .



الدرجة الثالثة : الإحسان في الوقت ..
وهو أن لا تُزايل المُشاهدة أبدًا ولا تخلط بهمتك أحدًا ، وتجعل هجرتك إلى الحق سرمدًا .
المعنى :
أن تعلق همتك بالحق وحده ولا تعلق همتك بأحدٍ غيره .. أي تحافظ على وقتك ؛
لأن وقتك هو رأس مالك وستُسأل عنه .. فتَغيِر أن يضيع هذا الوقت دون
الوصول .



معنى الاسم في حق الله تعالى
قال القرطبي عن اسم الله المُحْسِن أن "معناه راجعٌ إلى معنى المُفْضِل ، وذي الفَضل ، والمنَّان ، والوهَّاب" ،،،
[الكتاب الأسنى (2:414)]
وقال المُناوي في قوله صلى الله عليه و سلم :
"إن الله مُحسنٌ .."
، أي "الإحسان
له وصفٌ لازمٌ ، لا يخلو موجودٌ عن إحسانه طَرْفةَ عين ، فلابدَّ لكل
مُكوَّن من إحسانه إليه بنعمة الإيجاد ونعمة الإمداد" ،،،

[فيض القدير (2:264)]
،،، فالله سبحانه وتعالى أحسنَ إلى جميع الخلق بنعمة الإيجـاد والإمداد ، وأنعم على المؤمنين بنعمة أخرى وهي نعمة الهدايـــة ،،والمؤمن يستشعر إحسان الله سبحانه وتعالى به عندما يُخرجه من سجن الشهوات إلى عز الطاعة .. ومن سجن الخطايا إلى فرج التوبة .. مصداقًا لقوله عز و جل على لسان نبيه يوسف :
{.. وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ..}،،،
[يوسف : 100]




أنـواع فضل الله تعالى وإحسانه على الخلق
وللأقليشي توسعٌ جميل في بيان الجود والفضل والإحسان وأنواعه على الخلق ، إذ يقول :
وذلك ينحصر في ثلاثة أقسام :
1) قاعدة ..


2) وواسطة ..
3) ومُتممة .

***أما القاعدة : فتشتمل من الإحسان والمن على ثلاث شعب :

1) إخراجه من عدمٍ إلى وجود .. بمقتضى صفة الكرم والجــود .. قال عز و جل :
{ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} ،،،
[الإنسان : 1]
2) بعد خلقه تصويره في صورة آدم عليه السلام .. وهي أحسن الصور .
. قال تعالى :
{.. وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ..} ،،،
[غافر: 64]
3) جَعْلُه إيـاه عاقلاً ، لا معتوهًا ولا سفيهًا .. حتى يمتاز عن سائر الحيوانات .. قال تعالى : { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} ،،،،
[الإنسان : 3]

***أما الواسطة فهي للقسمين رابطة ، ويشتمل من الإحسان والإنعام والمنِّ على ستِ شُعَب :

1) هدايته إيـــاه للإسلام .. وهذا أعظم الإحسان والإنعام ، وهو المُراد بما ذُكِرَ في القرآن من الهدى والنور ، والشَّرح للصدور ، وغير ذلك من هذا النوع .
2) جَعَله من أمة محمد صلى الله عليه و سلم .. خير الأنبياء وخير الأمم ، قال تعالى : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ..}
،،، [آل عمران: 110]
، أي : كنتم في الغيب حتى خرجتم إلى الوجود على وفاق العلم .
3) إحسانه إليه بأن حفظ كتابه العظيم حتى يكون مُعبِّرًا عن كلام ربِّه بلسانه ، وراغبًا إليه بجنابه .. وهذا من أعظم إحسانه ،
كما قال ابن عباس رضى الله عنه في تفسير قول الله عز و جل :
{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} ،،،
[يونس: 58]، إنه القرآن .
4) عَلَّمه بعد حفظه من معانيه ، ومن شريعة نبيه صلى الله عليه و سلم ، ومن حقائق علمه أثرًا ونظرًا .. وقد قال تعالى :
{.. يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ..} ،،،
[المجادلة: 11]
.. وأعظم العلم ؛ العلم بالقرآن ، فكل ما شغلك عن القرآن فهو مشغلة .
5) ما أحسنَ به إليه ، وأنعم عليه من : العمل بما عَلِم ..
وهذا هو ثمرة العلم ، وقد قال تعالى
: {.. إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ..} ،،،
[ فاطر: 28] .
6) إحسانه إليه وتوفيقه حتى يَنْشرَ ما علم في عباده .. ويكون نور بلاده ، يُستضاءُ بسراجه ، ويُقْتفَى واضحَ منهاجه ..

***وأما المُتممة : فهو ما أنعمَ به عليه ، وأحسنَ إليه ، من إظهار عوارف وإدرار لطائف ، شرفَ بها نوعه ، وأكمل بها وصفه ، ويشتمل على أربع شُعَب :

1) ما أنعم به عليه من : كمال الصورة ، واعتدال الخِلقة ، وفصاحة اللسان ، وسلامة الهيئة من تشوهٍ أو نقص عضوٍ .. وهذه نعمة من الله عليه ومن لطفه به .
2) ما أنعم به عليه : من انتظام الحال واتساع المال ..
حتى لا يحتاج إلى أحدٍ من الخلق في اكتساب الرزق ، ويحتاج إليه غيره ،
فيعُمهم خيره .. وهذه نعمةٌ يجب شكرها ، إذ ليس كل أحدٍ يُعطاها .

3) ما أنعم به عليه : من عُصبة وعشيرة .. وهي الرُفقة الصالحة التي تأخذ بيده وتحوطه من وراءه وهي مرآة لنفسه ؛ فتُبصره بعيوبه وتكن عونًا له على الطريق .
4) ما يُنعم به عليه من المرأة الصالحة الموافقة ، فتسكن إليها نفسه .. وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"إنما الدنيا متاع ، وليس من متاع الدنيا شيء أفضل من المرأة الصالحة" ،،،
[رواه ابن ماجه وصححه الألباني (1855)]
5) ما أنعم عليه من صحة الجسم وفراغ البـال ..
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم
: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ؛ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ" ،،،
[صحيح البخاري]

حظ المؤمن من اسم الله تعالى المُحْسِن
المنزلة الأولى : الإحســان مع الله تعالى ..
يقول الله تعالى :
{
وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ
نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ..}
،،،
[القصص : 77] ..
راقب ربَّك الوهاب المنَّان المُنْعِم عليك في كل وقتك ، ولا تنس ذلك ..

والطريق لأن تكون مُحسنًا مع ربِّكَ عز وجل .. يبدأ بـــ ::

1) الإخلاص ..
وذلك بأن تضع الآخرة نُصب عينيك ، تذكَّر دائمًا أبدًا أن هناك جنَّة ونــار وأن الموت آتيـــك لا محالة .
2) التوازن بين مُتطلبات الحيــاة والسير إلى الآخرة ..
فاعطِ
كل ذي حقٍ حقه .. فعليك أن تُحْسِنَ في طلب الحلال ، كما أحسنَ إليكَ في
الإحلال .. وعليك أن تعمل في الدنيا للآخرة ؛ حتى تبلغ هذا المقام .

3) إتقــان العبـــادة ..
عن أبي ذرٍّ رضى الله عنه قال :
"أوصاني خليلي صلى الله عليه و سلم أنْ أخشى الله كأنِّي أراهُ، فإنْ لم أكن أراه، فإنَّهُ يراني"
،،، [جامع العلوم والحكم (4:49)]
.. فتحتاج أن تتعلم الفقه ؛ لكي تكون عبادتك على هدي النبي صلى الله عليه و سلم .. وغيرها من العلوم التي تُعينك على الإحسان في عبادتك لله تعالى .
4) المُراقبـــة ..
لذلك حينما سُئِل النبي صلى الله عليه و سلم عن الإحسان ، قال :
"أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" ،،،،
[رواه مسلم]
5) الشكر لله تعالى .. فهل جزاء كل تلك النِعَم التي أحسن الله تعالى عليك بها إلا الشكر له سبحانه ؟
6) مُواجهة المُلِمات بالصبـــر عليها .. قال تعالى :
{وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} ،،،
[هود: 115]
7) مُجـــاهدة النفس .. بكظم الغيظ ومُحاربة الشُح وكبح شهوة الانتقـــام ، يقول الله تعالى : {الَّذِينَ
يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ
وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
،،،
[آل عمران: 134] ..
فمُجاهدة النفس لتحقيق تلك الأمور ، من علامات إحســان العبــد .
8) الجهــاد في سبيل الله .. كما في قول الله جل و علا :
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} ،،،
[العنكبوت : 69]

المنزلة الثانيـــة : الإحســان إلى الخلق ..
1) بتعليمهم ما ينفعهم في دينهم ، ويكون سببًا في نجاتهم في الدنيــا والآخرة ..
من علوم الكتاب والسُّنَّة وفقه السلف ، وإرشادهم إلى طرق الخيرات
والقُربات ، وتحذيرهم مسالك الشر والهلكات .. يقول الله سبحانه وتعالى :

{
لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا
مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ
وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ
لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}
،،
[آل عمران : 164]
2) حُسن معاملة الضعفاء منهم .. كالإحسان إلى اليتيم ، يقول الله تعالى :
{وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ..} ،،،
[الأنعام : 152]
3) دفع الخصومـة والخلافـــات .. يقول الله جل و علا :
{وَلَا
تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ
حَمِيمٌ}
،،،
[فصلت : 34] ..

فأحْسِن تعاملك مع الخلق ، بداية من رد السلام إلى آخر ما جاء به الإسلام ..
ولا تُعامل الناس بمُعاملاتهم ، وإنما عاملهم بما تُحب أن يُعاملوك به وبما تُحب أن يراك الله عليه ..

وإذا وصلت إلى منزلة الإحسان مع الله ومع الخلق ، فأبشِر بخيري الدنيــا والآخرة ..
فــ{.. إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} ،،
[البقرة : 195] ،،،،
وأبشِر بالفردوس الأعلى ؛ فإنها مثوى المُحسنين ..
{ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ} ،،،
[الزمر : 34]
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من عباده المحسنين ،،



الموضوع الأصلي : معاني و أسرار الأسماء و الصفات // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: سندس واستبرق


توقيع : سندس واستبرق








مواضيع ذات صلة


معاني و أسرار الأسماء و الصفات Collapse_theadتعليمات المشاركة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة




Powered by wsaya
Copyright © 2015 wsaya,